معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

ويستحبّ للمؤمن نكاح المؤمنة ، وتجب إجابته مع القدرة وإن كان منخفضا ، ويعصي الوليّ بردّه.

ويكره تزويج الفاسق لا سيّما شارب الخمر ، ولا يعتبر في الكفاءة الحريّة وشرف النسب واليسار ، فيجوز أن يتزوّج العبد بالحرّة ، وغير الهاشمي بالهاشميّة ، والعجمي بالعربية ، وبالعكس ، وذو الصنعة الدنيّة بالشريفة ، والفقير بالمؤسرة ، وليس لها الفسخ لو تجدّد عجزه ، [ عن النفقة ] ، وكذا لو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها ، أو ظهر تقدّم زناها.

الباب الثالث : في الصّداق

وليس ذكره شرطا في العقد الدائم ، فهنا مطلبان

[ المطلب ] الأوّل : في ذكره ، والنظر في أمور :

[ الأمر ] الأوّل : في المهر الصحيح

وهو ما يصحّ تملّكه ، عينا كان أو منفعة ، ولا فرق بين منفعة الحرّ وغيره ، فلو أصدقها عملا محلّلا ، أو تعليم صنعة أو سورة أو إجارة الزوج نفسه مدّة معيّنة صحّ.

ويجوز للذّميين العقد على خمر أو خنزير ، ولو أسلم أحدهما بعد القبض برئ الزّوج ، وقبله تجب القيمة عند مستحلّيه ، معيّنا كان أو مضمونا.

٢١

ولا حدّ للمهر في القلّة والكثرة ، فيصحّ على الأقلّ من مهر السنّة والأكثر منه.

ولا يشترط ذكره ، فلو أغفله أو شرط ألا مهر صحّ ، ويجب مع الدخول مهر المثل.

ولا يجب تقدير المعيّن كهذه الصبرة ، ويجب تقدير المضمون بالكيل أو الوزن أو الوصف الرافع للجهالة ، فلو أبهمه فسد دون العقد.

ولو أصدقها تعليم سورة وجب تعيينها ، فلو أبهمها فسد المهر ، وإذا عيّنها تعيّنت وإن لم يعرفها ، ولو طلبت غيرها لم يجب إجابتها ، ولا يجب تعيين الحروف وتلقينها الجائز (١) وحدّه الاستقلال ولا يكفي تتبّع نطقه ، ولو استقلّت بالآية ثمّ نسيتها بعد تلقين الثانية لم يلزمه إعادة التعليم.

ولو تعذّر تعليمها أو تعلّمت من غيره فله الأجرة ، وكذا الصنعة.

ولو تزوّج أكثر من واحدة بمهر واحد صحّ ، وقسط على مهور أمثالهن.

ولو عقد على خادم أو بيت أو دار ولم يعيّن ولا وصف فلها الوسط.

ولو تزوّج على كتاب الله وسنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالمهر خمسمائة درهم.

ولو تزوّجها بمهر سرّا وبآخر جهرا ، فالمعتبر الأوّل.

ولو تلف المهر قبل تسليمه ضمن مثله أو قيمته عند تلفه ، وإتلاف المرأة قبض.

__________________

(١) المراد من « الحروف » القراءة ، المنقسمة إلى القراءة المشهورة وهي الجائزة ، والشاذّة وهي غير الجائزة ، والمصنّف أخذها بالإطلاق ولم يوجب تعين القراءة الجائزة تبعا للعلّامة في القواعد حيث قال : « لم يجب تعيين الحروف ولقّنها الجائز على رأي ».

لاحظ القواعد : ٣ / ٧٤ ، وجامع المقاصد : ٣ / ٣٤٥ ، والمبسوط : ٤ / ٢٧٣.

٢٢

ولو أتلفه أجنبيّ رجعت عليه أو على الزوج.

ولها الامتناع من تسليم نفسها قبل الدخول حتّى تقبضه مؤسرا كان الزوج أو معسرا لا بعده.

وإذا دفعه الزّوج وجب عليها التمكين ، ولو طلبت الإمهال للتنظيف أو للحداد (١) أجيبت ، لا لتحصيل الجهاز أو النقاء من الحيض.

ولا تمتنع مع تأجيله ، فلو امتنعت فحلّ ففي جواز الامتناع توقّف.

ولو قبضته فامتنعت لم يكن له استرداده ، بل استرداده ، بل تجبر على التمكين.

وتمهل المريضة والصّبيّة ، ولا يجب دفعه مع تعذّر الاستمتاع ، وفي الصبيّة توقّف.

ويستقرّ المهر بالدخول قبلا أو دبرا ، وبموت أحد الزّوجين ، لا بالخلوة.

ويستحبّ تقليل المهر ، ويكره مجاوزة مهر السنّة ، والدخول قبل تقديم المهر أو بعضه أو غيره ، ولو هدية ولو دخل قبل تسليم المهر لم يسقط بل هو دين وإن طالت المدّة.

ولو لم يسمّ مهرا ودخل ، فإن قدّم شيئا كان هو المهر ، وإلّا وجب مهر المثل.

__________________

(١) وفي القواعد : ٣ / ٧٥ : وإذا سلّم الصداق فعليه أن يمهلها مدّة استعدادها بالتنظيف والاستحداد ». وفي لسان العرب : الاستحداد : الاحتلاق بالحديد.

٢٣

الأمر الثاني : في المهر الفاسد

وله أسباب :

الأوّل : عدم قبول الملك كالخمر والخنزير مع إسلامهما أو إسلام أحدهما ، أو ما لا قيمة له كالحرّ ، أو ما لا منفعة فيه ، أو كانت غير مباحة ، فلو تزوّجها على شي‌ء من ذلك صحّ العقد وفسد المهر ، وكذا لو أصدقها ظرفا على أنّه خلّ فبان خمرا ، أو عبدا فبان حرّا ، ولو ظهر مستحقّا وجب مثله أو قيمته.

الثاني : جهالة المضمون ، فلو عقد على مجهول أو ضمّه إلى معلوم صحّ العقد وفسد المهر ، ويجوز الجمع بين التزويج والشراء والإجارة ، ويقسط العوض بنسبة مهر المثل والقيمة والأجرة ، ولو جمع بين تزويج أمته وبيعها بطل النكاح ، ويسقط من العوض بنسبة مهر المثل.

ولو جمعت بين نكاحها وبيع دينار بدينار صحّ النكاح بما يقتضيه التقسيط وبطل البيع ، ولو اختلف الجنس صحّ الجميع.

الثالث : عدم الغبطة ، فلو زوّجها الوليّ بدون مهر المثل ، أو زوّجه بأكثر منه بطل المهر ، وصحّ العقد.

الرابع : اقتضاء ثبوته نفيه ، كما لو زوّج ابنه بامرأة وأصدقها من يعتق على الابن ، كأمّه المبتاعة بعد ولادته ، أو أخته ، فيصحّ (١) العقد ويفسد المهر ، لأنّها تعتق على الابن ، لدخولها في ملكه قبل الزوجة.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : صحّ.

٢٤

وقد يفسد العقد والمهر كما لو زوّج عبده بحرّة وجعل رقيّته صداقها وبمخالفة الزوجة كما لو عيّنت مهرا فزوّجها بأقلّ منه ، أو لم يذكر مهرا.

ولو أطلقت التزويج اقتضى مهر المثل ، فلو زوّجها بأقلّ ردّ إليه ، ولو لم يذكر مهرا بطل العقد على توقّف.

تتمّة

عقد النكاح قابل للشرط الصحيح ، وهو ما كان سائغا مقدورا ، فلو شرط أن لا يقتضّها صحّ.

ولو أذنت بعده جاز ، ولو شرط أن لا يخرجها من بلدها لزم ولو شرط لها مهرا إن خرجت معه وأقلّ إن لم تخرج فأراد إخراجها إلى بلد الإسلام لزمها الخروج ، ولو أراد بلد الشرك فلها الامتناع وأخذ الزائد.

ويجوز اشتراط الخيار في المهر ، ثمّ إن اختار ثبوته لزمه ، وإلّا لزمه مهر المثل.

ولو شرط الخيار في النكاح بطل.

ولو شرط ما يخالف المشروع مثل أن لا يتزوّج عليها أو لا يتسرّى ، أو لا ينفق عليها ، أو لا يقسم لضرّتها ، أو لا يمنعها من التبرّج ، بطل الشرط خاصّة ، وكذا لو شرط تسليم المهر في وقت فإن لم يفعل فلا عقد.

ولو سمّى لها مهرا ولأبيها شيئا لزمه المهر خاصّة ، ولو شرط لأبيها من مهرها شيئا ففي لزومه قولان.

٢٥

الأمر الثالث : في تنصيف المهر

تملك المرأة نصف الصداق بالعقد ، فلها التصرّف فيه قبل القبض وبعده ، وتختصّ بالنماء ، وينتصف بالطلاق أو بفسخ لا يكون من جهتها ، فلو لم يدفعه طالبته بالنصف ، فلو تعيّب في يده من قبله فلها نصفه ونصف الأرش (١) ، وكذا لو أخذ أرشه ، ولو كان من قبل الله تعالى فلها نصفه معيبا.

ولو تلف أو غصب فلها مثل نصفه أو نصف قيمته ، فلو اختلفت بين العقد والتسليم لزم الأقلّ (٢) ولو دفعه رجع بنصفه ، فإن تلف ضمنت نصفه ، ولو تعيّب رجع بنصف العين والأرش إن كان بسببها ، أو استوفته وإلّا بنصف العين المعيبة.

ولا يضمن نقص السوق ، ولو زاد زيادة منفصلة فهي لها ، ولو كانت متّصلة فلها دفع نصف العين أو نصف قيمتها عارية عن الزيادة.

ولو زادت ونقصت باعتبارين كوجود صنعة وعدم أخرى لم تجبر الزوجة على دفع نصف العين ولا الزوج على أخذها ، وتجبر على دفع القيمة والزوج على أخذها.

ولو أصدقها حاملا فله نصف الجميع.

ولو أصدقها عبدين فتلف أحدهما ، فله نصف الموجود ونصف قيمة التالف.

__________________

(١) كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : فلو تعيّب في يده من قبلها فله نصفه ونصف الأرش.

(٢) في « ب » : لزمه الأقلّ.

٢٦

ولو كان الصداق تعليم سورة أو صنعة فإن علّمها رجع بنصف أجرة التعليم ، وإلّا رجعت بنصف أجرته.

ولو أمهرها مدبّرة بطل التدبير ، ورجع بنصفها ، ولو عوّضها عن المهر بشي‌ء رجع بنصف المسمّى لا العوض.

ولو وهبته المهر المعيّن أو أبرأته من المضمون ، ثمّ طلّقها أو خلعها به ، رجع بالنّصف ، ولو وهبته نصفه ثمّ طلّقها فله الباقي.

ولو انتقل عنها بعقد لازم كالبيع والعتق رجع بنصف المثل أو نصف القيمة.

ولو تعلّق به حقّ لازم كالإجارة والرّهن ، فإن صبر حتّى يزول أخذ نصف العين ، وإلّا رجع بنصف المثل أو القيمة.

ولو باعت بخيار لها أو وهبت ولم تقبض ، أو دبّرت رجع بنصف العين.

ولو تزوّج الذميّان على خمر فأسلم أحدهما ، فإن كان قبل القبض رجعت عليه بنصف قيمته عند مستحلّيه ، لا بنصفه وإن صار خلًّا ، وإن كان بعده فله نصف القيمة لا نصفه وإن انقلب خلًّا.

الأمر الرابع : في العفو

إذا عفت المرأة عن حقّها صحّ ، ولو عفا من بيده عقدة النكاح ـ وهو الأب والجدّ له لا من تولّيه أمرها ـ عن البعض جاز لا عن الكل.

ويجوز للزوج أن يعفو عن حقّه ، ولا يجوز لوليّه ، لعدم الغبطة.

٢٧

ويصحّ من الزوج في العين بلفظ الهبة والعفو ، ويجب القبول والقبض لا بالإبراء ، لأنّه لا يزيل الملك.

ويصحّ في الدين بلفظ الهبة والعفو أو الإبراء ، ولا حاجة إلى القبول ، ولو عفا من عليه المال لم ينتقل عنه إلّا بالتسليم.

فرع

إذا كان المهر دينا على الزوج ، فإن عفا فهو هبة ، وإن عفت فهو إبراء ، ولو تلف في يد الزوجة انعكس الحكم ، فكلّ موضع يكون هبة لا بدّ من القبض عند التسليم.

مسألة : لو كان المهر فاسدا فأبرأته من مهر المثل بعد الدخول صحّ ، ولو أبرأته منه قبله لم يصحّ ، لعدم الاستحقاق ، وكذا لو تزوّجها مفوّضة فأبرأته قبل الدخول والفرض والطلاق من مهر المثل أو المتعة أو منهما.

تتمّة

إذا زوّج الأب أو الجدّ له الولد الصّغير وله مال لزمه المهر ، وإلّا فهو على الأب وإن بلغ الولد وأيسر ، وكذا لو مات ، ولو مات الأب أخذ من أصل تركته ، ولو دفعه إلى المرأة وطلق الولد بعد بلوغه قبل الدخول ، فله النّصف دون الأب ، وكذا لو تبرّع بالأداء عن الولد الكبير ، وفي الأجنبيّ توقّف.

٢٨

المطلب الثاني : في التفويض

وهو قسمان :

الأوّل : تفويض البضع

وهو أن يعقد بغير مهر ، أو يشرط عدمه ، فإذا تراضيا بعد العقد على شي‌ء لزمه ، سواء كان بقدر مهر المثل أو لا.

ثمّ إن طلّق قبل الدخول فلها نصفه وبعده الجميع ، وإن لم يفرض شيئا فإن طلّق قبل الدخول فلها المتعة ، وبعده مهر المثل ، سواء الحرّة والأمة ، ولا يجبان بمجرّد العقد ، فلو مات أحدهما قبل الفرض والطلاق والدخول فلا شي‌ء.

ولا تجب المتعة بغير الطلاق ، فلو اشترى زوجته المفوّضة بطل النكاح ، ولا مهر ، ولا متعة ، وللمرأة المطالبة بالفرض وحبس نفسها لأجله.

ويجوز الزيادة على مهر المثل والسنة ، فإن تعاسرا فرض الحاكم لها مهر المثل.

ويشترط في المفوّضة البلوغ والرشد.

وللوليّ أن يزوّج الصغيرة مفوّضة ، فتثبت المتعة بالطلاق قبل الدخول ، ومهر المثل بعده.

وقيل : لا يجوز فيثبت (١) مهر المثل بالعقد ونصفه بالطلاق (٢).

__________________

(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : وقيل : يجوز فيثبت.

(٢) نسبه في جامع المقاصد إلى الشيخ في المبسوط ، لاحظ جامع المقاصد : ١٣ / ٤١٧ ؛ والمبسوط : ٤ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥.

٢٩

وللمولى أن يزوّج أمته مفوّضة ، فلو باعها فإن أجاز المشتري النكاح كان فرض المهر بينه وبين الزوج والمهر له.

ولو أعتقها قبله فأجازت العقد ، فالفرض إليه وإليها ، والمهر لها.

ويعتبر في المتعة حال الزوج فيمتّع الغنيّ بالدابّة أو الثوب المرتفع أو عشرة دنانير ، والمتوسّط بالثوب المتوسط أو خمسة دنانير ، والفقير بالدينار أو الخاتم.

ويعتبر في مهر المثل حال الزوجة في الشرف والجمال ، وعادة نسائها من أهل بلدها إن ساوتهنّ في العقل واليسار والجمال والبكارة ، وكلّما يختلف المهر بسببه ، هذا إن لم يتجاوز مهر السنّة ، فإن تجاوز ردّت إليه ، وتساويها أقاربها دون أمّها.

ويعتبر مهر المثل عند العقد ، فلا عبرة بزيادة صفاتها ونقصانها عند الوطء.

ويكره أن يدخل بالمفوّضة قبل الفرض.

القسم الثاني : تفويض المهر

وهو أن يذكر مجملا ، ويفوّض تقديره إلى أحد الزّوجين ، وفي الأجنبي توقّف ، فتقول : زوّجتك نفسي على ما شئت أو شئت أو ما شاء زيد ، فإن كان الحاكم الزوج حكم بما شاء ، قلّ أو كثر وإن زاد على مهر المثل أو السنّة ، وإن كان الزوجة لم يقدّر في طرف القلة بل في طرف الكثرة ، فلا تزيد على مهر السنّة.

٣٠

ولو طلّقها قبل الدخول وبعد الحكم لزمه نصف ما حكم به ، وإن كان قبلهما ألزم من إليه الحكم به ، ولها نصفه.

ولو مات الحاكم قبل الحكم فلها المتعة ، ولو مات قبل الحكم وبعد الدخول فلها مهر المثل.

ولو مات بعد الحكم فلها ما حكم به سواء دخل أو لا.

الأمر الخامس : في التنازع

إذا اختلفا في أصل المهر قدّم قوله مع اليمين ، ثمّ إن طلّق قبل الدخول فعليه المتعة ، وبعده مهر المثل ، إلّا أن يقصر ما تدّعيه عنهما ، وكذا لو اختلفا في قدره أو وصفه أو في كون المدفوع هبة أو مهرا.

ولو اختلفا في التسليم قدّم قولها مع اليمين سواء دخل أو لا ، وكذا لو قالت : علّمني غير السورة أو الصنعة ، أو ادّعى تكرار العقد الواحد وادّعت تغايرهما ، فيجب عليه مهران.

ولو خلا بها فادّعت المواقعة قبلا فأنكر الزوج ، فإن أقام بيّنة بالبكارة بطلت دعواها ، وإلّا فالقول قوله مع يمينه.

والوارث تابع إلّا أنّه يحلف (١) على نفي العلم.

ولو كان أحد الزّوجين في هذه المواضع صغيرا أو مجنونا أخّر يمينه حتّى يكمل.

__________________

(١) في « أ » إلّا أن يحلف.

٣١

القسم الثاني :

في النكاح المنقطع

وهو سائغ في الإسلام لتحقّق شرعه وعدم نسخه ، وفيه مطلبان

[ المطلب ] الأوّل : في أركانه

وهي أربعة :

الأوّل : العقد ، وإيجابه وقبوله كالدائم ، ويزيد وجوب ذكر المهر والأجل ، فتقول : متّعتك نفسي مدّة كذا وكذا ، والقبول كلّ لفظ دلّ على الرضى مثل : قبلت ، ورضيت.

ولا ينعقد بلفظ الهبة والإجارة وغيرها من العقود.

ويصحّ تقديم القبول مثل تمتّعتك مدّة كذا بكذا ، فتقول متعتك أو زوّجتك أو أنكحتك.

ولا يصحّ بغير الماضي على الأقوى.

الثاني : المتعاقدان، ويشترط كمالهما ، وكون الزوج مسلما أو مؤمنا إذا كانت الزوجة كذلك ، وكون الزوجة مسلمة أو كتابيّة ، ويمنعها من شرب الخمر وارتكاب المحارم ، وتحرم على المسلم الوثنيّة والناصبيّة.

ولا يجوز إدخال الأمة على الحرّة ، ولا بنت الأخ أو الأخت على العمّة أو الخالة إلّا بإذنهما ، وحكم الدائم في المصاهرة.

٣٢

ويستحبّ أن يستأذن أبا البكر.

ويكره أن يتمتّع ببكر لا أب له ، فإن فعل فلا يفتضّها ، وبالزانية.

تفريع : لو أسلم المشرك على كتابيّة استقرّ العقد وإن لم يدخل ، ولو أسلمت قبله ، انفسخ العقد قبل الدخول ، وبعده تنتظر العدّة أو المدّة فأيّهما انقضت قبل إسلامه انفسخ ، ولزمه المهر.

ولو أسلم على وثنية قبل الدخول انفسخ ، وبعده يقف على انقضاء العدّة أو المدّة.

الثالث : ذكر المهرفيبطل العقد بإهماله ، ويشترط فيه صحّة التملك ، وتقديره بالكيل ، أو الوصف ، أو الوزن ، أو المشاهدة ، وحدّه التراضي فيصحّ على كفّ من برّ ، ويجب [ دفعه ] بالعقد ويستقرّ بالدخول بشرط الوفاء بالمدّة ، فلو أخلّت ببعضها وضع منه بنسبتها.

وينتصف بهبة المدّة قبل الدخول.

ولو ظهر فساد العقد قبل الدخول فلا شي‌ء وتردّ ما أخذت ، ولو كان بعده فلها المسمّى مع جهلها ، ولا شي‌ء مع علمها.

ولو منع من الاستمتاع بحيض أو مرض أو موت أو ظالم لم ينقص من المهر شي‌ء وإن استغرق المدة.

الرابع : ذكر الأجل ، ويجب تقديره بالزمان المضبوط كاليوم ، والليلة ، والشهر ، والسنة ، فلو أبهمه أو قيّده بعمل كخياطة الثوب بطل.

ولو أخلّ به فالأكثر ينقلب دائما ، وقيل : يبطل (١) وإن قيّده ببعض يوم فإن

__________________

(١) وهو قول العلّامة في القواعد : ٣ / ٥٢.

٣٣

قرنه بغاية معلومة كباقي هذا اليوم أو إلى الزوال صحّ ، وإلّا فلا.

ولو قال : مرّة أو مرّتين فإن قيّده بزمان مضبوط صحّ وإلّا فلا ، ولو انقضى الزمان قبل الفراغ بطل ، ولا حدّ للزمان في القلّة والكثرة.

وإطلاق العقد يقتضي اتّصال المدّة بالعقد ، ويجوز تأخيرها عنه ، فليس له وطؤها ولا نكاح أختها ولا بنتها قبل حضورها ، وليس لها نكاح غيره ، ولو مات بطل العقد ولا مهر ولا عدّة.

المطلب الثاني : في أحكامه

للبالغة الرشيدة أن تعقد بغير إذن الوليّ وإن كانت بكرا ، ولا يجب بهذا العقد نفقة ولا ميراث وإن شرطا.

وتقبل الشروط السائغة وتلزم إذا وقعت في متنه ، ولا يجب إعادتها بعده ، ولا عبرة بالمتقدّمة والمتأخّرة ، ويجوز اشتراط الإتيان ليلا أو نهارا ، والعزل بغير إذنها ، ويلحق به الولد ، وينتفي بنفيه بغير لعان ، ويقع بها الظهار دون الطلاق واللعان والايلاء وتبين بانقضاء المدّة أو هبتها.

وتعتدّ مع الدخول بحيضتين ، ولو لم تحض وهي في سنّه فبخمسة وأربعين يوما.

وتعتدّ الحائل من الوفاة (١) بأربعة أشهر وعشرة أيّام وإن لم تدخل ، والحامل بأبعد الأجلين ، والأمة الحائل بشهرين وخمسة أيّام ، والحامل بأبعد الأجلين.

__________________

(١) في « أ » : في الوفاة.

٣٤

القسم الثالث :

في نكاح الإماء

ويستباح بأمرين :

الأوّل : العقد (١)

وفيه فصلان

[ الفصل ] الأوّل في محلّه

وفيه مباحث

الأوّل : لا يجوز العقد على أمته إلّا أن يجعل عتقها مهرها ، ولا على أمة غيره إلّا بإذنه وإذن زوجته الحرّة ، ولا يشترط عدم الطول وخوف العنت.

فلو تزوّج بغير إذن المولى وقف على الإجازة ، فلو وطأ قبلها عالما بالتحريم فهو زان ويجب الحدّ والمهر إن كانت جاهلة ، وأرش البكارة مطلقا ولو علمت وطاوعت حدّت أيضا ولا مهر ، والولد رقّ للمولى.

ولو وطأ جاهلا أو بشبهة فلا حدّ ، والولد حرّ ولمولاها قيمته يوم ولد حيّا والمهر إن كانت جاهلة وإلا فلا.

__________________

(١) كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : أحدهما العقد.

٣٥

ولو ادّعت الحريّة فعقد عليها لزمه العشر إن كانت بكرا ونصفه إن كانت ثيّبا ، ويستعيد المهر ، ولو تلف تبعت به ، والولد رقّ ويفكّه الزّوج بقيمته يوم سقط حيّا ، ويلزم المولى دفعه ، ولا يتبعها به ، وإن كان معسرا سعى في القيمة ، فإن أبى (١) قيل : يفديهم الإمام من سهم الرقاب (٢) وقيل : من سهم الغارمين.

الثاني : لو تزوّج أمة بين اثنين فاشترى حصّة أحدهما بطل العقد وإن أجازه الشريك أو أحلّها ، ولو كان بعضها حرّا لم يجز للمالك وطؤها بالملك ولا بالعقد دائما أو منقطعا ، وإن هاياها وعقد في الزمان المختصّ بها ، وكذا لو عقد غيره.

الثالث : لا يجتمع العقد والملك، فلو ملك زوجته أو بعضها ، أو ملكت زوجها أو بعضه ، انفسخ العقد. ثمّ إن كان المالك الرجل استباحها بالملك ، وإن كان المرأة حرمت إلّا أن تعتقه وتجدّد العقد.

الرابع : لو تزوّج العبد بحرّة بغير إذن مولاه ، فإن علمت بالتحريم فلا مهر ولا نفقة ، والولد رقّ ، وإن جهلت تبع العبد بالمهر ، والولد حرّ ولا قيمة عليها ، ولو أذن مولاه فالولد حرّ ، ولو شرط رقّه لزم ، وكذا لو زوّج أمته بحرّ وشرط رقّ الولد ، وحينئذ يمكن أن يكون العلوي رقّا ، فلو كوتب منع من الزكاة لا من الخمس.

الخامس : ليس للعبد ولا للأمة العقد بغير إذن مولاهما، فلو بادر أحدهما وقف على الإجازة ، ولا يجب تخصيص الإذن ، فلو أطلقه تخيّر المأذون في التعيين ، وإذا أذن مولى العبد فعليه المهر والنفقة لزوجته أو لمولى الأمة فلو أعتقه

__________________

(١) في « أ » : فإن كان أبى.

(٢) وهو قول الشيخ في النهاية : ٤٧٧ ، والقاضي في المهذب : ٢ / ٢١٦.

٣٦

سقطت عنه النفقة دون المهر ، ولو باعه وجبت على المشتري إن أجاز.

ولو تعدّد المولى افتقر إلى إذن الجميع.

والإجازة تنفيذ فتجب نفقة المدّة الّتي قبلها.

السادس : إذا زوّج أمته فعليه تسليمها إلى زوجها ليلا ، ويجب كمال النفقة ، وقيل : ليلا ونهارا ، وللزوج نقلها إلى منزله ، وللمولى السفر بها ، فتسقط النفقة إلّا أن يصحبها الزوج ، وليس للمولى منعه.

السابع : إذا زوّج عبده بأمته وجب القبول، ويستحبّ للمولى أن يعطيها شيئا ، ولو تزوّج بأمة غيره فإن أذنا أو لم يأذنا فالولد لهما إلّا أن يشترطه أحدهما ، ويجوز أن يشترط الأكثر ، ولو أذن أحدهما فالولد للآخر ولو كان أحدهما مشتركا فأذن أحدهما ومولى المختصّ فالولد للجميع على توقف.

الثامن : لو زنى العبد بأمة مولاه أو تزوّجها بغير إذنه ، فالولد رقّ.

ولو زنى بأمة غيره فالولد لمولى الأمة.

ولو زنى بالحرّة فالولد حرّ.

٣٧

الفصل الثاني : في مبطلاته

وهي ثلاثة :

الأوّل : العتق

إذا أعتقت (١) الأمة فلها الفسخ ، سواء كان زوجها حرّا أو عبدا ، ولو كانت تحت عبده أو عبد غيره ثمّ أعتقا دفعة أو على الترتيب ، فلها الخيار خاصّة ولا خيار للعبد لو أعتق ولا لزوجته إن كانت حرّة ، ولا لمولاه ، ولا لمولى زوجته.

والخيار على الفور ، فلو جهلت ثبوته أو عتقها أو الفوريّة لم يسقط ، ولا خيار للصغيرة والمجنونة إلّا بعد الكمال ، ولو أعتقت في العدّة الرجعيّة فلها الفسخ ، فإن فسخت منع من الرجعة ، واتمّت عدّة الحرّة ، وإن لم تفسخ فراجع فلها الفسخ ، وتستأنف عدّة الحرّة.

ولو أعتق بعضها فلا خيار حتّى يعتق الباقي ، ولو فسخت قبل الدخول فلا شي‌ء لها ، وبعده لها المسمّى.

ويجوز أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها ، ويلزم العقد ، ولا يشترط تقديم العقد ولا العتق ، فيقول : أعتقتك ، وتزوّجتك ، وجعلت عتقك مهرك ، ولا يجب القبول ، ولا يتعدّى إلى أمة الغير.

ولا يصحّ عتق بعض الأمة مهرا ، سواء كان الباقي حرّا أو رقّا أو لغيره ،

__________________

(١) في « أ » : عتقت.

٣٨

ولا عتق جميعها وجعل بعضه مهرا على توقّف.

ولو كان ثمنها دينا فأعتقها ، وجعل عتقها مهرها ، ثمّ أولدها ، وأفلس بالثمن ، ومات قيل : تباع في الدين ويصير الولد رقّا (١) وفيه توقّف.

فإذا طلّقت المجعول عتقها مهرها قبل الدّخول ، نفذ العتق ورجع عليها بنصف القيمة عند العقد.

ولا تنعتق الأمة بالاستيلاد ، بل يمنع المولى من بيعها ، وتعتق بوفاته من نصيب ولدها ، فإن نقص أو لم يخلف سواها سعت في الباقي دون الولد ، ولو مات قبل أبيه عادت رقّا وجاز بيعها.

ويجوز البيع مع وجوده في ثمن رقبتها إذا لم يملك المولى سواها ولا تباع في الدين إذا قصرت التركة عنه.

الثاني : البيع

إذا بيع أحد الزوجين فللمشتري الفسخ والإمضاء على الفور ، سواء كانا رقّين أو أحدهما ، ولو كانا لاثنين فبيع أحدهما تخيّر المشتري ، فإن أجاز تخيّر مالك ، الآخر ، وإن بيعا واتّحد المشتري تخيّر ، وإن تعدّد فلكلّ الخيار.

فلو اختلفا قدّم الفسخ ، ولو كانا لواحد واتّحد المشتري تخيّر ، وإن تعدّد تخيّرا فلو تخالفا قدّم الفسخ.

ولو باع أحدهما تخيّر البائع والمشترى.

__________________

(١) وهو قول الشيخ في النهاية : ٥٤٤ ـ ٥٤٥.

٣٩

ولو باع الأمة قبل الدخول ، فإن فسخ المشتري سقط المهر ، وإن أجاز كان له.

ولو باعها بعده ، فالمهر له ، سواء أجاز المشتري أو لا.

ولو باع العبد فللمشتري الفسخ وإن كانت زوجته حرّة ، وعلى البائع نصف المهر إن كان قبل الدخول ، والجميع بعده.

ولو باع أمته ثمّ ادّعى أنّ حملها منه وأنكر المشتري ، لم يقبل قوله في فساد البيع (١) ، ويقبل في التحاق الولد ، لأنّ إمكان الضرر بشرائه قهرا نادر. (٢)

الثالث : الطلاق

إذا تزوّج العبد بإذن مولاه فالطلاق بيده ، وليس له إجباره عليه ، ولا منعه منه إذا كانت زوجته حرّة أو أمة غيره ، ولو كانت أمة مولاه فله التفريق بغير لفظ الطلاق ، كالفسخ والأمر بالاعتزال ، ولا يعدّ في الطلقات.

وليس الأمر بالطلاق فسخا ، ولو طلّقها الزوج ثمّ باعها مولاها أتمّت العدّة وكفت عن استبراء المشتري.

__________________

(١) لأنّ البائع يدّعي أنّه باع أمّ الولد وبيع أمّ الولد في غير المواضع المستثناة باطل.

(٢) لمّا كان قبول إقراره في الولد موجبا لضرر المشتري وذلك عند ما مات البائع ولم يكن له وارث غير الولد المقرّ به ، فعندئذ يشترى الولد من تركة البائع ، وهذا يورث ضررا على المشتري.

فدفع المصنف هذا الإشكال بأنّه فرد نادر لا يوجب عدم قبول إقراره. ولاحظ جامع المقاصد : ١٣ / ١٤٩ ـ ١٥٠.

٤٠