معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

فرع

لو كان اسم زوجته وجارته « سعدى » فقال : سعدى طالق ، وقال : أردت الجارة لم يقبل ، ولو قال : إحداكما طالق قبل.

ولو كان له زوجتان : زينب وعمرة ، فقال : يا زينب ، فقالت عمرة : لبّيك ، فقال : أنت طالق ، طلّقت المنويّة ، ولو قصد المجيبة لظنّها زينب بطل.

الثاني : دوام العقد ، فلا يقع بالمستمتع بها (١) ولا بالمحلّلة.

الثالث : الاستبراء ، فلا يقع في طهر المجامعة إلّا أن تكون صغيرة أو يائسا أو حاملا أو مسترابة وقد اعتزلها ثلاثة أشهر لم تردما ، فإن طلّقها قبل مضيّ الثلاثة لم يقع إلّا أن تحيض فيقع بعده.

الرابع : الطهر من الحيض والنفاس ، ويعتبر في المدخول بها الحائل الحاضر زوجها أو من هو بحكمه وهو الغائب دون المدّة المشترطة ، فلو طلّق غير المدخول بها أو الحامل في الحيض أو النفاس صحّ ، وكذا طلاق الغائب وإن صادف الحيض أو النفاس.

وحدّ الغيبة أن يعلم انتقالها من الطهر الّذي جامعها فيه إلى آخر ، ويكفي الظنّ ، والحاضر الممنوع عنها كالغائب.

الخامس : تعيّنها إمّا بالاسم أو بالإشارة لفظا أو نيّة كقوله : إحدى نسائي طالق ، وينوي واحدة ، ويقبل تفسيره ، ولو لم ينو واحدة أو قال : زينب طالق أو

__________________

(١) في « أ » : بالمتمتّع بها.

١٠١

عمرة ، أو هذه طالق أو هذه بطل ، وقيل : يعيّن من شاء (١) وإن مات قبله أقرع.

فعلى هذا لو قال : هذه طالق أو هذه وهذه ، فإن قصد عطف الثالثة على المطلّقة منهما طلّقت في الحال ، وعيّن منهما من شاء ، وإن قصد عطفها على الأولى أو على الثانية كان لها حكمها.

وإن لم يقصد شيئا ، قيل : هي معطوفة على الثانية لقربها ، وقيل : على المطلّقة ، فعلى الأوّل تكون تابعة لها ، فإن عيّنها للطلاق طلّقت معها ، وإن عيّن الأولى طلّقت خاصّة ، وعلى الثاني تطلق في الحال ، ويعيّن من الأولتين من شاء.

ولو مات قبل التعيين أقرع ، وتكفي رقعتان.

وكذا لو قال : زينب أو عمرة طالق.

الركن الثالث :

الصّيغة

وهي : أنت طالق ، ويشترط في الجزء الأوّل دلالته على المطلّقة صريحا ، مثل أنت أو هذه أو فلانة أو زوجتي أو كلّ امرأة لي طالق ، ولا يجزئ ما يدلّ على البعض وإن عبّر به عن الجملة ، مثل وجهك أو نفسك أو عينك أو رأسك أو بدنك ولا يصحّ إضافته إليه مثل أنا منك طالق.

و [ يشترط ] في الجزء الثاني صيغة طالق ، ولو قيل : طلّقت فلانة ، فقال : نعم ، فقولان.

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ٥ / ٧٩.

١٠٢

ولا يقع بقوله : طلّقتك وأنت مطلّقة أو الطلاق ، أو من المطلّقات وإن نوى به الطلاق ، ولا بالكناية وإن نواه ، مثل أنت خليّة ، أو بريّة ، أو بائن ، أو حرام ، أو بتّة ، أو بتلة ، أو اعتدّي ، أو حبلك على غاربك ، أو الحقي بأهلك ، وكذا لو خيّرها فاختارت نفسها في الحال ، ولا بالكتابة وإن كان غائبا.

و [ يشترط ] في الجزءين أمور :

الأوّل : إيقاعهما بالعربيّة مع القدرة ، ولا يقع بالإشارة إلّا مع العجز عن النطق.

الثاني : أن يقصد الإنشاء ، فلو قصد الإخبار بطل ، ويصدّق في قصده.

الثالث : التنجيز ، فلو علّقه بشرط أو صفة بطل ، ولو قال : أنت طالق أن دخلت الدار بفتح « أن » وقع في الحال ان عرفت الفرق ، ولو كسرها بطل.

ولو قال : [ أنت طالق ] لرضى فلان ، فإن قصد الغرض وقع ، وإن قصد الشرط بطل.

ولو قال : أنت طالق إلّا أن يشاء زيد لم يقع ، وكذا لو قال : أنت طالق إن شاء الله تعالى ، إلّا أن يريد البركة.

ولو قال : أنت طالق إن كان الطلاق يقع بك ، فإن علم أنّها طاهرة صحّ ، وإن جهل حالها بطل.

٤. عدم التعقيب بالمنافي فلو قال لطاهر مدخول بها : أنت طالق للسّنّة صحّ ، ولو قال : للبدعة لم يصحّ.

١٠٣

ولو قال : أنت طالق نصف طلقة أو ربع طلقة أو نصف طلقتين لم يقع ولو قال : أنت طالق نصفي طلقة أو ثلاثة أثلاث طلقة أو نصف وثلث وسدس طلقة وقع ، بخلاف نصف طلقة وثلث طلقة وسدس طلقة.

ولو قال : أنت طالق ثلاثا أو اثنتين ، فإن كان مخالفا لزمه ذلك ، وإلّا وقعت واحدة.

ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلّا ثلاثا لغى الاستثناء وصحّت واحدة ، وكذا أنت طالق طلقة إلّا طلقة.

ولو قال : أنت طالق غير طالق ، فإن نوى الرجعة وقعا ، وإن نوى النّقض حكم بالطلقة.

ولو قال : زينب طالق بل عمرة لم تطلق عمرة.

لو قال : أردت بزينب عمرة وهما زوجتان قبل.

ولو قال : أنت طالق ، ثمّ قال : أردت أن أقول : أنت طاهرة قبل ودين بنيّته.

ولو قال لزوجاته : كلّ منكنّ طالق صحّ ، ولو قال : أوقعت بينكنّ أربع طلقات لم يصحّ.

ولو قال : أنت طالق بعد طلقة أو قبلها طلقة لم يقع ، ولو قال : قبل طلقة أو بعدها أو عليها أو معها وقع ، وكذا لو قال : أنت طالق اعدل طلاق أو أكمله أو أحسنه أو أقبحه.

١٠٤

الركن الرابع :

الإشهاد

فلا يقع الطلاق بدون سماع شاهدين عدلين دفعة ، فلو طلق ولم يشهد ثمّ طلّق وأشهد ، صحّ الثاني (١) دون الأوّل ، ولو كان الوكيل أحد الشاهدين لم يصحّ ، ويكفي لو سمعاه اتّفاقا ، فلا تقبل شهادة النّساء وإن انضممن إلى الرّجال ، ولا الفاسق وإن تعدّدا وانضمّ إلى عدل.

ولو تفرّقا في السّماع ، أو سمع أحدهما الإنشاء والآخر الإقرار لم يقع.

ولا يشترط الاجتماع في الأداء ولا عند الإقرار ، ولو شهد من ظاهرهما العدالة دون باطنهما وقع ظاهرا ، ولو علم الزّوج فسق أحدهما لم تبن منه ، ولا تحلّ عليهما ولا على من يعلم فسقهما.

__________________

(١) في « ب » : وقع الثاني.

١٠٥

النظر الثاني : في أقسامه

وينقسم إلى واجب مخيّر كطلاق المظاهر والمولي ، ومندوب كطلاق المشهورة بالزنا ، وعند الشقاق مع عدم الاتّفاق ، ومحظور وهو البدعيّ ، ومكروه وهو غير ذلك ، ولا مباح فيه.

وينقسم أيضا إلى بدعيّ كطلاق الحائض الحائل المدخول بها ، الحاضر زوجها ، والنفساء والموطوءة في طهر المجامعة ، وفي مدّة الاستبراء ، والطلاق ثلاثا.

وإلى شرعيّ وهو :

إمّا طلاق العدّة ، وصورته : أن يطلّق ثمّ يراجع في العدّة ويطأها ، ثمّ يطلّق في طهر آخر ثمّ يراجع ويطأ ، ثم يطلّقها في طهر آخر ، فتحرم عليه حتّى تنكح زوجا غيره ، ثمّ ينكحها ، ويفعل كالأوّل مرّتين ، فتحرم في التاسعة أبدا.

ولا يكون للعدّة (١) حتّى يطأ بعد الرّجعة.

وإمّا طلاق السّنة ، وهو قسمان :

__________________

(١) أي لا يوصف الطلاق بكونه عدّيّا حتّى يطأ بعد الرجعة.

١٠٦

[ القسم ] الأوّل : طلاق السنّة بالمعنى الأخصّ ، وهو أن يطلّقها فإذا خرجت العدّة عقد عليها ووطئها ، ثمّ يطلّقها فإذا خرجت العدّة عقد عليها ووطئها ، ثمّ يطلّقها ، فتحرم عليه حتّى تنكح زوجا غيره ، ولا تحرم هذه في التاسعة ، ولا يهدم استيفاء العدّة تحريمها في الثالثة.

[ القسم ] الثاني : طلاق السنّة بالمعنى الأعمّ ، وله صور :

الأولى : ما ذكر.

الثانية : أن يطلّق ويراجع في العدّة ، ويطلّق قبل الوطء فى طهر آخر.

الثالثة : أن يطلّق ويراجع ، ثمّ يطلّق قبل الوطء في طهر الطلاق ، والأولى تفريق الطلاق على الأطهار.

الرابعة : طلاق الحامل للسنّة على الأقوى ، ويصحّ طلاقها للعدّة (١) إجماعا.

وينقسم إلى بائن وهو طلاق غير المدخول بها ، واليائسة ، والصغيرة وإن دخل بها ، والمختلعة ، والمباراة إلّا أن ترجعا في البذل ، والمطلّقة ثلاثا بينها رجعتان ، وإلى رجعيّ ، وهو ما للزّوج فيه رجعة (٢) سواء رجع أو لا.

__________________

(١) في « أ » : ويصحّ طلاقها للسنّة.

(٢) في « ب » و « ج » : الرجعة.

١٠٧

النظر الثالث : في لواحقه

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل : إذا شكّ في إيقاعه لم يلزمه الطلاق ، وكان النكاح باقيا ، ولو شكّ في عدده لزمه الأقلّ ، ولو طلّقها غائبا ثمّ جاء فدخل ثمّ ادّعى الطلاق لم تقبل دعواه ولا بيّنته ، ولحق به الولد ، ولو طلّق الغائب لم يجز له العقد على رابعة ولا على أخت الزوجة إلّا بعد سنة ، ولو علم خلوّها كفاه العدّة.

وإذا طلّقت المرأة ثلاثا بينها رجعتان حرمت حتى تنكح زوجا غيره ، وكذا لو طلّقها ثلاثا قبل الدخول.

المطلب الثاني : في طلاق المريض ، وهو مكروه ويتوارثان في العدّة الرجعيّة ، وترثه في البائن إلى سنة ما لم تتزوّج أو يبرأ ، فلو تزوّجت ثمّ طلّقت في السّنة أو برئ ثمّ مات في مرض آخر ، أو أعتقت الأمة ، أو أسلمت الذّميّة لم ترثه.

ولو أقرّ [ مريضا ] بالطلاق ثلاثا في الصحّة لم يقبل بالنسبة إليها ، ولو ادّعت وقوعه في المرض وادّعاه الوارث في الصحّة ، فالقول قوله مع يمينه ، ويختصّ الحكم بالطلاق.

ولا ميراث مع اللّعان والفسخ بعيب أو بتجدّد الرضاع ، ولا يمنع

١٠٨

اللواط بعد الطلاق ولا ردّته ، أمّا لو ارتدّت فإن رجعت في العدّة ورثت وإلّا فلا.

المطلب الثالث : في الرّجعة ، وهي إعادة النكاح ، ويصحّ باللفظ مطابقة كراجعتك ، والتزاما كإنكار الطلاق ولفظها الصّريح : رجعت ، وراجعت ، وارتجعت ، ورددتك إلى النكاح ، وتزوّجتك ، وفي أعدت الحلّ ، ورفعت التحريم ، توقّف ، وليس الإقرار إنشاء.

ويشترط تجريده عن الشرط ، فلو قال : راجعتك إن شئت ، لم يصحّ وإن شاءت.

ويرجع الأخرس بالإشارة.

وقد يكون بالفعل : كالوطء واللمس والتقبيل بشهوة ، ويشترط قصد الرجعة به ، فلو وطئ نائما أو جهل أنّها الزّوجة لم يقع.

ولا يمنع من رجعة المرتدّة والذميّة.

ولا يشترط علمها بالرجعة ولا رضاها ، فلو تزوّجت قبل العلم بالرجوع ، فإن أقام بيّنة ردّت إليه بعد الاعتداد من الثاني ، وإلّا حلف الثاني على نفي العلم بالرجوع ، ولو نكل حلف الأوّل وردّت إليه ولو صدّقه [ الثاني ] انفسخ نكاحه ، وحلفت على نفي العلم ، وغرم لها المهر أو نصفه ، ولم تردّ إلى الأوّل.

ولو ادّعى [ الرجعة ] عليها ، فإن صدّقته لم ينفذ على الثاني ، ويرجع الأوّل عليها بالمهر ، وإن كذّبته حلفت ، فإن نكلت حلف الأوّل وغرمت له المهر ، وردّت إليه بعد مفارقة الثاني ، واستعادت المهر.

ويجب وقوعها في العدّة.

ويستحبّ الإشهاد ، فلو ادّعى بعد العدّة الرجوع فيها أو بعدها ، أو

١٠٩

ادّعت الانقضاء فادّعى الرجعة قبله ، أو راجع فأنكرت الدّخول ، قدّم قولها مع اليمين (١)

ولو راجع فادّعت الانقضاء قبلها قدّم قوله مع اليمين.

ولو ادّعت خروجها بالحيض (٢) في زمان يحتمل صدّقت مع اليمين ، ولو كان بالأشهر ، فإن علم التاريخ اتّبع ، فإن اختلفا فيه أو لم يعلم ، قدّم قول الزوج مع اليمين.

ولو صدّقته الأمة في وقوع الرجعة في العدّة وأنكر المولى قدّم قول الزّوج مع اليمين.

ولو كانت حاملا فادّعت الوضع قدّم قولها ولم تكلّف إحضار الولد.

ولو ادّعت الحمل فأنكر فاحضرت ولدا فأنكر ولادتها له قدّم قوله.

المطلب الرابع : في التحليل

ويشترط في المحلّل البلوغ والوطء في القبل حتّى تغيب الحشفة ، وإن كسل ، وكون العقد دائما صحيحا ، فلا تحلّ بالمتعة والملك والإباحة

__________________

(١) والعبارة على إيجازها تحتوي مسائل ثلاث :

١. لو ادّعى الزوج بعد العدّة وقوع الرجعة فيها وأنكرته الزّوجة ، لم تقبل دعواه إلّا بالبيّنة ، فقدّم قولها مع اليمين.

٢. لو ادّعت الزوجة انقضاء العدّة وادّعى الزوج الرجعة قبله ، قدّم قولها أيضا مع اليمين.

٣. لو راجع الزوج بعد الطلاق وادّعت المرأة أنّها غير مدخول بها فلا عدّة عليها ، قدّم أيضا قولها مع اليمين. لاحظ القواعد : ٣ / ١٣٤.

(٢) في « أ » : في الحيض.

١١٠

والعقد الفاسد والوطء بالشبهة ولا بوطء مولاها ولا بملك المطلّق.

ولا يشترط العقل ولا الحريّة ولا الإسلام ، فلو طلّق المسلم ذميّة ثلاثا فتزوّجت ذميّا ثمّ بانت منه وأسلمت ، حلّت للأوّل ، نعم لو وطئها المحلّل في الرّدّة لم تحلّ ، لانفساخ العقد ، ولا إباحة الوطء فتحلّ بوطي المحرم والصائم واجبا ، وفي الحيض ، وقبل التسع.

وتحل بوطء الخصيّ والموجوء والمجبوب مع بقاء ما يطأ به ولو مثل الحشفة ، فيهدم ما دون الثلاث.

ولو ادّعت أنّها تزوّجت وفارقت واعتدّت قبل إذا أمكن ، وكانت ثقة.

ولو ادّعت الإصابة صدّقت وإن كذّبها المحلّل.

المطلب الخامس : في العدد

وفيه فصول

[ الفصل ] الأوّل : لا عدّة لغير المدخول بها ، سواء كان الفراق بطلاق أو بفسخ (١) إلّا المتوفّى عنها زوجها ، ولا للصغيرة واليائسة وإن دخل بهما.

ويتحقّق الدخول بإيلاج الحشفة قبلا أو دبرا وإن لم ينزل ، وكذا الخصيّ دون المجبوب ، نعم لو حملت منه اعتدّت بالوضع.

ولا عبرة بالخلوة وإن كملت ، ولو اختلفا في الإصابة قدّم قوله مع اليمين.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : أو فسخ.

١١١

الفصل الثاني : في ذات الأقراء

فالحرّة المدخول بها المستقيمة الحيض تعتدّ من الطلاق والفسخ بثلاثة أقراء ـ وهي الأطهار ـ وإن كانت تحت عبد وتحسب اللّحظة من طهر الطلاق طهرا ، ولو انتهى الطلاق بانتهاء الطهر صحّ ولم يحسب وترجع في ذلك إليها. (١)

وتخرج العدّة برؤية الدم الثالث ، وأقلّ ما تنقضي به العدّة ستّة وعشرون يوما ولحظتان ، والأخيرة ليست من العدّة بل دالّة على الخروج ، فلا تصحّ فيها الرجعة ، ويصحّ فيها العقد ، فلو ادّعت انقضاءها قبل ذلك لم يقبل.

وإذا استمرّ الدّم فذات العادة ترجع إليها ، والمبتدأة إلى التمييز ، فإن فقدته رجعت إلى عادة نسائها ، فإن اختلفن اعتدّت بأشهر الحيض.

وترجع المضطربة إلى التمييز ، ثمّ إلى الأشهر ، وتجعل زمان الاستحاضة طهرا.

ولو رأت الدّم مرّة ثمّ يئست أكملت العدّة بشهرين.

الفصل الثالث : في ذات الشهور

فالحرّة المدخول بها وهي في سنّ من تحيض ولم تحض تعتدّ من الطلاق والفسخ بثلاثة أشهر ، فإن طلّقت على رأس الشهر اعتدّت

__________________

(١) يريد أنّها لو حاضت مع انتهاء لفظ الطلاق لم يحتسب طهر الطلاق قرءا ، وافتقرت إلى ثلاثة أقراء مستأنفة بعد الحيض ، كما في القواعد : ٣ / ١٣٨.

١١٢

بثلاثة أهلّة ، وفي الأثناء تعتدّ بهلالين ، ثمّ تتمّ الأوّل بثلاثين (١) من الثالث ، وهذه تعتدّ بالأسبق من الشهور والأقراء ، فلو اعتدّت بالأشهر ثمّ رأت الدم في الثالث ، وتأخّرت الحيضة الثانية أو الثالثة صبرت تسعة أشهر ، لاحتمال الحمل ، ثمّ تعتدّ بثلاثة أشهر.

ولو كانت لا تحيض إلّا في ستّة أشهر أو خمسة اعتدّت بالأشهر ، ويرجع في الحيض والطهر إلى المرأة.

ولو ارتابت بالحمل من الأوّل بعد انقضاء العدّة ونكاح آخر لم يبطل النكاح.

ولو ارتابت بعد العدّة وقبل النكاح جاز نكاحها.

ولو ارتابت قبل انقضاء العدّة جاز نكاحها بعدها إلّا مع تعيين الحمل.

وعلى التقديرات لو (٢) ظهر حمل بطل نكاح الثاني. (٣)

الفصل الرابع : في عدّة الحامل

وتعتدّ من الطلاق والفسخ بالوضع وإن اتّصل بالطلاق ، ويشترط تحقّق الحمل وإن لم يكن تامّا حتّى العلقة ، ولا عبرة بالنّطفة ، فلو وضعت ما يشتبه حكم بشهادة أربع قوابل ثقات أنّه حمل.

__________________

(١) في « أ » : ثلاثين.

(٢) في « أ » : فلو.

(٣) في « أ » و « ب » : النكاح الثاني.

١١٣

والحامل من الزنا تعتدّ بالأشهر أو بالأقراء ، وتعتدّ من الشبهة بأحدهما بعد الوضع.

ولو حملت من الشبهة ولحق الولد بالواطئ لبعد الزّوج عنها ، ثمّ طلّقها الزوج اعتدّت من الواطئ بالوضع ، واستأنفت للزوج بعد الوضع عدّة الطلاق.

ولو وضعت توأمين لم تبن إلّا بوضع الجميع ، فيصحّ قبل وضع الثاني الرّجعة ، وتجب النفقة والإرث ، وكذا لو وضعت بعض الولد وإن كان ناقصا إصبعا ، ولا عبرة بصدق اسم الآدميّ على الخارج المنقطع لعدم وضع الحمل.

ولو مات في العدّة الرجعيّة استأنفت عدّة الوفاة ، وفي اكتفاء المسترابة بها توقّف ، والبائن تتمّ عدّة الطلاق.

ولو ادّعت الحمل انتظرت تسعة أشهر ، فإن ولدت وإلّا اعتدّت بثلاثة أشهر.

ولو أقرّت بانقضاء العدّة ثمّ أتت بولد لستّة فصاعدا منذ طلّقها ألحق به إذا خلت من بعل ، ولم يتجاوز أقصى الحمل.

ولو ادّعى أحد الزّوجين تقدّم الطّلاق على الوضع وأنكر الآخر ، فالقول قول المنكر مع اليمين.

ولو اتّفقا على زمان الطلاق واختلفا في زمان الوضع ، قدّم قولها مع اليمين ، وبالعكس يقدّم قوله مع اليمين.

١١٤

الفصل الخامس : في عدّة الوفاة

وتعتدّ الحرّة الحائل المنكوحة بالعقد الصحيح بأربعة أشهر وعشرة أيّام ، حرّا كان الزوج أو عبدا ، صغيرا أو كبيرا ، مسلمة كانت المرأة أو ذميّة ، صغيرة أو كبيرة ، مدخولا بها أو لا ، متحيضة أو لا ، وتعتبر بالأهلّة لا بالأيّام إلا أن ينكسر الأوّل فتتمّه من الرابع ، وتبين بغروب شمس يوم العاشر.

وتعتدّ الحامل بأبعد الأجلين ، ويلزمها الحداد ، وهو ترك الزينة والتطيّب والادهان للزينة ، والحنّاء لها ، وصبغ رأسها وحاجبيها بالسواد ، والكحل به إلّا لضرورة ، ولبس الذّهب ، والفضّة ، واللؤلؤ ، والجوهر ، والثياب الفاخرة ، والمصبوغات ، إلّا الأسود والأرزق.

ويجوز تزيين الولد والخادم ، والتّنظيف ، والحمّام ، وتسريح الشعر ، وقلم الأظفار ، والسواك ، وسكنى المواضع الحسنة ، والجلوس على الفرش النفيسة.

ولو أخلّت بالحداد فعلت حراما واحتسبت عدّتها ، وتستوي فيه الكبيرة والصغيرة ويتولّاه (١) الوليّ ، والمسلمة والذميّة.

ولا حداد على الأمة ، ولا على أمّ الولد وإن عتقت من نصيب ولدها ، ولا على الموطوءة بالعقد الفاسد والشبهة إذا مات الواطئ ، ولا على المطلقة بائنا أو رجعيّة ، ولا على المفسوخ نكاحها.

وتحدّ في موت غير الزّوج ثلاثة أيّام.

__________________

(١) في « أ » : ويتولّى.

١١٥

الفصل السادس : في المفقود

إذا غاب الزّوج فإن علمت حياته فلا خيار لها ، وكذا لو جهلت حياته وأنفق عليها الوليّ ، ومع عدمه فإن صبرت فلا كلام ، وإلّا رفعت أمرها إلى الحاكم فيؤجّلها أربع سنين ، ثمّ يبحث عنه ، فإن عرف حياته صبرت ، وعلى الإمام نفقتها من بيت المال ، وإلّا أمرها بعدّة الوفاة ، ثمّ تحلّ للأزواج ، فإن جاء زوجها بعد العدّة والنكاح ، فلا سبيل له عليها ، وكذا إن جاء بعد العدّة وقبل النكاح ، وإن جاء فيها فهو أملك بها.

فروع

الأوّل : ضرب الأجل إلى الحاكم ، فلو صبرت أكثر من أربع سنين ثمّ اعتدّت لم يكف.

الثاني : ابتداء الأجل من حين المرافعة لا من انقطاع الخبر.

الثالث : يشترط في العدّة أمر الحاكم بها فلو اعتدّت من قبل نفسها لم يعتبر ، ولا بدّ من طلاقها قبل العدّة ، ولا منافاة ولا نفقة فيها على الغائب إلّا أن يحضر فيها ، فترجع عليه بالماضي.

الرابع : لو طلّق الزّوج أو ظاهر أو آلى منها في العدّة وقع وإلّا فلا.

الخامس : لو نكحت ثمّ ظهر موت الزّوج فالنكاح صحيح ، ولا عدّة ، سواء مات قبل العدّة أو بعدها.

١١٦

السادس : لو (١) ماتت هي أو الزّوج في العدّة توارثا لا بعدها.

السابع : إذا نكحت صارت فراشا للثاني ، فلو أتت بولد لستّة أشهر من وطئه لحق به ، ولو التحقه الأوّل وذكر أنّه وطأها سرّا لم يقبل.

الثامن : لو أمرها بالاعتداد فلم تعتدّ ، فلها أن تعتدّ بعد ذلك.

الفصل السابع : في عدّة الأمة

وتعتدّ الأمة المدخول بها الحائل ، من الطلاق بقرأين وإن كان الزوج حرّا ، وأقلّ ما ينقضي به ثلاثة عشر يوما ولحظتان ، والكلام في اللحظة الأخيرة كما مرّ ، والّتي لم تحض وهي في سنّ من تحيض تعتدّ بشهر ونصف.

وحكم الفسخ كالطلاق ، وتعتدّ الحامل بالوضع ، ولو طلّقت بعد العتق اعتدّت كالحرّة ، ولو أعتقت في العدّة الرجعيّة أتمّت عدّة الحرة ، والبائن تتمّ عدّة الأمة ، ومن الوفاة بشهرين وخمسة أيام ، والحامل بأبعد الأجلين.

ولو مات زوج أمّ الولد اعتدّت كالحرّة ، ولو طلّقها رجعيّا ثمّ مات في العدّة استأنفت عدّة حرّة ، ولو لم تكن أمّ ولد استأنفت عدّة أمة ، ولو كان الطلاق بائنا أتمّت عدّة الطّلاق.

ولو مات زوج الأمة ثمّ أعتقت أتمّت عدّة الحرّة.

ولو وطئها ثمّ دبّرها فمات اعتدّت كالحرّة ، ولو اعتقها في حياته اعتدّت بثلاثة أقراء أو بالأشهر.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : ولو.

١١٧

والمكاتبة المشروطة والّتي لم تؤدّ كالأمة ، فإن أدّت في أثناء العدّة فهي كالحرّة ، وكذا المعتق بعضها.

والذميّة كالحرّة في الطلاق والوفاة ، ولو طلّقت فلحقت بدار الحرب ثمّ سبيت فى العدّة أتمّت عدّة الحرّة.

تتمّة

يجب الاستبراء بحدوث ملك الأمة الموطوءة وبإرادة زواله ، سواء كان ببيع أو صلح أو ميراث أو اغتنام بحيضة ولو لم تحض وهي في سنّه فبخمسة وأربعين يوما ، والحامل من زوج أو مولى أو من وطء الشبهة بالوضع ، ولو كان من زنا فبانقضاء أربعة أشهر وعشرة أيّام ، ويكره [ وطؤها ] بعد ذلك (١).

ويسقط [ الاستبراء ] بما تقدّم ، وبعتقها ، والعقد عليها ، وبابتياع زوجته ، وبالتقايل قبل التسليم ، وبالردّ بالعيب.

ولو ارتدّت أو ارتدّ المولى ثمّ عاد المرتدّ حلّت بغير استبراء.

ولو أعتقت ولم تفسخ حلّت على الزّوج بغير استبراء.

ولو طلّقت الأمة لم تحلّ على المولى إلّا بالعدّة ، وتكفي عن الاستبراء.

ولو أعتقها المولى حرمت على غيره قبل العدّة وتكفي عنه أيضا.

__________________

(١) قال العلّامة في القواعد : ٣ / ١٤٨ : فإن كانت الأمة حبلى من مولى أو زوج أو وطء شبهة لم ينقض الاستبراء إلّا بوضعه ، أو مضيّ أربعة أشهر وعشرة أيّام ، فلا يحلّ له وطؤها قبلا قبل ذلك ، ويجوز في غير القبل ، ويكره بعدها.

١١٨

ويكفي استبراء مملوكه عنه واستبراء المحرم.

ولا يحرم في مدّة الاستبراء غير الوطء ، ويجوز بيعها قبله لا تزويجها.

الفصل الثامن : في تداخل العدّتين

وفيه مسائل :

الأولى : إذا كانتا لشخصين لم يتداخلا وإن كانت لواحد تداخلتا ، فلو وطئها الزوج في عدّة البائن لشبهة كفى استئناف العدّة ، وكذا في الرجعيّة ، وله الرجوع في بقيّة الأولى دون الزائد.

ولو وطئ امرأة للشبهة مرّتين كفت واحدة.

الثانية : لو طلّق بعد الرجعة قبل الوطء استأنفت العدّة ، وكذا لو خلعها بعد الرجعة ، أمّا لو خلعها بعد الدخول ثمّ تزوّجها في العدّة وطلّقها قبل الدخول فلا عدّة.

الثالثة : لو تزوّجها في العدّة ، فإن كان عالما فهي في عدّة الأوّل ، سواء دخل أو لا ، حملت أو لا ، ولو كان جاهلا فإن لم تحمل أتمّت عدّة الأوّل ، ثمّ استأنفت ( عدّة ) (١) للثاني.

ولو حملت فإن لحق بالأوّل اعتدّت له بوضعه وللثاني بثلاثة أقراء بعد الوضع ، وإن لحق بالثاني اعتدّت له بوضعه ، وتتمّ عدّة الأوّل بعد الوضع.

ولو انتفى عنهما أتمّت عدّة الأوّل بعد الوضع ، ثمّ تستأنف للثاني.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « ج ».

١١٩

ولو احتمل كونه منهما لحق بالثاني ، وحكمه كما سبق ، وللزّوج الرّجوع في عدّته.

الرابعة : وطء الشبهة يسقط معه الحدّ ، ويجب المهر والعدّة ، ويلحق به الولد ، ولو علمت بالتحريم دونه ، لحق الولد ، ووجبت العدّة ، وعليها الحدّ ولا مهر.

ولو كانت أمة لحق به الولد ، وعليه قيمته يوم سقط حيّا ، والعشر أو نصفه لمولاها.

الخامسة : تعتدّ زوجة الحاضر في الطلاق من حين وقوعه ، فلو علمت خروجها جاز نكاحها ، وفي الوفاة من حين بلوغ الخبر وإن أخبر الفاسق ، لكن لا تنكح إلّا بعد الثبوت ، ولو علمت الطلاق وجهلت وقته اعتدّت من حين البلوغ.

الفصل التاسع : في السكنى والنفقة

وفيه بحثان :

[ البحث ] الأوّل : في مستحقّها

وهي المطلّقة رجعيّة ، سواء كانت حائلا أو حاملا ، مسلمة أو ذميّة ، أو أمة إذا أرسلها مولاها ليلا ونهارا ، والمختلعة (١) إذا رجعت في البذل وعلم الزوج.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : أو المختلعة.

١٢٠