معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

الثالثة : إذا انتقلت المسلمة إلى غير ملّتها من ملل الإسلام لم ينفسخ النكاح ، سواء كان قبل الدّخول أو بعده.

الرابعة : إذا انتقلت الذميّة إلى ملّة من ملل الكفر لم يقبل ، سواء أقرّ أهله عليه أو لا ، ولا يقبل منها الرّجوع ، ثمّ إن كان قبل الدّخول انفسخ العقد في الحال ، وإن كان (١) بعده وقف على انقضاء العدّة ، فإن أسلما قبله استقرّ العقد وإلّا بطل ، وكذا الوثنية.

خاتمة

للمسلم إلزام زوجته الذّميّة بإزالة المنفّر كشعر العانة وطول الأظفار والنتن ، ومنعها من شرب الخمر ، وأكل لحم الخنزير ، واستعمال النجاسات ، والخروج إلى البيع والكنائس ، وليس له إجبارها على الغسل وإن حرّمنا الوطء قبله. (٢)

الفصل الثالث : في حكم الزائد على العدد

إذا أسلم الكتابيّ الحرّ على أربع حرائر كتابيّات ، أو حرّتين وأمتين ، أو ثلاث حرائر وأمة ، أو أسلم العبد على أربع إماء ، أو حرّة وأمتين ثبت نكاح الجميع.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : ولو كان.

(٢) ظاهر العبارة أنّ « إن » وصليّة ولكن المتبادر من عبارة القواعد انّها شرطيّة حيث قال : « وإن حرّمنا الوطء قبله أوجبناه » القواعد : ٣ / ٤٠.

٦١

وإن أسلم الحرّ أو العبد على أكثر من ذلك اختار كلّ منهما عدده ، واندفع نكاح البواقي من غير طلاق ، سواء ترتّبت عقودهن أولا ، دخل أولا ، وسواء اختار السوابق أو اللواحق ، ولا مهر قبل الدخول ، ويجب المسمّى بعده.

ولو أسلم عن أمة وبنتها فإن لم يطأهما تخيّر ، وإن وطئهما حرمتا ، وإن وطأ إحداهما حلّت خاصّة.

ولو أسلم عن امرأة وبنتها بعد الدّخول بهما أو بالأمّ حرمتا ، وقبله تحرم الأمّ خاصّة ، ولا اختيار.

ولو أسلم عن أختين تخير إحداهما مع الوطي وعدمه وإن كانت الثانية.

ولو كان عن امرأة وبنت أخيها أو أختها ، فإن أجازت (١) العمّة أو الخالة صحّ الجميع وإلّا تخيّر.

ولو كان عن أمة وحرّة ، تخيّر الحرّة ، ولو تعدّدت الحرائر ورضين ، اختار منهن ثلاثا ، ولو تعدّدت الإماء ورضيت الحرّة اختار معها أمتين.

ولو أسلم الحربيّ الحرّ على أزيد من أربع وثنيّات بعد الدّخول ، فإن خرجت العدّة قبل إسلام إحداهنّ بطل عقدهنّ ، وإن أسلم فيها أربع فما دون وخرجت العدّة ثبت عقدهنّ ، وإن كنّ أكثر تخيّر أربعا من الأوائل أو الأواخر ، واندفع الباقيات.

ولو سبق إسلام أربع في العدّة فله التربّص ، فإن لم يزدن حتّى خرجت ثبت عقدهنّ ، ولا خيار له ، وإن زدن على أربع في العدّة ، اختار أربعا من السابقات أو اللّاحقات.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : « اختارت » بدل « أجازت » والصحيح ما في المتن.

٦٢

ولو اختار السّوابق وهنّ أربع ، لم يكن له اختيار اللّواحق وإن أسلمن في العدّة ، وليس له فسخ نكاح السّوابق ، لجواز أن لا تسلم البواقي في العدّة.

وكلّ من لحق به في العدّة ثبت نكاحها وإن كانت أمة ، وبطل عقد من تأخّرت وإن كانت حرّة.

وحكم العبد في ذلك حكم الحرّ ، فلو أسلم عن أربع حرائر وثنيّات فصاعدا ، فأسلم معه اثنتان ، ثمّ أعتق وأسلم الباقي في العدّة ، تخيّر اثنتين ، واندفع البواقي ، ولو أعتق ، ثمّ أسلم ، ثمّ أسلمن ، تخيّر أربعا.

ولو أسلم على أربع إماء ، فأسلمت اثنتان ، ثمّ أعتق. فأسلمت الباقيتان في العدّة ، تخيّر اثنتين ، ويحتمل الأولتين.

ولو أسلم الحرّ عن أربع مدخول بهنّ منع من العقد على خامسة وعلى أخت إحداهنّ إلّا بعد العدّة وبقائهنّ على الكفر ، أو بقاء إحداهنّ أو بقاء الأخت.

ولو أسلمت الوثنيّة فتزوّج زوجها بأختها فإن خرجت العدّة وهو كافر ثبت عقده ، ولو أسلم هو والثانية في العدّة (١) تخيّر.

تنبيه

قد علمت أنّه إذا أسلم على أكثر من أربع حرائر وثنيّات مدخول بهنّ وتبعه أربع في العدّة ، أنّ له الاختيار والانتظار ، فإن اختار الأربع انقطعت عصمة البواقي ، فإن أسلمن في العدّة بن من حين الاختيار ومنه

__________________

(١) أي أسلم الزوج والأخت في عدّة الأولى تخيّر. لاحظ القواعد : ٣ / ٤٣.

٦٣

ابتداء العدّة ، وإن بقين على الكفر بن من حينه باختلاف الدين.

وإن انتظر إسلامهنّ فإن أسلمن في العدّة اختار أربعا انفسخ نكاح البواقي من حين اختياره ومنه ابتداء العدّة وإن بقين على الكفر بن من حين اختلاف الدين وظهر انقضاء العدّة ولزمه نكاح المسلمات.

الفصل الرابع : في الاختيار

وفيه بحثان :

الأوّل : في كيفيته

وهو إمّا بالقول ، مثل أمسكتك ، أو اخترتك ، ويشترط التنجيز ، فلو علّقه بطل ، والطلاق الصحيح اختيار دون الإيلاء والظهار ، فيحسب من الأربع ، ولو طلّق أربعا ثبت نكاحهنّ وطلّقن.

ولو قذف واحدة فإن اختارها أسقط الحدّ باللعان أو بالبيّنة ، وإن اختار فراقها حدّ إلّا أن يقيم بيّنة.

ولو رتّب اختيار من زاد على العدد ثبت نكاح الأربع الأولى واندفع البواقي ، وكذا لو اختار فراق الزائد على الأربع.

وإمّا بالفعل ، وهو الوطء أو اللّمس بشهوة دون التقبيل ، فلو وطئ أربعا ثبت عقدهنّ وانفسخ عقد البواقي.

ولو تزوّج بأخت إحداهنّ لم يصحّ ، ولم يكن اختيارا لفراق الأولى.

٦٤

البحث الثاني : في وجوب الاختيار

إذا امتنع الزوج من التعيين حبس ، فإن أصرّ عزّر ، فإن مات قبله اعتدّت الحائل بالأبعد من ثلاثة أقراء وأربعة أشهر وعشرة أيّام ، والحامل بالأبعد من الوضع وعدّة الوفاة ، ويوقف لهنّ ربع الميراث أو ثمنه حتّى يصطلحن على الأقوى.

هذا إذا ورث الجميع ، ولو ورث البعض كأربع وثنيّات وأربع كتابيّات ، فأسلم الوثنيّات ثمّ مات فلا إنفاق ، لاحتمال أن يختار فراق المسلمات ، وكذا لو أسلم على ثمان كتابيّات ، فأسلم أربع ثمّ مات قبل الاختيار.

ولو أسلم الكتابيّات قبل القسمة احتمل إيقاف الحصّة ، وكذا لو قال للمسلمة والكتابيّة : إحداكما طالق ، ثمّ مات قبل التعيين.

الفصل الخامس : في النفقة

لو أسلم وأسلمن لزمه نفقة الجميع حتّى يختار أربعا فتسقط نفقة الباقيات ، وكذا لو أسلمن أو بعضهنّ قبله ، ولو لحق الباقيات في العدّة وجبت لمدّة التقدّم.

ولو أسلم قبلهنّ سقطت النفقة إن كنّ وثنيّات ، ولو لحقن لم تجب لمدّة التقدّم ، ولو كنّ كتابيّات وجبت وإن بقين على الكفر.

ويطالب بنفقة الماضي والحاضر.

٦٥

ولو ادّعى كلّ منهما السّبق قدّم قول الزّوج ، وكذا لو ادّعى أنّ إسلامه بعد العدّة ، وقالت : بل فيها.

ولو ادّعى أنّ إسلامه قبل الوطء فأنكرت قدّم قولها.

٦٦

المقصد الثالث : في سبب الخيار

وهو ثلاثة :

الأوّل : العتق وقد تقدّم.

الثاني : العيوب.

وفيه بحثان :

الأوّل : في أقسامها

منها ما يشترك فيه الزوجان ، وهو الجنون ، سواء كان مطبقا أو أدوارا ، فلا اعتبار بالسّهو السّريع زواله ، ولا بالإغماء الحاصل من غلبة المرّة إلّا أن يدوم على توقّف.

ومنها ما يختصّ بالرجل وهو ثلاثة :

الأوّل : الجبّ المستوعب ، فلو بقي ما يحصل معه الوطء فلا خيار.

الثاني : الخصاء ، وفي معناه الوجاء (١)

__________________

(١) في جامع المقاصد : ١٣ / ٢٢٦ : الخصاء : سلّ الأنثيين ، والوجاء ـ بكسر أوّله والمدّ ـ : رضّ الخصيتين بحيث تبطل قوّتهما.

٦٧

الثالث : العنن وهو مرض تضعف معه القوّة عن نشر العضو والإيلاج ، ولا يردّ الرجل بغير ذلك.

ومنها ما يختصّ بالمرأة وهو سبعة :

الأوّل : الجذام ، وهو مرض يظهر معه يبس الأعضاء وتناثر اللحم ، فلا عبرة بالاحتراق وتعجّر الوجه واستدارة العين.

الثاني : البرص ، وهو بياض يظهر على صفحة البدن لغلبة البلغم ، فلا يفسخ بالمشتبه ولا بالبهق.

الثالث : القرن ، وهو يسمّى العفل ، وهو لحم ينبت في الرحم يمنع الوطء ، وقيل انّه عظم. (١)

الرابع : الرتق وهو التصاق الشفرين بحيث لا يمكن معه الوطي ولا يمكن إزالته ، أو يمكن وتمتنع من الإزالة ، ولا تجبر عليها.

الخامس : الإفضاء ،وهو صيرورة مخرج البول والحيض واحدا.

السادس : العرج إذا بلغ الإقعاد.

السابع : العمى.

ولا تردّ المرأة بغير ذلك من المنفّرات كالبخر (٢) والصّنان (٣).

__________________

(١) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٤ / ٢٥٠.

(٢) في مجمع البحرين : بخر الفم بخرا ـ من باب تعب ـ : أنتنت رائحته.

(٣) الصّنان : ذفر الإبط ، وامرأة ذفرة : ظهرت ريحها واشتدّت ، طيّبة كانت كالمسك أو كريهة كالصّنان. مجمع البحرين : مادة « ذفر » و « صنن ».

٦٨

البحث الثاني : في الأحكام

العيب الحادث قبل العقد ( أو الوطء ) (١) يفسخ به الرجل والمرأة مطلقا مع الجهل ، والحادث بعد العقد أو الوطء لا يفسخ به الرّجل ، أمّا المرأة فإنّها لا تفسخ بالخصاء المتجدّد بعد العقد ، وتفسخ بالجنون والجبّ مطلقا ، وبالعنن المتجدّد بعد العقد قبل الوطء بشرط عجزه عن وطء زوجته وغيرها ، فلو وطئها مرّة ثم عنّ ، أو عنّ عنها دون غيرها فلا خيار ، وكذا لو عنّ قبلا لا دبرا.

والخيار على الفور. وليس الفسخ طلاقا ، فلا يعدّ في الثلاث.

ثمّ إن كان الفسخ قبل الدخول سقط المهر من أيّهما كان إلّا في العنن ، فإنّه ينتصف ، ولو كان بعده فإن كان من الرّجل وجبت العدّة ، ولا نفقة إلّا مع الحمل ، ولها المسمّى ويرجع به على المدلّس وإن كان الزّوجة ، لكن يبقى لها ما يمكن أن يكون مهرا ، وإن كان من المرأة فلها المسمّى خاصّة (٢) ، وكذا لو وطئ الخصيّ.

ولو علم بالعيب بعد الطلاق لم يسقط عنه شي‌ء ، سواء كان قبل الدّخول أو بعده.

ولا يتوقّف الفسخ على إذن الحاكم إلّا في ضرب أجل العنن ، ثمّ تستقلّ المرأة بالفسخ.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « أ ».

(٢) في « ب » و « ج » : من خواصّه.

٦٩

ويثبت العيب بالإقرار مرّة وبشهادة عدلين عارفين ، وفي عيوب النساء الباطنة بشهادة أربع.

ويثبت العنن بإقرار الزّوج ، أو البيّنة على إقراره ، أو بنكوله ، ولو ادّعته المرأة قدّم قوله مع اليمين.

ومع ثبوته إن صبرت فلا كلام ، وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أجّلها سنة من حين الترافع ، ثمّ إن وطئها أو غيرها فلا خيار ، وإلّا فلها الفسخ.

ولو ادّعى وطئها قبلا أو دبرا ، أو وطء غيرها قبل مع اليمين.

ولو اختلفا في العيب ولا بيّنة فالقول قول منكره.

وإذا رضيت الأمة بعيب زوجها فلا خيار لمولاها.

السبب الثالث :

التدليس

وهو إخبار الزّوج أو الزوجة أو الوليّ أو السّفير [ بينهما ] بالكمال والأمر بخلافه ، فلا اعتبار بإخبار الأجنبيّ ولو زوّجت نفسها وأطلقت (١) أو زوّجها الوليّ كذلك فبان عدم الكمال ، ففي ثبوت الخيار توقّف ، ينشأ من أنّ التدليس بالفعل هل هو كالتدليس بالقول أم لا؟ الأقرب عدمه ، فلو ظنّها حرّة فبانت أمة فلا خيار ، ولا فرق بين الإخبار والاشتراط.

__________________

(١) أي من غير إخبار بالصحة في ذات العيب وبالكمالية في ذات النّقص. لاحظ جامع المقاصد : ١٢ / ٢٨٣.

٧٠

وإنّما يقع في النسب ، والحريّة ، والبكارة ، وما يؤثّر في الكفاءة ، دون غيرها كالجمال.

إذا عرفت هذا فلو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها فلها الفسخ ، وكذا الزّوجة.

ولو تزوّجها على أنّها حرّة فبانت أمة فله الفسخ ، ولا مهر قبل الدخول ، ولها المسمّى بعده ، ويرجع به على المدلّس ، فإن دلّست نفسها تبعها به إذا تحرّرت ، ولو كان مولاها فإن تلفّظ بما يقتضي العتق ، حكم به وبصحّة العقد ، وكان لها المهر ، وإلّا فهي رقّ ولا مهر قبل الدخول وبعده ، ولو كان دفعه إليها استعاده أو ما بقى منه ، ويتبعها بالباقي.

ولو تزوّجته على أنّه حرّ فبان عبدا ، فلها الفسخ ، ولا مهر قبل الدّخول بل بعده ، وترجع به على المدلّس ، فإن كان الزّوج تبع به.

ولو تزوّجها على أنّها بنت مهيرة فبانت بنت أمة ، فله الفسخ ، ولا مهر قبل الدّخول ، ولها المسمّى بعده ، ويرجع به على المدلّس أبا كان أو غيره ، ولو دلّست نفسها رجع به عليها.

ولو زوّجه بنته من المهيرة فأدخل عليه بنته من الأمة ، فلا خيار بل يردّ بنت الأمة ، ثمّ إن دخل فلها مهر المثل ، ويرجع به على السابق ، وتردّ إليه زوجته ، ولها مهرها ، وكذا كلّ من سيق إليه غير زوجته فوطئها.

ولو شرط بكارتها فبانت ثيّبا ، فإن ثبت عدمها تخيّر ويدفع المهر ، ويرجع به على المدلّس ، فإن كان هي فلا شي‌ء لها ، وإن لم يثبت فلا خيار له ، وله أن بنقص من مهرها ما بين مهر البكر والثيّب.

٧١

ولو شرط إسلامها فله الفسخ مع عدمه ، ولو ظنّها مسلمة فتمتّع بها فبانت كتابيّة فليس له فسخ إلّا بهبة المدّة ولا إسقاط شي‌ء من المهر.

ولو أدخلت امرأة كلّ واحد من الزوجين على الآخر فوطئها ، فلكلّ واحدة مهر المثل على الواطئ ، والمسمّى على زوجها وتردّ عليه ، ولا يطؤها إلّا بعد العدّة ، ويتوارثان فيها.

فروع

الأوّل : لا يرجع إلّا الجاهل بالتدليس ، فلو علم لم يرجع ، وإنّما يرجع بعد الغرم.

الثاني : كلّ موضع يرجع بالمهر بعد الدّخول فالأولى وجوب أقلّ ما يمكن أن يكون مهرا.

الثالث : الحقّ أنّ المعتق كالحرّ ، فلو تزوّجها على أنّها حرّة فبانت معتقة ، أو تزوّجته على أنّه حرّ فبان معتقا فلا خيار.

الرابع : كلّ وطء عن عقد صحيح يوجب المسمّى وإن لحقه الفسخ بعيب سابق ، وكلّ وطء عن عقد فاسد يوجب مهر المثل.

٧٢

المقصد الرّابع : في توابع النكاح

لكلّ واحد من الزّوجين حقّ على صاحبه ، فيجب على الزوج : القسم ، والإنفاق ، والإسكان ، وعلى الزّوجة : التمكين من الاستمتاع ، وإزالة المنفّر ، وطاعة الزوج.

فهنا فصول

[ الفصل ] الأوّل :

[ في ] القسم

وفيه مباحث :

الأوّل : في حقيقته

وهي المضاجعة دون الوقاع ، ووقته اللّيل إلّا أن يكون معاشه فيه ، فيقسم بالنهار ، وأقلّة ليلة ، فلا يقسم بعضها ، ولا حدّ لأكثره ، فلا يجوز له الدخول على الضّرة إلّا لعيادتها ، فإن استوعب الليلة أو طال المكث قضى مثله من نوبتها (١) ،

__________________

(١) في « أ » : من يومها.

٧٣

وكذا لو زاد الصحيحة ، ولو واقعها لم يقض المواقعة.

ومكانه إمّا بيته فيستدعيها ، وإمّا بيوتهنّ فيدور عليهنّ ، وله أن يستدعي بعضا ويدور على بعض ، وأن يساكن واحدة ، ويستدعي الباقيات.

ويجب أن يفرد كلّ واحدة بمسكن إلّا مع الرضاء أو انفصال المرافق.

البحث الثاني : في مستحقّه

وهو الزوجة بالعقد الدائم مع التّمكين ، سواء كانت حرّة أو أمة ، مسلمة أو كتابيّة ، أو مريضة ، أو رتقاء ، أو حائضا ، أو نفساء ، أو محرمة ، أو مظاهرة ، أو مؤلى منها ، ولا تستحقّه المتمتّع (١) بها ، ولا السّرية ، ولا الصّغيرة ، ولا المجنونة المطبقة ، ولا الناشز إلّا أن تطيع.

ومن النشوز السّفر بغير إذنه إلّا لواجب.

ولو سافرت بإذنه في غرضه فعليه القضاء ، بخلاف ما لو كان في غرضها.

ويجب على الحرّ ، والعبد ، والمسلم ، والكافر ، والعنّين ، والخصيّ ، والمجبوب ، والمجنون ، ويقسم عنه الوليّ ، ولو كان له حال إفاقة قسّمت الحالات بينهنّ.

والقسم حقّ مشترك بين الزوجين ، فلو أسقطت حقّها منه تخيّر الزوج ، ولو وهبته ليلتها وضعها حيث شاء [ منهنّ ] أو انعزل [ عنهنّ ].

ولو وهبتها لإحداهنّ ورضي الزوج اختصّت بها الموهوبة ، فان اتّصلت بليلتها وجب الاتّصال وإلّا فلا.

__________________

(١) في « أ » : المستمتع.

٧٤

ولو وهبتها للجميع قسّمها عليهنّ ، ولا يصحّ الرجوع في الماضي بمعنى أنّه لا يقضي ، ويصحّ في المستقبل ، ولو لم يعلم بالرجوع لم يقض الماضي.

وليس للمولى منع أمته من طلب القسمة ولا من الإسقاط.

ولو عاوض عن الليلة بشي‌ء لم يصحّ.

البحث الثالث : في كيفيّته

للزوجة ليلة من أربع وله ثلاث يضعها حيث شاء ، وللاثنتين ليلتان ، وله ليلتان ، وللثلاث ثلاث وله ليلة ، ولكلّ من الأربع ليلة.

ولا يجوز له الإخلال بذلك إلّا مع العذر ، أو السفر ، أو الإذن.

ويبتدئ بالقرعة ، ولو تزوّج أربعا دفعة رتّبهنّ بالقرعة ، ولا يجوز أن يجعل القسمة أكثر من ليلة إلّا (١) برضاهنّ.

وتستحبّ التسوية بالإنفاق ، وإطلاق الوجه ، والجماع ، وأن يصبح عند صاحبة الليلة.

البحث الرابع : في التفاضل

وأسبابه ثلاثة :

الأول : الحرّيّة ، فللحرّة ليلتان ، وللأمة ليلة ، فلو بدأ بالحرّة وأعتقت الأمة

__________________

(١) في « ب » و « ج » : ولا يجوز أن يجعل أكثر من ليلة القسمة إلّا.

٧٥

في قسم الحرّة أو في قسم الأمة استحقّت ليلتين ، ولو أعتقت بعد تمام ليلتها فقد استوفت حقّها ، ثمّ يسوّي بينهما.

ولو بدأ بالأمة فأعتقت قبل تمام قسمتها صارت كالحرّة ، ولو كان بعده فقد استوفت حقّها ، ثمّ يوفّي الحرّة ليلتين ، ثمّ يسوّي بينهما.

والأولى في المعتق بعضها التقسيط.

الثاني : الإسلام ، فالكتابيّة كالأمة ، والبحث في تجدّده كالعتق.

الثالث : تجدّد النكاح ، فتختصّ البكر بسبع ، والثيّب بثلاث ، ثمّ يستأنف القسم أو يتمّه ، ويستوي في ذلك الحرّة والأمة ، ولا يقضي هذه المدّة للباقيات.

ولو بات عند الثيّب ثلاثا فالتمست زيادة لم يبطل حقّها من الثّلث. (١)

البحث الخامس : في القضاء

ويجب قضاء ما أخلّ به إن أمكن ، فلو كان له ثلاث نساء فأخلّ بليلة إحداهنّ قضاها من ليلته ، ولو كنّ أربعا فبات ليلة خارجا بقيت المظلمة حتّى يفارق إحداهنّ ، وإن باتها عند إحداهنّ قضى من قسمتها.

ولو ظلم واحدة ثمّ أبانها تعذّر القضاء ، فإن جدّد نكاحها فإن بات عند

__________________

(١) خلافا لجماعة من أهل السنة حيث ذهبوا إلى أنّ اقتراحها الزيادة مبطل حقّها من الثلاث استنادا إلى حديث أمّ سلمة حيث بات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندها ثلاثا والتمست الزيادة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن شئت سبّعت عندك وسبّعت عندهنّ وإن شئت ثلّثت عندك ودرت » العزيز في شرح الوجيز : ٨ / ٣٧١.

٧٦

إحدى الثلاث قضى من قسمتها ، وإن بات خارجا أو جدّد نكاح غيرهنّ فقد تعذّر القضاء ، وبقيت المظلمة.

ولو طلق إحداهنّ وقد حضرت ليلتها أتمّ ، فإن راجعها أو تزوّجها قضى الليلة إن باتها عند إحدى الضّرات من قسمها ، وإلّا بقيت المظلمة.

ولو نشزت إحداهنّ ثمّ بات عند اثنتين ثلاثين ليلة ثمّ أطاعت وفّى الثالثة خمس عشرة ليلة والناشزة خمسا ، فيبيت عند الثالثة ثلاثا وعند الناشزة ليلة خمسة أدوار ثمّ يستأنف القسم.

ولو بات عند اثنتين من الثلاث عشرين ليلة ، ثمّ تزوّج برابعة قضى حقّها بثلاث أو سبع ، ثمّ يبيت ثلاثا عند الثالثة وليلة عند الرابعة ثلاثة أدوار ، ثمّ يبيت ليلة عند الثالثة وثلث ليلة عند الرابعة ثمّ يخرج إلى مسجد أو [ بيت ] صديق بقيّة الليلة ثمّ يستأنف القسم.

ولو بات عند واحدة نصف ليلة فأخرجه السلطان فعليه أن يبيت عند الأخرى نصف ليلة ثمّ يخرج إلى صديق أو مسجد.

ولو حبس بعد القسمة لثلاث فإن تمكّن من استدعاء الرابعة وجب ، وإلّا قضى ليلتها إن باتها عند إحداهنّ وإلّا بقيت المظلمة.

البحث السادس : في السفر

إذا سافر سفر الغيبة لم يجب استصحاب إحداهنّ ، ويجوز له إخراجهنّ وإخراج بعضهنّ ، وتستحبّ القرعة ، ولا تتعيّن من أخرجتها القرعة ، فيجوز

٧٧

له إخراج غيرها ، وإذا عاد من سفره لم يجب القضاء أقرع أو لا.

ولو كان السّفر للنقلة (١) وجب القضاء وإن كان بالقرعة ، ولو أقام في أثناء مقصده قضى مدّة الإقامة دون باقي السفر.

ولو أقام على رأس مقصده ثمّ أنشأ سفرا آخر ورجع ، قضى مدّة الإقامة خاصّة.

ولو خرج بزوجاته ثمّ تزوّج في السفر خصّها بسبع أو بثلاث ، ثمّ قسّم بينهنّ.

ولو خلّفهنّ ثمّ تزوّج بواحدة خصّها بسبع أو بثلاث بعد الرجوع ولم يجب القضاء للمتخلّفات ، وكذا لو تزوّج بواحدة ثمّ سافر بها.

ولو تزوّج ذو الزوجتين بأخرتين ثمّ سافر بإحداهما [ بالقرعة ] وفّاها حقّها من التخصيص بعد العود ، وكذا المقيمة.

وذو الزوجتين في بلدين ، له الإقامة عند إحداهما واستدعاء الأخرى والمضيّ إليها.

__________________

(١) أي الانتقال من بلد إلى بلد آخر للإقامة فيه بالاستيطان.

٧٨

الفصل الثاني

في النشوز

وأصله الارتفاع ، وهو خروج أحد الزوجين عن طاعة الآخر ، فإن كان من الرّجل بأن يمنعها حقوقها أو يقصّر فيما يجب عليه ، فلها مطالبته ، وللحاكم إلزامه به ، ولو تركت بعض حقوقها استمالة له حلّ له قبوله ، ولو قهرها عليه لم يحلّ.

ولو منعها بعض حقوقها (١) أو أغارها (٢) فبذلت له شيئا ليخلعها صحّ ولم يكن إكراها.

ولو ظهر أنّه لا يوفّيها حقّها أسكنه الحاكم إلى جنب ثقة ليطالبه بما يحلّ به من حقوقها ، ولا يمنعه من السّفر بها بل يكاتب حاكم ذلك البلد بالمراعاة.

وإن كان من المرأة بأن يظهر منها أمارة الخلاف كأن تقطّب في وجهه ، أو تتبرّم بحوائجه ، أو تمنعه من الوطء قبلا أو دبرا مع عدم العذر العقليّ كالمرض ، أو الشرعيّ كالحيض ، أو تمنعه من الاستمتاع بغير الجماع ، أو تمتنع من السكنى في موضع يليق بها ، أو تخرج بغير إذنه في مندوب أو مباح ، أو تفعل المنفّر ، وعظها ، فإن لم تنجع هجرها في المضجع ، وهو أن يحوّل ظهره في الفراش ، فإن أصرّت جاز ضربها غير مبرح.

وللزوج منعها من الخروج من منزله إلّا في الواجب ، ومنعها من عيادة أبويها ، ويستحبّ له أن يأذن لها في حضور موت أبويها.

__________________

(١) في « أ » : حقّها.

(٢) أي تزوّج عليها.

٧٩

الفصل الثالث :

في الشقاق

وهو أن يكون النشوز منهما ، ويخشى الحاكم الشقاق بينهما ، فحينئذ يبعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها للنظر في أمرهما ، ويجوز من غير أهلهما ، وبعثهما تحكيم لا توكيل.

ويشترط فيهما البلوغ ، والعقل ، والحريّة ، والعدالة ، ثمّ إن اتّفقا على الإصلاح فعلاه ، وإن اتّفقا على الفرقة توقّف على رضا الزوج في الطلاق ، وعلى رضا الزوجة في بذل الخلع.

ويلزم كلّ ما يشترطه الحكمان إذا كان سائغا ، ويمضى الحكم بالإصلاح على الغائب.

٨٠