معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

كتاب اليمين

٢٤١
٢٤٢

وهو تحقيق ما يحتمل المخالفة بذكر اسم الله تعالى ، وقد يجب إذا اشتملت على تخليص مؤمن أو مال أو دفع ظلم ، ويجب التورية ، وقد تحرم إذا كانت كاذبة ولا ضرورة ، ويكره غير ذلك وإن كان صادقا إلّا مع الحاجة ، ويتأكّد على المال القليل ، والنظر في أمور :

[ الأمر ] الأوّل : [ في ] المحلوف به

وهو الله تعالى ، أو أسماؤه الخاصة ، أو ما ينصرف إليه عند الإطلاق ، مثل : والّذي نفسي بيده ، والرّحمن ، والخالق ، والرّب ، ولا ينعقد بالموجود ، والحيّ ، والقادر ، وشبهه وإن نوى به الحلف.

ولو قال : وقدرة الله أو وعلم الله ، وقصد المعاني ، لم ينعقد ، وإن قصد الذات القادرة أو العالمة ، انعقدت.

ولو قال : وجلال الله ، وعظمة الله ، وحقّ الله ، لم ينعقد.

ولو قال : لعمر الله انعقدت.

ولو قال : أقسمت ، أو حلفت ، أو أقسم ، أو أحلف لم يكن يمينا حتّى يذكر المقسم به.

٢٤٣

ولو قال : أشهد بالله فهو يمين ، بخلاف أعزم بالله.

ولا ينعقد بالنبي ، والأئمّة ، والأبوين ، والمصحف ، والكعبة ، والحرم ، ولا بالنجم ، والطلاق ، والعتاق ، والظهار ، والتحريم ، ولا بالبراءة من الله ، أو رسوله ، أو أحد الأئمّة ، وكذا هو يهوديّ ، أو نصرانيّ ، ونحوه ، ولا بأيمان البيعة تلزمني. (١)

وحرف القسم : الباء والتاء والواو ، ويجوز تقديره ، وينعقد بقوله : ها الله ، وأيمن الله ، وأيم الله ، ومن الله ، وم الله.

ويشترط النطق والقصد ، فلو نواه ولم ينطق أو بالعكس ، لم ينعقد.

ولو قال : قصدت الإخبار بقولي أقسم بالله ، قبل.

والاستثناء بالمشيئة يوقف اليمين بشرط النطق والاتّصال والقصد ، فلا عبرة بالنيّة ، ولا بالمتأخّر عادة ، ولا بما سبق لسانه إليه.

ولا يشترط قصده عند اليمين (٢) بل عند التّلفظ به ، ويجوز تقديمه وتأخيره ، ولو علّقها بمشيئة الله ، فإن كان المحلوف عليه واجبا ، أو مندوبا ، أو ترك محرّم أو مكروه انعقدت وإلّا فلا.

فلو قال : والله لا شربت إلّا أن يشاء الله ، أو لا أشرب إلّا أن يشاء الله لم يحنث بالشرب وعدمه.

__________________

(١) أيمان البيعة ممّا أحدثه الحجّاج بن يوسف الثقفي ، أن حلف الناس على بيعتهم لعبد الملك بن مروان بالطّلاق والعتاق واليمين بالله وصدقة المال ، فكانت هذه الأيمان الأربعة أيمان البيعة القديمة المبتدعة ، ثمّ أحدث المستحلفون من الأمراء عن الخلفاء والملوك وغيرهم أيمانا كثيرة تختلف فيها عاداتهم. الموسوعة الفقهية : ٧ / ٢٥٠ ، مادّة ( أيمان ). ولاحظ السرائر : ٣ / ٤٦ ـ ٤٧.

(٢) في « أ » : ولا يشترط عند اليمين.

٢٤٤

وإن علّقها بمشيئة غيره توقفت على مشيئته ، فلو قال : والله لأشربنّ إن شاء زيد ، فإن شاء الشرب انعقدت وإلّا فلا.

( ولو قال : والله لا شربت إلّا أن يشاء زيد ، فإن شاء عدم الشرب انعقدت وإلّا فلا ، ولو قال : والله لا أشرب وإن يشأ ، فشاء زيد عدم الشرب انعقدت وإلّا فلا ) (١).

ولو قال : والله لأشربنّ إلّا أن يشاء زيد ، فقد ألزم نفسه بالشرب إلّا أن يشاء زيد عدمه ، فإن شاء الّا يشرب انحلّت اليمين ، وإن شاء الشرب لم تنحلّ.

ولو قال : والله لا أشرب إلّا أن يشاء زيد ، فقد منع نفسه من الشرب إلّا أن يشاء زيد ، فإن شاء الشرب انحلّت ، وإن شاء عدمه لم تنحلّ ، ولو قصد عكس ذلك الحكم بضد ما تقدّم.

وكلّما جهل شرط العقد انحلّت ، وكلّما جهل شرط الحلّ انعقدت ، ولا تدخل المشيئة في غير اليمين وإن كان إقرارا.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

٢٤٥

الأمر الثاني : في الحالف

ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، والنيّة ، فلا يقع من الصبيّ والمجنون والمكره والسكران والغافل والنائم والغضبان إلّا أن يملك نفسه ، ولا مع عدم النّية وإن حلف بالصّريح ، وهي يمين اللّغو ، ويقبل قوله في عدم القصد.

وتصحّ من الكافر غير المعطّل ، فإن مات عوقب عليه ، وإن أسلم قبل فوات وقته لزمه مقتضاه ، وإلّا حنث ، وتسقط الكفّارة بالإسلام.

ويشترط إذن الوالد والزّوج والمولى في غير الواجب وترك المحرّم ، فلا تنعقد بدونه ، وقيل : ينعقد ولهم حلّه مع بقاء الوقت والوصف ، فلو خرج قبل الفعل والحلّ وجبت الكفّارة ، ولو مات الأب أو طلّقت الزوجة أو عتق المملوك قبل الفعل : فإن كان الوقت باقيا وجب الوفاء ، وإلّا وجبت الكفّارة (١). والأوّل أشهر.

وإذا أذن المولى لم يمنعه من الأداء في أوّل وقت الإمكان.

__________________

(١) لاحظ القواعد : ٣ / ٢٦٧.

٢٤٦

الأمر الثالث : في متعلّق اليمين

وهو أقسام :

[ القسم ] الأوّل : لا تنعقد على الماضي إثباتا ونفيا ، وهي الغموس ، ولا كفّارة لها ، ولو أكره ورّى إن أحسن.

وإنّما تنعقد على المستقبل إذا حلف على فعل واجب أو مندوب أو مباح راجح الفعل أو متساوي الفعل والترك ، أو على ترك محرّم أو مكروه أو مباح راجح الترك ، ولو حلف على خلاف ذلك لم تنعقد ، وكذا لو حلف لامرأته أن لا يتزوّج ولا يتسرّى ، أو تحلف هي ألّا تتزوّج أو لا تخرج معه ، وكذا يمين المناشدة ، (١) وهي أن يعقد اليمين على فعل غيره مثل والله ليفعلن.

ويشترط إمكان المخالفة والموافقة ، فلا تصحّ على الواجب مثل الكون في الحيّز ، ولا على الممتنع عقلا كالجمع بين النقيضين ، أو عادة كالصّعود إلى السّماء ، ولو تجدّد العجز انحلّت إلّا أن تعود القدرة والوقت باق ، أو لم يقترن بوقت.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : « المباشرة » ولعلّه مصحّف.

٢٤٧

[ القسم ] الثاني : [ في ] المأكل والمشرب.

قاعدة : إذا حلف وأطلق حمل اللفظ على حقيقته العرفيّة ، فإن لم تكن فاللغويّة ، فإن اجتمعا فعلى العرفيّة ، ويجوز أن ينوي به خلاف ظاهره (١) كالحقيقة العرفيّة ويريد اللغوية ، وبالعكس ، وكالحقيقة ويريد المجاز ، وكالعامّ ويريد به الخاصّ ، كما لو حلف على اللحم ، ويريد به لحم الإبل ، وبالعكس كأن يحلف : لا شربت لك ماء من عطش ويريد [ به ] رفع كل منّة ، وبالمطلق ويريد المقيّد كما لو حلف لعتق رقبة ويريد المؤمنة ، وبالعكس كأن يحلف على المؤمنة ويريد مطلق الرقبة.

ولو نوى ما لا يحتمله اللفظ كأن ينوي بالصلاة الصّوم لغت اليمين.

إذا عرفت هذا فالطعام اسم للقوت والأدم والحلو الجامد والمائع.

والقوت اسم للخبز والتمر والزبيب والجبن واللبن إلّا أن يعتاد غيرها.

والأدم اسم لما يؤتدم به كالملح والدبس والطبائخ والأدهان.

والفاكهة اسم للرمان والعنب والرطب وكلّ ما يتفكّه به حتّى البطيخ والنبق (٢) ، دون الخضراوات ، وتشترط الرطوبة ، فلا يحنث باليابس منها ، كالزبيب.

والرأس اسم لما فيه عيناه (٣) ، وعرفا لرأس الإبل والبقر والغنم.

__________________

(١) في « أ » : خلاف الظاهر.

(٢) في مجمع البحرين : النبق ـ بفتح النون وكسر الباء وقد تسكن ـ : ثمرة السدر ، أشبه شي‌ء بها العنّاب قبل أن تشتدّ حمرته.

(٣) قال في الدروس : ٢ / ١٦٨ : الرأس لغة عامّ ، وعرفا خاصّ بالأنعام ، فلا يحنث برأس الطير والحوت وقال العلّامة في القواعد : ٣ / ٢٧١ : ولو حلف لا يأكل رأسا انصرف إلى الغالب ، كالبقر والغنم والإبل دون رأس الطير والسمك.

٢٤٨

ويدخل في التمر القسب (١) لغة دون الدّبس والرطب والبسر.

ولا يدخل في الزبيب العنب والحصرم والدبس.

ويدخل في اللّبن ما يحلب من الانسي والوحشي والآدمي ، حليبه ومخيضه ورائبه (٢) ، وفي الجبن توقّف ، ولا يدخل السمن والزّبد والأقط (٣).

ولا يدخل في اللحم عرفا الرأس والكراع (٤) والكبد والرية والكرش والمصران (٥) والقلب.

ولا يدخل في الشحم الألية وشحم الظّهر والمخّ والدّماغ.

ويدخل في الدّهن السّمن والزّبد والشيرج ودهن السمك.

والأكل اسم للمضغ والازدراد.

والشرب [ اسم ] للكرع (٦) والشرب (٧) بالآنية ، والمصّ من بلبله (٨) لا

__________________

(١) في المصباح المنير : ٢ / ١٨٤ : القسب : تمر يابس ، الواحدة قسبة ، مثل تمر وتمرة.

(٢) راب اللبن يروب روبا فهو رائب : إذا خثر ( واشتدّ ). المصباح المنير : ١ / ٢٩٤.

(٣) الأقط ـ بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها ـ : لبن يابس مستحجر يتّخذ من مخيض الغنم. مجمع البحرين.

(٤) في النسخ الّتي بأيدينا « الكارع » والصحيح ما أثبتناه.

(٥) المصير كرغيف : المعاء ، والجمع مصران كرغفان. مجمع البحرين.

(٦) قال الحلّي في السرائر : ٣ / ٥٢ : يقال : كرع في الماء يكرع كروعا ، فهو كارع : إذا تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفّيه ولا بإناء. ولاحظ المبسوط : ٦ / ٢٣٢.

(٧) وفي بعض النسخ « وللشرب ».

(٨) بلبل الإبريق : قناته الصغيرة الّتي يصبّ منها الماء. المنجد.

٢٤٩

بمصّ الجسم الرّطب ، كقصب السكّر وحبّ الرمّان.

والذوق اسم للتطعّم بالشي‌ء. (١)

فروع

الأوّل : لو حلف لا يأكل حنطة فأكل دقيقا ، أو لا يأكل دقيقا فأكل خبزا لم يحنث ، وكذا بالعكس.

الثاني : لو حلف لا يأكل بسرا أو رطبا حنث بالمنصّف. (٢)

الثالث : لو حلف لا يأكل لحما حنث بلحم الصّيد دون الألية وشحم الظهر.

الرابع : لو حلف لا أكلت رأسا ، فإن قصد نوعا صرف إليه ، وإلّا حمل على العرف الخاصّ ، فإن لم يكن فعلى الجميع.

الخامس : لو حلف لا أكلت سمنا ، حنث بأكله مع الخبز ، ومذابا على الطعام ، لا بالكليجا (٣) وغير المتميّز.

السادس : ولو حلف لا أكلت هذين الطّعامين ، لم يحنث بأحدهما ، وكذا لو قال : هذا الخبز والأدم.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : للتطعيم بالشي‌ء.

(٢) في المصباح المنير : ٢ / ٣١٥ : والمنصف من العصير اسم مفعول ما طبخ حتّى بقي على النّصف.

(٣) كليجا معرّب « كلوچه » : خبز ممزوج بالدّهن. لاحظ « دهخدا ».

٢٥٠

السابع : لو حلف لا يأكل خلًّا ، حنث بالاصطباغ لا بالشرب والسكباج (١).

الثامن : يحنث بالشعير الممتزج (٢) بالحنطة إلّا أن يريد المنفرد.

التاسع : لو حلف أن لا يأكل سويقا فشربه ، أو بالعكس ، لم يحنث ، وكذا لو حلف لا يأكل سكرا ، فوضعه في فيه فذاب ثمّ بلعه.

العاشر : لو حلف لا شربت ماء الكوز لم يبرّ بالبعض ، ولو قال : ماء الفرات برّ به ، ولو حلف لا شربت ماء الكوز لم يحنث بالبعض ، ولو قال : ماء الفرات حنث به.

الحادي عشر : ولو حلف على تناول شي‌ء لم يبرّ إلّا بالجميع ، وإذا حلف على تركه حنث بفعل أحد جزئيّاته.

الثاني عشر : يحنث بالذوق في الأكل أو الشرب دون العكس.

[ القسم ] الثالث : الكلام ، لو حلف لا يتكلّم ، حنث بالقرآن وبإيراد الكلام مع نفسه ، واستثني قرآن الصلاة وأذكارها الواجبة ، دون المندوبة والمباحة.

ولو حلف لا يكلّم أحدا ، لم يحنث بتلاوة القرآن ، ويحنث بالدعاء والقراءة على غيره والتسليم عليه ، وكذا لو قصد بتسليم الصّلاة من حضر من الملائكة والإنس والجنّ.

ولو قال : والله لا كلّمتك ، وعقبه بقوله : أبدا ، أو ما عشت ، أو كلاما حسنا أو قبيحا ، لم يحنث به ، ولو علّله مثل : لأنّك حاسد فتوقّف.

__________________

(١) السّكباج بكسر السين : طعام معروف يصنع من خلّ وزعفران ولحم. مجمع البحرين.

(٢) في « ب » و « ج » : يحنث في الشعير بالممتزج.

٢٥١

ويحنث لو قال : فتنحّ عنّي أو شتمه.

ولو كلّم غيره بقصد إسماعه ، أو كاتبه ، أو راسله ، أو أشار إليه إشارة مفهمة ، أو كلّمه حال نومه ، أو إغمائه ، أو غيبته ، أو موته ، لم يحنث.

ولو سلّم عليه ( أو قرأ عليه ) (١) ، أو صلّى خلفه ، وقصده بالتسليم ، حنث.

ولو حلف أن يهاجره ، حنث بالمكاتبة والمراسلة.

[ القسم ] الرابع : البيت والدار.

قاعدة : إذا حلف على فعل ، ابتداؤه كاستدامته ، حنث بهما ، وإلّا حنث بالابتداء خاصّة.

فالأوّل : كالسكنى ، والإسكان ، والمساكنة ، واللّبس ، والركوب ، والغصب ، والجماع ، وفي التطيّب توقّف.

فلو حلف لا سكنت هذه الدار وهو ساكن بها ، حنث بالاستدامة ، وبرّ بخروجه عقيب اليمين وإن أبقي رحله لا للسكنى ، (٢) ولا يحنث بعوده لنقل متاعه وأهله.

ولو حلف لا يسكن زيدا حنث باستدامته ويبرّ بإخراجه عقيب اليمين.

ولو حلف لا يساكنه ، حنث بالاستدامة ويبرّ بانتقال أحدهما ، وكذا البحث في البواقي.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

(٢) قال العلّامة في القواعد : ٣ / ٢٧٤ : ولا يجب نقل الرّحل والأهل ، ولا يحنث بتركهما مع خروجه بنيّة الانتقال.

٢٥٢

والثاني : كالدخول والإجارة ، والبيع ، والهبة ، والتزويج ، فلو قال : لا دخلت هذه الدار وهو فيها ، أو لا خرجت ، أو لا بعت ، وكان له خيار ، أو لا وهبت (١) فاستمرّ ، أو لا تزوّجت وله زوجة فلم يطلّقها لم يحنث في الجميع.

ويتحقّق الدّخول بحيث لو ردّ الباب يكون من ورائه وإن نزل بالسّطح لا بطاق الباب.

ولو صعد على السّطح من خارج لم يحنث وإن كان محجّرا على توقّف (٢) ويحنث في الدار بالدهليز والغرفة ، ولا يحنث في البيت بدخول غرفته ، ولا بدخول الكعبة والمسجد والحمام.

ويحنث البدوي ببيت الشعر والقصب.

ولو حلف ليخرجنّ فصعد السطح برّ على توقّف. (٣)

ولو حلف على الخروج فخرج انحلّت اليمين ، وله العود ، ولا يبرّ بإخراج بعضه ، كما لا يحنث به.

[ القسم ] الخامس : الفعل ، وهو يقتضي المباشرة ، فلو حلف ليبيعنّ أو ليشترينّ فوكّل لم يبرّ ، ولو قال : لا أبيع ولا اشتري فوكّل لم يحنث.

ولو قال : لا استخدمه فخدمه بغير إذنه ، أو لا كلّمت عبدا اشتراه زيد ، أو

__________________

(١) في « أ » أو لا وهبته.

(٢) قال العلّامة في القواعد : ٣ / ٢٧٣ : إذا حلف على الدخول لم يحنث بصعوده على السطح من خارج وإن كان محجّرا ، فعلى هذا لا يجوز الاعتكاف في سطح المسجد ولا تتعلّق الحرمة به على إشكال.

(٣) في « ب » : على التوقّف.

٢٥٣

امرأة تزوّجها (١) زيد ، فكلّم من اشتراه وكيله أو من زوّجه بها لم يحنث ، ولو قال : عبد زيد أو زوجته حنث.

ولو حلف لا يأكل ما اشتراه زيد لم يحنث بأكل ما رجع إليه بعيب أو إقالة أو قسمة ، ولا ما يملكه بهبة معوّضة ، أو بصلح معوّض ، أو بشفعة ، ويحنث بالسّلم.

وإذا عيّن لبس ثوب فاشترى به أو بثمنه غيره ، لم يحنث بلبسه ، وقد تصرفه القرينة إلى غير المباشرة ، فلو قال : لا بنيت وهو غير بناء ، ثمّ استأجر له حنث ، (٢) وكذا لو قال السلطان : لا ضربت ثمّ أمر به.

والحليّ يطلق على المحلّل وغيره ، والخاتم ، واللؤلؤ.

واللبس يشتمل الارتداء والاتّزار إلّا أن يقتضي العرف غيرهما.

فلو قال : لا لبست قميصا ، فارتدى به ، أو اتّزر به ، لم يحنث.

[ القسم ] السادس : العقد ، وهو اسم للإيجاب والقبول ، فلو حلف ليبيعنّ ، فأوجب ولم يقبل المشتري لم يبرّ ، ولو حلف لا أبيع ، فأوجب لم يحنث ، وإذا أطلق انصرف إلى الصحيح.

ولو حلف لا يبيعه بعشرة ، فباعه بأكثر لم يحنث ، ولو باعه بأقلّ حنث ، وينعكس في الشراء.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : يتزوّجها.

(٢) في القواعد : ٣ / ٢٧٥ : لو قال : لا بنيت بناء فبناه الصانع بأمره أو استئجاره ففي الحنث إشكال ، ينشأ من معارضة العرف والوضع ، ولعلّ الأقرب متابعة العرف.

٢٥٤

ويدخل في الهبة كلّ عطيّة متبرّع بها ، كالهدية ، والوقف ، والصدقة ، وفي النحلة والعمرى توقّف.

والمال اسم للدين ، والعين ، والآبق ، والمدبّر ، والمكاتب المشروط ، وأمّ الولد ، دون الشفعة والاستطراق ، وفي المنفعة كسكنى الدار توقّف ، فلو حلف ليتصدّقنّ بماله ، انصرف إلى ما صدق عليه.

[ القسم ] السابع : المقيّد ، وفيه مسائل :

الأولى : الإضافة ، فلو حلف لا دخلت دار زيد أو مسكنه ، أو لا استخدمت عبده ، أو لا كلّمت زوجته ، انحلّت اليمين بزوال الإضافة.

وإضافة الملك تنصرف إلى الأعيان دون المنافع ، فلو حلف لا يدخل دار زيد انصرف إلى المملوكة وإن لم يسكنها دون المستأجرة وإن سكنها.

وإضافة الاختصاص يكفي فيها النسبة ، مثل سرج الدابّة ، وثوب العبد ، ويحتمل حمله على ما يملكه بعد عتقه أو كتابته ، مراعاة للحقيقة الممكنة ، بخلاف الدابّة فإنّها لا يمكن ان تملك.

الثانية : الإشارة ، وتختصّ بالمشار إليه ، فلو جمع بين الإضافة والإشارة مثل : لا أكلت هذا تمر زيد ، فباع ، فإن نوى الامتناع باعتبار الإضافة لم يحنث بأكله ، وإلّا فالأولى تغليب الإشارة.

الثالثة : الصّفة ، وتنحلّ بزوالها ، فلو قال : لا كلّمت عبدا ، أو لا أكلت لحم سخلة ، أو لا دخلت دارا ، فكلّم المعتق ، وأكل لحم بقرة ، أو دخل براحا لم يحنث.

٢٥٥

ولو جامعت الإشارة مثل : لا كلّمت هذا العبد ، ولا أكلت لحم هذه السخلة ، أو لا دخلت هذه الدار ، ثمّ زالت الصفة حنث ، تغليبا للإشارة ، وكذا لا أكلت هذه الحنطة فصارت دقيقا ، أو هذا العجين فصار خبزا ، أو هذا الرطب فصار تمرا ، أو هذا الدبس فصار ناطفا.

أمّا لو زالت الصّفة بالاستحالة مثل : لا أكلت هذا الحبّ فصار زرعا ، أو هذه البيضة فصارت فرخا ، لم يحنث ، تغليبا للصّفة.

الرابعة : لو أضاف الفعل إلى مباشر معيّن ، فشاركه فيه غيره ، كما لو قال : لا آكل طعاما اشتراه زيد ، فأكل ما اشتراه زيد وعمرو ، لم يحنث وإن اقتسماه.

ولو امتزج ما اشترياه منفردين لم يحنث بالأكل منه وإن أكل أكثر ممّا اشتراه زيد.

الخامسة : لو قال : لا دخلت هذه الدار من هذا الباب ، حمل على النّقب ، فلو حوّل الخشب إلى باب آخر حنث بالأوّل دون الثاني.

ولو حلف لا يدخلها من بابها ، حنث بالمستجدّ ، بخلاف ما لو قال : من بابها هذا.

السادسة : لو حلف لا يلبس ثوبا غزلته فلانة ، حنث بما غزلته في الماضي خاصّة ، ولو قال : ثوبا من غزلها حنث به مطلقا ، ولو قال : لا لبست من غزلها ، حنث بما فيه من غزلها وإن قلّ ، لا بما خيط منه.

السابعة : التخصيص جائز في القول دون الفعل ، فلو حلف لا يسلّم

٢٥٦

عليه ، فسلّم على جماعة هو فيهم ، فاستثناه بالنطق أو بالنيّة لم يحنث ، ولو لم يستثنه مع العلم حنث.

ولو حلف لا يدخل عليه فدخل على جماعة هو فيهم واستثناه حنث.

[ القسم ] الثامن : في المسائل المتفرّقة

الأولى : لو حلف ليضرب عبده مائة سوط في حدّ أو تعزير وجب ، ولا يجب تعدّد الآلة.

ولو قال : بمائة سوط وجب التعدّد لمكان الباء ، ويجزئ الضّغث مع التضرّر ، ويجب اشتماله على العدد والإيلام ووصول كلّ شمراخ إلى جسده ، ويكفي الظنّ ، ولو كان للمصالح الدنيويّة فالعفو أولى.

والضرب اسم للمؤلم بالسوط ، والعصى ، واللّطم ، واللّكم ، دون العضّ والقرص.

الثانية : لو حلف لأقضينّ دينك إلى شهر كان غاية ، ولو قال : إلى حين أو زمان لم يحمل على النذر في الصوم (١) بل هو مبهم يتضيّق بظنّ الوفاة ، وكذا لو قال : لا كلّمته حينا أو زمانا.

ولو حلف لا يكلّمه دهرا أو عمرا برّ باللحظة ، ولو قال : لا كلّمته الدّهر أو الزمان كان للأبد ، لمكان التعريف.

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ٦ / ٢٣٠ : إذا حلف إلى حين كان ذلك إلى ستّة أشهر ، وإذا حلف إلى زمان كان ذلك إلى خمسة أشهر ، ونصّ عليه أصحابنا فيمن نذر أن يصوم حينا أو زمانا.

٢٥٧

الثالثة : لو حلف لا أفارقك (١) حتّى أستوفي حقّي حنث بالإبراء أو الإحالة ، ولو قال : لا فارقتك ولي قبلك حقّ لم يحنث بهما.

ولو وكّل فقبض الوكيل قبل المفارقة ، لم يحنث في الموضعين.

الرابعة : لو حلف لا أفارقك حتّى أوفيك حقّك ، فأبراه الغريم من الدين لم يحنث ، ولو وهبه العين فقبل حنث.

الخامسة : لو حلف ألّا يفارق (٢) غريمه ، ففارقه الغريم فلم يتبعه لم يحنث ، ولو قال لا نفترق حنث.

السادسة : لو حلف لا يتكفّل بمال فتكفّل بمال فتكفّل بنفس (٣) لم يحنث وإن أدّى ما عليه.

السابعة : إذا حلف على جنس كالماء ، تناول كلّ جزء منه.

الثامنة : لو حلف لا يأكل هذه التمرة ، فوقعت في تمر ، حنث بأكل الجميع ، ولو تلفت واحدة أو أبقاها لم يحنث بأكل الباقي.

التاسعة : لو حلف ليأكل هذا الطعام غدا ، فأكله اليوم حنث ويكفّر معجّلا ، إلّا أن يضطرّ ، وكذا لو أتلفه ، بخلاف تلفه من غير جهته.

العاشرة : لو حلف على الإثبات كفى الإتيان بجزء في وقت ما ، ولو حلف على النفي تناول الجميع في كلّ الأوقات.

__________________

(١) في « أ » : لا فارقتك.

(٢) في « ب » و « ج » : لا يفارق.

(٣) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : فكفل بالبدن.

٢٥٨

الحادية عشرة : لا تجب المبادرة في المطلق ، ويتضيّق بظنّ الوفاة.

الثانية عشرة : إذا خالف اليمين عامدا عالما مختارا حنث ، ولو نسي أو جهل المحلوف عليه (١) أو أكره لم يحنث.

وتتحقّق المخالفة بفعله وبفعل غيره ، كما لو حلف لا يدخل بلدا ، فدخلت به دابّته ، أو سفينته ، أو إنسان مع إذنه أو سكوته.

الثالثة عشرة : التسري : وطء الأمة المخدّرة.

والبشارة اسم للخبر الأول السارّ ، فلو بشّره جماعة دفعة استحقّوا الجعل ، ولو ترتّبوا فهو للأوّل ، بخلاف الإخبار ، لأنّ الثاني مخبر.

وأوّل داخل من دخل بعد اليمين وإن لم يدخل غيره ، وآخر داخل من دخل قبل موته.

الرابعة عشرة : لو حلف لا يطأ جارية عمّته ، فورثها حلّت له ، لأنّه إنما حلف على الحرام ، وكذا لو أحلّتها له ، أو كانت لغير عمّته.

خاتمة : [ في التورية ]

الحلف على الإثبات يقتضي الوجوب وعلى النفي التحريم ، ويجوز التورية للمظلوم وغير الظالم لا له ، وهي أن ينوي باللّفظ غير ظاهره ، مثل : أن يحلف انّ هذا أخي ، وينوي أخوّة الإسلام ، أو انّ جواريّ أحرار ، وينوي سفنه ، أو نسائي طوالق ، وينوى نساء أقاربه ، أو ما كاتبته ، وينوي كتابة العبد ، أو ما في

__________________

(١) في « ب » و « ج » : وجهل المحلوف عليه.

٢٥٩

داري بارية وينوي سكّينا يبري [ بها ] أو يقصد بالبناء : السّماء وبالفراش والبساط : الأرض ، وبالأوتاد : الجبال ، وباللباس : اللّيل.

ولا يجوز استعمال الحيلة المحرّمة ويتمّ [ قصده ] مع الإثم مثل : أن تحمل ابنها على الزنا بامرأة لتحرم على أبيه ، وتجوز المباحة ويتمّ بغير إثم ، مثل : أن تزوّجه بها ، وأن ينكر الاستدانة إذا خشى من دعوى الإسقاط أو الوفاء أو الإبراء أن يلزمه المدّعي ، وكذا لو كان معسرا فخشي الحبس.

والنيّة أبدا نيّة المدّعي إن كان محقّا ، ونيّة الحالف إن كان مظلوما.

ولو أكره على اليمين أنّه لا يفعل مباحا ، حلف وورّى مثل : أن لا يفعله في السماء ، ولو أكره على اليمين أنّه لم يفعل قال : ما فعلت ، وعيّن بـ « ما » الموصولة.

ولو اضطرّ إلى الجواب بـ « نعم » قال وعنى الإبل.

ولو أكره على الطلاق لم يقع عندنا ، فلم يحتج إلى التورية ، وكذا لو حلف ما أخذ جملا أو ثورا أو عنزا ونوى السحاب ، والقطعة الكبيرة من الأقط ، والأكمة.

ولو حلف ليصدّقنّه (١) خلص بقوله : فعلت ما فعلت. (٢)

ولو حلف ليخبرنّه بعدد حبّ الرمّان ذكر الممكن.

__________________

(١) في بعض النسخ : « ولو حلف لتصديقه ».

(٢) قال العلّامة في القواعد : ٣ / ٢٨٣ : ولو اتّهم غيره في فعل فحلف ليصدّقنه ، أخبر بالنقيضين.

٢٦٠