كتاب المكاتبة
وهي فكّ رقبة المملوك بعوض ، وليست عتقا بصفة ، ولا بيع العبد من نفسه ، فلا يثبت فيها خيار المجلس والحيوان ، بل هي معاملة مستقلّة.
وهي مستحبّة مع الأمانة والاكتساب ، ويتأكّد بسؤال المملوك ، ومباحة مع انتفاء الأمرين ، ثمّ إن اقتصر على العقد وذكر الأجل والعوض والنية ، فهي مطلقة ، وإن أضاف إلى ذلك : فإن عجزت فأنت ردّ في الرقّ ، فهي مشروطة.
وتقبل الكتابة الشروط السائغة.
ثمّ النظر في أمور :
[ الأمر ] الأوّل : في الأركان
وهي خمسة :
الأوّل : في العقد ، والإيجاب مثل : كاتبتك على كذا منجّما إلى كذا ، والقبول ما دلّ على الرّضا ، ولا يفتقر إلى قوله : فإن أدّيت فأنت حرّ ، نعم لا بدّ من نيّة ذلك.
وهو عقد لازم لا ينفسخ إلّا بالتقايل وإن كانت مشروطة ، ولو مات المولى طالبه الوارث ، وعتق بالأداء ولا تبطل بالمطل بل يحبس ، ولا بالعجز بل ينظر.
وإذا عجز في المشروطة فللمولى الفسخ ، وحدّ العجز أن يؤخّر النجم عن محلّه.
وليس للعبد أن يعجز نفسه بل يجب عليه السّعي ، فإن امتنع أجبر.
الثاني : المولى ، ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، وجواز التصرّف ، فلا يصحّ من الصّبي وإن أذن له الوليّ ، ولا من المجنون والسّاهي والنائم والغافل والسكران والمكره ، إلّا أن يرضى بعد زوال الإكراه ولا من السّفيه إلّا أن يأذن الوليّ ، ولا من المفلّس ، إلّا أن يأذن الغرماء.
ويصحّ من وليّ الطفل والمجنون مع الغبطة ، ومن المريض إن خرج من الثلث وإلّا فبقدره ، والباقي رقّ.
ولا يشترط الإسلام ، فيصحّ من الكافر مكاتبة مثله ، لأنّ المسلم يباع عليه ، ولو أسلم بعدها لزمت ، فإن عجز بيع عليه.
ولا يصحّ كتابة المرتدّ مطلقا.
الثالث : المملوك ، ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والإيمان ، فلا يصحّ كتابة الصّبي والمجنون والكافر والمخالف ، لعدم الخير.
ويصحّ مكاتبة بعضه ولا يسري ، وحصّته المشتركة ، ولا يقوّم عليه وإن أدّى مال الكتابة ، ولا يشترط إذن الشريك.
الرابع : العوض ، ويعتبر فيه صحّة تملّكه للمولى ، والعلم بقدره وجنسه ووصفه ، وكونه دينا ، فلو كاتب المسلم على خمر أو خنزير بطل ، ولو كانا ذميّين صحّ ، فإن أسلما أو أحدهما بعد القبض برئ ، وإلّا لزمته القيمة عند مستحلّيه.
ولا يصحّ على مجهول ، ولا على ما لا يمكن ضبطه ، فتوصف الأثمان بما يوصف في النسيئة ، والعروض بما يوصف في السلم ، ولا على عين.
ويصحّ جعل العوض منفعة فيقدر إمّا بالعمل كخياطة الثوب أو بالمدّة كخياطة سنة ويجوز الجمع بين الدّين والمنفعة ، مثل : كاتبتك على خدمة شهر وأداء (١) دينار بعده ، والجمع بين الكتابة وغيرها من المعاوضات في عقد واحد ، فيقسّط على القيمتين.
ولو كاتبه الشريكان بعوض واحد ، قسّط على حصّتهما ، ويجوز أن يتفاوتا وإن اتّفقا في الحصّة وبالعكس ، ثمّ يدفع إليهما ، فلو دفع إلى أحدهما شاركه الآخر إلّا أن يكون بإذنه ، ولا يعتق إلّا بأداء الجميع إليهما ، فلو دفع إلى أحدهما نصيبه بإذن الآخر عتق نصيب القابض ، ولم يقوّم عليه حصّة الآذن.
ولو مات المولى عن اثنين فأدّى إلى أحدهما نصيبه عتق وإن لم يأذن الآخر.
ولو كاتب عبدين فصاعدا فى عقد صحّ ، ويبسّط العوض على قيمتهما يوم العقد ، فمن أدّى حصّته عتق ولم يتوقّف على أداء حصّة الآخر ، ومن عجز رقّ.
ولو شرط على كلّ منهما كفالة صاحبه صحّ ، ولو شرط الضمان (٢) فضمنا تحوّل المال وعتقا.
__________________
(١) في « أ » : « أو أداء » والصحيح ما في المتن.
(٢) في « أ » : ولو شرطا.
ولو ظهر استحقاق المدفوع ردّ في الرّقّ حتّى يأتي ببدله.
ولو ظهر معيبا تخيّر بين الرّدّ والأرش ، ومع الرّدّ يصير رقّا ، ويمنع الرّد العيب المتجدّد عند السيّد ، ولو دفع الأجود لزمه قبوله ، لا الأدون ولو أبرأه السيّد عتق ، ولو أبرأه من البعض عتق بإزائه إن كانت مطلقة ، ولو أقرّ بالقبض عتق ، ولو كان مريضا متّهما نفذ من الثلث.
الخامس : الأجل ، والحقّ اشتراطه ، فلا تصحّ حالّة ، ويجوز اتّحاد النجم وتعدّده.
ويشترط تعيينه بما لا يحتمل الزيادة والنقصان ، كأجل السّلف والنسيئة ، ويتعيّن (١) وقت الأداء فيه ، فلو جعل النجم ظرفا للأداء لم يصحّ.
ويجوز مساواة النجوم والمال واختلافهما.
ولا يشترط اتّصال الأجل بالعقد.
__________________
(١) في « أ » : ويعتبر.
الأمر الثاني : في الأحكام
وفيه مسائل :
الأولى : إذا تمّت المكاتبة ، فالمطلق يتحرّر منه بقدر ما أدّى ، ويتبعه الولد ، ونفقته وفطرته عليه وعلى مولاه بالحصص ، وله من الوصيّة بقدر الحرّيّة ، ويبطل في الباقي ، ويحدّ من حدّ الأحرار بنسبة الحرّيّة ، ومن حدّ العبيد بنسبة الرقّيّة.
ولو زنى بها المولى حدّ بقدر الحرّيّة ، وسقط عنه الباقي ، ولو عجز لم يرقّ ولم يجز بيعه.
ولو مات ولم يؤدّ شيئا مات رقّا ، سواء خلّف أو لا.
ولو أدّى البعض وخلّف مالا ، اقتسمه مولاه ، وورثه بنسبة الحرّية والرقّيّة ، ثمّ إن كان الوارث تابعا له في الكتابة كالولد أدّى من نصيبه ما بقي من مال الكتابة ، ولو كان الوارث حرّا غير تابع ، ورث بقدر الحرّيّة ، ولا شيء عليه ، ولو لم يخلّف شيئا سعى الأولاد فيما بقي من مال الكتابة بالسويّة ، فإذا أدّوا عتقوا ، فإن امتنعوا جبرهم المولى.
ولو لم يؤدّ شيئا كان أولاده رقّا والمال للمولى.
والمشروط رقّ ولا يعتق (١) إلّا بأداء جميع المال ، أو الإبراء ، أو الاعتياض ، أو الضمان عنه ، وفطرته على مولاه.
ولو مات بطلت وكانت تركته لمولاه ، ويحدّ حدّ المملوك.
الثانية : لو كان على المكاتب ديون ، فإن وفى بالجميع فلا كلام ، وإن قصر تحاصّ المولى والدّيان في المطلقة ، ويختصّ الدّيان بما في يد المشروط ، وكذا لو مات ، ولا يضمن المولى لو قصر.
الثالثة : لو صدّقه أحد الوارثين في الكتابة وكذّبه الآخر ، فإن كان المصدّق عدلا قبلت شهادته ، وإلّا حلف المكذّب ، وصار نصفه مكاتبا ونصفه رقّا.
ولو ادّعى الأداء ، فصدّقه أحدهما قبلت شهادته إن كان عدلا ، وإلّا حلف الآخر ، وصار نصفه مكاتبا ونصفه حرّا.
الرابعة : لو مات قبل الأداء فأبرأه أحد الورّاث من نصيبه ، عتقت حصّته ، ولم يقوّم عليه حصّة الآخر ، وكذا لو أعتق.
الخامسة : لو اشتبه المؤدّي من المكاتبين صبر ، فإن ادّعيا العلم حلف لهما ثمّ يقرع ، ولو مات استخرج بالقرعة.
السادسة : لو دفع قبل الأجل لم يجب القبض ، ولو دفع بعده وجب القبض أو الإبراء ، فإن امتنع قبضه الحاكم ، وعتق ، فإن تعذّر برئ وعتق ، وبقي المال أمانة.
السابعة : تجوز الوصيّة بمال الكتابة إجماعا وبيعه على الأقوى ، ويعتق
__________________
(١) في « ب » و « ج » : رقّ لا يعتق.
بأدائه إلى المشتري ، ولو عجز وكان مشروطا فسخ المولى وردّ رقّا (١) ويرجع المشتري على مولاه بالثمن.
الثامنة : لو زوّج بنته بمكاتبه ثمّ مات ، انفسخ النكاح.
التاسعة : لو اختلفا في قدر العوض أو النجوم ، قدّم قول منكر الزيادة ، ولو اختلفا في الأداء حلف السيّد.
العاشرة : لا يدخل الحمل في كتابة أمّه ، ولو حملت بعد الكتابة بمملوك لحقه حكمها فيعتق منه بقدر ما يعتق منها ، ولو حملت من حرّ فالولد حرّ ، ولو حملت من مولاها فالكتابة بحالها ، ولو مات قبل الأداء أعتقت من نصيب ولدها ، وإن لم يكن لها ولد سعت في مال الكتابة (٢) للوارث.
الحادية عشرة : يجب على المولى إعانة المكاتب من سهم الرقاب إن وجبت عليه الزكاة ، وإلّا استحبّت ، ولا قدر له ، ويجب على المكاتب القبول إن كان من جنس مال الكتابة.
الثانية عشرة : يجوز للمكاتب مقاصّة سيّده بماله عليه ، فإن اتّحد الجنس والصّفة لم يفتقر إلى التراضي ، وإن اختلف أو كانا قيميّين افتقر إليه ، ولا يفتقر إلى التقابض وإن كان أحدهما نقدا والآخر عرضا ، وكذا حكم كلّ غريمين.
__________________
(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : ففسخ المولى ردّ رقّا.
(٢) في « أ » : « بيعت من مال الكتابة » ولعلّه مصحّف.
الأمر الثالث : في اللواحق
وفيه مباحث :
[ المبحث ] الأوّل : في التصرّف ، وهو قسمان :
الأوّل : لا يتصرّف المولى في المكاتب ببيع وغيره إلّا مع عجز المشروط ، ولا تزويج المكاتبة إلّا بإذنها ، ولا وطئها بالملك والعقد ، ولا وطء أمة المكاتب ، فإن وطأ إحداهما لشبهة فعليه المهر ، ولا يتكرر ، ولا يحدّ ، والولد حرّ ، وتصير أمّ ولد ، فإن مات عتقت من نصيب ولدها ، وسقط عنها مال الكتابة ، فإن عجز النصيب عتقت بقدره والباقي مكاتب ، ولو علما بالتحريم فلا مهر مع المطاوعة ، ويعزّران.
وليس له التصرّف في ملكه بغير الاستيفاء ، ولا يتوقّف على الحاكم.
الثاني : لا يتصرّف المكاتب في ماله بما يعرضه للتّلف ،كالقرض والرّهن ، ولا بالإتلاف كالعتق والهبة والمحاباة ، وليس له المضاربة بماله ، ولا أن يكاتب عبده إلّا مع الغبطة ، ولا أن يتزوّج أو يتسرّى ، ولا يزوّج عبيده من إمائه إلّا مع الإذن في ذلك كلّه.
ولو حملت منه أمته فالولد رقّ له ، فإن أدّى عتقا وإلّا رقّا.
وله السّفر ، والتصرّف بجميع وجوه الاكتساب ، كالبيع والشراء من المولى وغيره حالّا.
ولا يبيع مؤجّلا إلّا برهن أو ضمين ، أو بأكثر من ثمن المثل ، ويقبض مقداره ، ويؤخّر الزيادة ، ولا يسلّم المبيع قبل قبض الثمن.
وله أن يشتري مؤجّلا ، وان يستسلف ، ولا يشتري من يعتق عليه إلّا مع الإذن.
ولا يقبل الوصيّة أو الهبة به مع الضّرر ، كالعاجز عن الاكتساب ، وحيث يصحّ لا يعتق ، وليس له أن يخرجه عن ملكه ، بل يتبعه في الرّقّ والعتق ، ونفقته عليه من جهة الملك لا من جهة القرابة.
ويصحّ إقراره بما يملك التصرّف فيه ، وكسبه له.
ويكفّر بالصوم لا بالعتق والإطعام وإن أذن المولى.
[ المبحث ] الثاني : في حكم الجناية ، وهو قسمان.
[ القسم ] الأوّل : في المشروط ، إذا جنى على مولاه عمدا اقتصّ منه في النفس والطرف ، ولو جنى خطأ تعلّقت برقبته ، وله أن يفدي نفسه بالأرش أو بأقلّ الأمرين ، فإن وفى ما في يده بالحقّين عتق بالأداء ، وإلّا قدّم الأرش.
ثمّ إن عجز فللمولى الفسخ ، ولو اختار المولى قبض مال الكتابة أوّلا عتق ثمّ يطالبه بالأرش ، ولو لم يكن له مال ففسخ الكتابة سقط مالها والأرش ، ولو أعتقه سقط مال الكتابة دون الأرش.
ولو جنى على أجنبيّ عمدا ، فله القصاص ، ولو عفا على مال جاز ،
وقدّم على النجوم ، ولو عفا مجّانا فالكتابة بحالها ، وإن كانت خطأ وله مال ، فله فكّ نفسه قبل أداء مال الكتابة ، ولو قصر باع الحاكم منه ما يتمّ به الفكّ ، ويبقى باقيه مكاتبا ، وإن لم يكن له مال ، فإن فداه السيّد فالكتابة بحالها ، وإلّا بيع فيها وبطلت الكتابة.
وإذا جنى على جماعة عمدا ، فلهم القصاص ، وفي الخطأ الأرش ويتعلّق برقبته ، ثمّ إن وفى ماله فكّ ، وإن قصر تمّم من رقبته ، ولو لم يكن له مال تساووا في قيمته بالحصص.
وإذا جنى عبد المكاتب خطأ فللمكاتب فكّه بالأقل من قيمته والأرش.
ولو جنى عبده عليه عمدا فله القصاص ، والخطاء هدر وبالعكس (١) لا قصاص ولا دية.
ولو جنى بعض عبيده على بعض فله القصاص في العمد ، ولا حكم للخطأ.
ولو كان أحد عبيده أباه فقتل الآخر لم يقتصّ منه.
ولو جنى على المكاتب لم يكن له القصاص ، ولو جنى على أجنبيّ لم يكن له فكّه ، وإذا جنى عليه مولاه في النفس بطلت الكتابة ولا شيء عليه ، ولو جنى عليه أجنبيّ حرّ عمدا بطلت الكتابة ، ولا قصاص ، وعلى الجاني قيمته لسيّده ، وإن كان طرفا فلا قصاص ، وله الأرش دون مولاه ، وكذا في الخطأ.
ولو كان الجاني عبدا أو مكاتبا فله القصاص ، وليس للمولى منعه منه ، وإن عفا على مال فهو له ، ويجوز له العفو مجّانا.
__________________
(١) في « أ » : « وبالعمد » ولعلّه مصحّف.
ولو جنى المولى على طرفه عمدا فعليه الأرش دون القصاص.
ولو جنى عليه عبد المولى عمدا فلمولاه منعه من القصاص ، وله في الخطأ الأرش ، وليس له الإبراء إلّا بإذن السيّد.
القسم الثاني : في المطلق ، إذا تحرّر بعضه ثمّ جنى عمدا على حرّ أو على أزيد حرّية أو مساو اقتصّ منه ، ولو جنى على مملوك أو مكاتب أو انقص حرّية لم يقتصّ منه ، ولزمه من الأرش بقدر حرّيته ويتعلّق برقبته بقدر رقيّته.
ولو كانت خطأ تعلّق بعاقلته نصيب الحرّية وبرقبته نصيب الرقية ، وللمولى أن يفدي بقدر الرقية بحصّته من الأرش ، سواء كانت الجناية على حرّ أو عبد ولو جنى عليه حرّ أو مكاتب أزيد حرّية عمدا لم يقتصّ منه ، وعليه الأرش ، ولو كان رقّا أو أقلّ حرّية أو مساويا اقتصّ منه.
المبحث الثالث : في حكم الوصيّة
لا تصحّ الوصيّة برقبة المكاتب المطلق ولا بالمشروط إلّا أن يضيفها إلى عوده في الرقّ ، وتصحّ بمال الكتابة ، ولا تصحّ الوصيّة لمكاتب الأجنبيّ المشروط ، وتصحّ للمطلق بحساب ما تحرّر منه ، ولمكاتبه مطلقا ، فيقاصّ الورثة.
ولو أعتقه في مرضه صحّ من الثلث فإن كان بقدر الأكثر من قيمته ومال الكتابة عتق ، وإن زاد أحدهما اعتبر الأقلّ ، فإن احتمله الثلث عتق وإلّا ما يحتمله ، وبطل في الزائد ، ويسعى في باقي الكتابة ، فإن عجز استرقّ الورثة بقدر الباقي ، وكذا لو أبراه من مال الكتابة.
ولو قال : ضعوا عنه نجما ، تخيّر الوارث.
ولو قال : [ ضعوا ] أيّ نجم شاء ، تخيّر المكاتب.
ولو قال : [ ضعوا ] أكثر نجومه ، فهو الأكثر قدرا ، وإن تساوت فالنّصف وزيادة.
ولو قال : [ ضعوا ] أوسط نجومه ، وفيها أوسط قدرا أو عددا ، انصرف إليه ، وإن اجتمعا تخيّر الوارث ، ولو انتفيا فالوسط في الزّوج اثنان ، فيؤخذ من الأربعة الثاني والثالث ، ومن الستّة الثالث والرابع ، ومتى كان العدد فردا فالأوسط واحد.
وإذا قال : ضعوا عنه أكثر ما بقي عليه ، فهو وصيّة بالنّصف وزيادة يقدّرها الوارث.
ولو قال : [ ضعوا ] الأكثر ومثله ، فهو وصيّة بالجميع ، ولا زيادة.
ولو قال : [ ضعوا ] الأكثر ومثل نصفه ، فهو ثلاثة أرباع وزيادة.
ولو قال : [ ضعوا ] ما شاء ، فإن شاء البعض صحّ ، وإن شاء الجميع فقولان.
ولو قال : [ ضعوا ] ما شاء من مال الكتابة ، فشاء الجميع ، ففيه احتمالان باعتبار كون « من » للتبيين أو للتبعيض.
وإذا أوصى بعتقه قبل الحلول وليس غيره ، عتق ثلثه معجّلا ، ثمّ إن أدّى ثلثي مال الكتابة تحرّر كلّه ، وإن عجز كان للورثة استرقاق ثلثيه.
ولو أعتقه في مرض الموت صحّ من الثلث ، ويعتبر الأقلّ من قيمته ومال الكتابة.
كتاب الاستيلاد
وفيه بحثان
[ البحث ] الأوّل : في سببه
وهو علوق أمته منه ، فلا يثبت بعلوق الزوجة أو الموطوءة بالشبهة أو بالزّنا وإن ملكها حبلى ، ولا يمنع تحريم الوطء العارض من نفوذ الاستيلاد ، كالصوم ، والحيض ، والإحرام ، والرّهن ، والظهار ، والإيلاء ، وكذا لو ملك المسلم وثنيّة والمرتدّ عن غير فطرة مسلمة.
ولا يشترط الإسلام في المولى والأمة ، فلو أحبل الذميّ أمته صارت أمّ ولد ، لكن لو أسلمت بيعت عليه على الأصحّ ، ويتحقّق بوضع العلقة فصاعدا دون النطفة ، وتظهر الفائدة في التصرّفات بعد الوطء وقبل الوضع.
ولو اشتبه افتقر إلى شهادة أربع نساء.
[ البحث ] الثاني : في الحكم
أمّ الولد رقّ ، فيجوز التصرّف فيها بما لا يخرجها عن ملكه إلّا العتق ، فله استخدامها ، وإجارتها (١) وتزويجها ، وتدبيرها ، ومكاتبتها ، (٢) ووطؤها ، وعتقها في الكفّارة وغيرها ، وله كسبها.
ولا يجوز هبتها ، ولا بيعها إلّا في ثمن رقبتها مع إعسار المولى ، سواء كان حيّا أو ميّتا.
ولو مات الولد قبل مولاها رجعت طلقا ، ولا يقوم ولده مقامه ، ولا تعتق بموت مولاها من أصل التركة بل من نصيب ولدها ، فلو لم يكن سواها عتق نصيب الولد وسعت في الباقي ، ولا تقوّم على الولد.
ولا يتعدّى حكم الاستيلاد إلى أولادها ، وكلّما في يدها للوارث.
وتصحّ الوصيّة لها من مولاها خاصّة ، وتعتق من الوصيّة ، فإن لم تف بالقيمة عتقت من نصيب الولد.
__________________
(١) في « أ » : أو إجارتها.
(٢) في « أ » أو مكاتبتها.
وإذا جنت خطأ تعلّقت برقبتها ، وللمولى فكّها بالأقلّ من قيمتها والأرش ، وله دفعها إلى المجنيّ عليه.
ولو جنت على جماعة تخيّر المولى أيضا في الفداء والدفع إليهم ، أو إلى ورثتهم على قدر الجنايات ، ولو ماتت قبل الفداء لم يكن على المولى شيء ، ويقوّم معيبه بالاستيلاد ، ولا يبطل بالجناية على مولاها ولا بالارتداد.
وروي في وليدة نصرانيّة أسلمت عند رجل ، ثمّ ولدت غلاما ، ثمّ مات مولاها ، فأعتقت ، ثمّ تنصّرت وتزوّجت نصرانيّا ، وولدت منه ، فقال : ولدها لابنها من سيّدها ، وتحبس حتّى تضع ، ثمّ تقتل. (١)
وقال الشيخ : يفعل بها كالمرتدة. (٢)
__________________
(١) لاحظ الوسائل : ١٦ / ١٠٩ ، الباب ٨ من كتاب الاستيلاد ، الحديث ١ ، والرواية منقولة بمعناها.
(٢) النهاية : ٤٩٩ ـ ٥٠٠. باب السراري وملك الأيمان.