معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

كتاب

النذر والعهد

٢٦١
٢٦٢

أمّا النذر فهو التزام الإنسان بطاعة بقوله : لله متقرّبا

وفيه مطلبان :

[ المطلب ] الأوّل : في أركانه

وهي ثلاثة :

[ الركن ] الأوّل :

في صيغته وأقسامه

وهو : برّ وزجر وتبرّع.

فالأوّل قد يكون شكرا مثل : إن رزقت ولدا فلله عليّ كذا ، أو استدفاعا مثل : إن شفي مريضي فلله عليّ كذا.

والثاني قد يكون مانعا من الفعل مثل : إن دخلت الدار فلله عليّ كذا ، أو موجبا له مثل : إن لم أدخل فلله عليّ كذا.

ويشترط في المنع أن يكون السبب محرّما أو مكروها أو مباحا مرجوحا ، وفي الإيجاب أن يكون السبب فعلا واجبا ، أو مندوبا ، أو مباحا راجحا في الدّين أو الدنيا ، أو متساوي الفعل والترك.

٢٦٣

وإذا كان الشرط طاعة وقصد الشكر لزم ، وإن قصد الزّجر لم يلزم ، وبالعكس لو كان الشرط معصية.

والثالث مثل : لله عليّ كذا ، وينعقد على الأقوى.

ويشترط النطق والقربة وذكر لفظ الجلالة ، فلو نواه ، أو قصد منع نفسه ، أو لم يقل : « لله » بطل.

[ الركن ] الثاني :

الناذر (١)

ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والإسلام ، والاختيار ، والقصد ، والقدرة ، فلا يقع من الصّبي مطلقا ، ولا من المجنون والكافر ، ولو أسلم استحبّ له الوفاء ، ولا من المكره ، والسكران ، والنائم ، والغضبان الّذي لا قصد له ، ولا من العاجز ، فلو (٢) تجدّد العجز سقط إلّا أن يقدر ، ولو كان صوما تصدّق عن كلّ يوم بمدّين استحبابا.

ويشترط إذن الزوج والمولى في نذر المرأة والمملوك في غير الواجب وترك المحرّم ، ولو بادرا وقف على الإجازة ، وقيل : ينعقد ولهما حلّه (٣) ، ولا يشترط إذن الوالد.

__________________

(١) في النسخ الّتي بأيدينا « المطلب الثاني الناذر ».

(٢) في « أ » : ولو.

(٣) لاحظ الدروس : ٢ / ١٤٩.

٢٦٤

[ الركن ] الثالث :

في الملتزم (١)

وضابطه ما كان طاعة مقدورة ، كالعبادات الخمس ، والقربات الواجبة والمندوبة ، فلو جعله ترك واجب أو فعل محرّم أو مكروه أو مباح لم ينعقد ، ولو وصف الفعل وجبت الصّفة أيضا.

وهنا مباحث :

الأوّل : الصلاة ، إذا نذر أن يصلّي انصرف إلى ذات الركوع والسّجود ، دون الدعاء وصلاة الجنازة ، وتجب ركعتان ، ولو عيّن ركعة انعقد ويجب فيها (٢) كلّ ما يجب في اليوميّة إلا قراءة السورة ولو عيّن صفة لزمت ، ولو نذر هيئة في غير وقتها كالعيد والكسوف لم ينعقد ، وكذا لو عيّن هيئة غير مشروعة.

ولو نذر عددا تعيّن ويسلّم عند كلّ ركعتين.

ولو نذر السّجود انعقد بخلاف الركوع.

ولو نذر إتيان مسجد وجب ولا يلزمه الصلاة ولا عبادة.

ولو نذر فريضة صحّ وتداخلتا ، ولا تجزئ الفريضة عند الإطلاق ، ويتعيّن الزمان مطلقا حتّى المكروه ، والمكان بشرط المزيّة.

ولو نذر الطهارة حملت على المائيّة ، ولو تعذّرت تيمّم على توقّف.

__________________

(١) في النسخ الّتي بأيدينا « المطلب الثالث الملتزم ».

(٢) في « أ » : فيهما.

٢٦٥

ولو نذر أحد أنواعها تعيّن ويراعى في التيمّم شرطه.

ولو عيّن وقتا فاتّفق كونه متطهّرا لم يجب الحدث.

الثاني : الصّوم ، وإذا أطلق وجب الشرعي ، ويجزئ يوم واحد لا بعض يوم إلّا أن ينذر إتمام صوم التطوّع ، ولو قيّده بعدد تعيّن ، ويتخيّر في التفريق والتتابع.

ولو وصفه بالتتابع وجب بخلاف التفريق ، ولو عيّن زمانه تعيّن.

ولو شرط التتابع في شهر معيّن لم يجب في قضائه ، ولو قيّده بمكان لم يتعيّن ولا يجب المبادرة ، وإن كانت أفضل.

ويشترط قبول الزمان له وإمكانه ، فلو نذر اللّيل ، أو العيدين ، أو أيّام التشريق ، وهو بمنى ، أو يوم قدوم زيد لم ينعقد وإن قدم قبل الزوال.

ولو نذره دائما صام ما بعده ، ويسقط ما يقع في رمضان ، ولا يجب قضاؤه ، ولو اتّفق يوم عيد أفطره ولا قضاء.

ولو وجب عليه صوم متتابع صامه عن النذر ، ولا ينقطع التتابع ، سواء تقدّم النذر أو لا ، وكذا لو نذر كلّ جمعة.

ولو نذر صوم شهر وجب ثلاثون أو عدّة بين هلالين ، ويتخيّر في التتابع والتفريق.

ولو صام شوّالا أتمّه بيوم ، ولو كان ناقصا أتمّه بيومين.

ولو صام ذي الحجّة وهو بمنى أتمّه بأربعة ، ولو كان ناقصا أتمّه بخمسة.

ولو وصفه بالتتابع توخّى ما يحصل فيه ويحصل بصوم خمسة عشر ، فلا يصوم ذا الحجّة.

٢٦٦

ولو نذر صوم شهرين متتابعين حصل التتابع بمجاوزة النصف ، ولا يكفي مجاوزة النصف إلّا في الشهر والشهرين ، وطرّده الشيخ في السّنة. (١)

ولو نذر صوم سنة لزمه صوم اثني عشر شهرا كاملة ، ولو ابتدأ بسنة صام عن شهر رمضان والعيدين وأيام « التشريق » ولا يلزمه التتابع ، ولو شرطه وجب ، ولا ينقطع بـ « رمضان » والعيدين ، والحيض ، والمرض ، ولو أخلّ به استأنف ، ولا كفّارة.

ولو عيّنها لم يدخل العيدان وأيّام التشريق بمنى ، ويدخل رمضان ، فيجب بإفطاره عمدا قضاء واحد وكفّارتان ، ولو أفطر في أثنائها لعذر بنى وقضاه ولا كفّارة ، ولو كان لغير عذر بنى وقضى وكفّر ، وكذا لو شرط التتابع.

ولو نذر صوم الدّهر دخل رمضان دون العيدين وأيّام التشريق بمنى ، ولو نوى دخولهما بطل النذر.

ويفطر المسافر والحائض والمريض ولا قضاء ، ولو سافر في رمضان أفطر وقضاه.

ولو نذره سفرا وحضرا لم يدخل رمضان وقضاؤه ، فيفطره في السّفر ويقضيه.

ويجوز تعجيل القضاء ، ولا يجوز له الإفطار فيه ، فإن أفطر قبل الزوال لزمه كفّارة النذر ، وكذا بعده على توقّف.

__________________

(١) نقله فخر المحقّقين عن الشيخ وكذا الشهيد في الدروس ، ولم نعثر عليه في كتب الشيخ.

لاحظ الإيضاح : ٤ / ٥٦ ؛ والدروس : ٢ / ١٥٦.

٢٦٧

ولو نذر أن يصوم زمانا صام خمسة أشهر ، (١) وحينا ستّة أشهر ، ولو نوى به غير ذلك لزمه.

الثالث : الحجّ ، (٢) لو نذر حجّة الإسلام في عام الاستطاعة صحّ ، ولو نذرها في غيره لم يصحّ ، ولو نذر الحجّ تخيّر في أنواعه إلّا أن يعيّن أحدها ، ولا يجزئ حجّ النيابة (٣) إلّا أن يقصده.

ولو نذر أن يحجّ ولا مال له فحجّ عن غيره ، أجزأ عن المنوب خاصّة ، ولو قيّده بوقت وجنب الفور وإلّا فلا.

ولو عيّنه بعام فتعذّر بمرض أو صدّ سقط ولا قضاء.

ولو فاته قبل الإحرام لم يجب لقاء البيت ، وبعده يتحلّل بعمرة.

ولو نذر إن رزق ولدا ، حجّ به أو عنه فمات حجّ بالولد أو عنه من صلب التركة.

ولو نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام انصرف إلى مسجد مكّة ، وكذا لو قال : إلى بيت الله. ويجب النسك حيث لا يجوز الدخول بغير إحرام.

ولو قال : إلى بيت الله لا حاجّا ولا معتمرا بطل النذر.

ولو قال : أن أمشي إلى الميقات ، أو مكّة ، أو الصفا ، أو المروة ، أو منى ، أو المشعر ، أو عرفة ، لم ينعقد.

__________________

(١) في « أ » : « خمسة عشر شهرا » وهو مصحّف.

(٢) في النسخ الّتي بأيدينا « النوع الثالث الحجّ » بزيادة « النوع » وكذا فيما يأتي من المباحث.

(٣) في « ب » و « ج » : حجّة النيابة.

٢٦٨

ولو نذر المشي فإن قصد موضعا راجحا دينا أو دينا أو دنيا انعقد وإلّا فلا.

الرابع : الهدي ، لو نذره وأطلق انصرف إلى مكّة ، ولو نوى منى لزم ، ولو نوى غيرهما لم ينعقد.

ولو نذر أن يهدي عبدا أو أمة أو دابّة إلى بيت الله أو مشهد معيّن ، بيع وصرف في مصالحه ومعونة الحاج والزائرين.

ولو نذر أن يهدي غير ذلك قيل : يباع ويصرف في مصالح البيت ، وقيل : يبطل (١).

وإطلاق الهدي ينصرف إلى النّعم ، ويجب ما يسمّى هديا ، ولا تجزئ البيضة والبدنة الأنثى من الإبل.

ولو نذر الأضحيّة وجب أقلّ ما يجزئ فيها ، ولو عيّنها زال ملكه عنها ، ولو تلفت بتفريط تصدّق بقيمتها ، ولو عابت ذبحها على ما بها ، ولو كان من قبله تصدّق بالأرش ، ولا يمنع النذر استحباب الأكل منها.

الخامس : لو نذر زيارة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو أحد الأئمّة عليهم‌السلام انعقد ، وكذا قبور الصّالحين ، ولو قيّده بوقت تعيّن ، فإن أخلّ به عامدا قضى وكفّر ، وناسيا يقضي خاصّة ، ولو أطلق توسّع ، ويجب مع الحضور التسليم دون الصلاة والدّعاء وإن استحبّا.

__________________

(١) قال في الجواهر : ٣٥ / ٤٢٦ : ولو نذر أن يهدي إلى بيت الله سبحانه غير النعم قيل : يبطل النذر كما في محكيّ السرائر والجامع والإصباح وغيرها ، وفي كشف اللثام : هو اختيار الحسن والقاضي وأبي علي ، لاختصاص مشروعية الهدي بالنعم ، فلا يتعلّق النذر بغيره.

وقيل : كما عن المبسوط يباع ذلك ويصرف في مصالح البيت ، وعن الفاضل اختياره في المختلف ، لأنّه قربة وطاعة ولو لاندراجه في الصدقات ونحوها لا في اسم الهدي.

٢٦٩

السادس : العتق ، إذا نذر عتق رقبة أجزأه مسمّاها ، صغيرة أو كبيرة ، ذكرا أو أنثى ، صحيحا أو معيبا إلّا أن يوجب العتق (١).

ولو عيّن مسلما وجب ، ولو عيّن كافرا مطلقا بطل ، وفي المعيّن خلاف.

ولو نذر عتق كلّ عبد قديم أعتق من له في ملكه ستّة أشهر.

ولو نذر أن لا يبيع مملوكا لزم ، ولو اضطرّ جاز.

السابع : الصدقة ، إذا أطلق لزم مسمّاها ، ولا تجزئ الكلمة الطيّبة ، ولا تعليم العلم ، نعم يجزئ إبراء الغريم ، ولو عيّن الجنس أو القدر تعيّن ، ولا تجزئ القيمة.

ولو قال : بمال كثير كان ثمانين درهما ، ولو قيّده بنوع فثمانون من ذلك النوع.

ولو قال : بمال جليل أو عظيم أو خطير ، فسّره بما شاء ، ولو مات فسّره الوليّ.

ولو عيّن المدفوع إليه تعيّن وإن كان غنيّا ، ولا يملك إبراء الناذر ، (٢) ولو امتنع بطل النذر.

ويتعيّن الزمان بالتعيين ، فلو خالف كفّر ، ويتعيّن المكان.

ويجب صرفه في أهله ومن حضره ، فإن خالف أعاده ، ولا كفّارة إلّا أن

__________________

(١) كذا في النسخ الّتي بأيدينا ، ولعلّ الصحيح « أن يوجب القيد » بقرينة قول الشهيد في الدروس حيث قال : « ولو قيّدها بقيد وجب » الدروس : ٢ / ١٥٦.

(٢) قال العلّامة في القواعد : ٣ / ٢٩٥ : ولو نذر الصّدقة فأبرأ غريما مستحقّا بنيّة التصدّق أجزأ.

٢٧٠

يكون المال معيّنا ، وكذا لو تصدّق على أهله في غيره.

ويجزئ احتساب الدين عن الصدقة ، ولو جعل المال صدقة خرج عن ملكه على الأقوى ، فيتصدّق بالنماء.

ولو نذر الصدقة بجميع ماله لزم ، وله أن يقوّمه ويتصدّق بشي‌ء فشي‌ء حتّى ينفد.

وسبيل الله وسبيل الخير وسبيل الثواب كلّ قربة.

ولو عيّن مصرف الزكاة أو الخمس تعيّن إلّا أن ينافي التعجيل.

٢٧١

[ المطلب الثاني : في العهد ]

وأمّا العهد ، فصورة المشروط : عاهدت الله أو عليّ عهد الله أنّه متى كان كذا فعليّ كذا.

وصورة التبرّع : عاهدت الله أو عليّ عهد الله أن أفعل كذا.

ومتعلّقه كمتعلّق النذر ، وكذا شروطه وأحكامه.

ولا ينعقد بالنّية. (١)

__________________

(١) قال العلّامة في القواعد : ٣ / ٢٩٥ : ولا ينعقد إلّا باللّفظ على رأي.

٢٧٢

كتاب الكفّارات

وفيه مقصدان

٢٧٣
٢٧٤

[ المقصد ] الأوّل : في أقسامها

وهي مرتّبة ، ومخيّرة ، وما فيه الأمران ، وكفّارة الجمع ، وغير ذلك.

أمّا الأولى : فكفّارة الظهار ، وقتل الخطأ ، ويجب فيهما العتق ، ثمّ صيام شهرين متتابعين ، ثمّ إطعام ستّين مسكينا ، وكفّارة من أفطر يوما من قضاء رمضان بعد الزوال ، ويجب إطعام عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام متتابعات.

وأمّا الثانية : فكفّارة من أفطر يوما من شهر رمضان مع وجوبه ، وخلف النذر مطلقا ، والعهد ، وجزّ المرأة شعرها في مصاب الموت على الأقوى ، ولا فرق بين الكلّ والبعض ، ولا يلحق به الحلق والإحراق ، ولا الجزّ في غير المصاب ، ويجب فيها عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكينا.

وأمّا الثالثة : فكفّارة اليمين والإيلاء ، ونتف المرأة شعرها في المصاب وإن كان بعضه ، وكذا خدش وجهها دون غيره من بدنها ، وكفّارة شقّ الرّجل ثوبه في موت ولده أو زوجته خاصّة.

فلا كفّارة على المرأة ولا على الرّجل في الشقّ على الأب والأخ

٢٧٥

وغيرهما ، ويجب فيها (١) عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

وأمّا الرابعة : فكفّارة قتل المؤمن عمدا ظلما ، وإفطار يوم من شهر رمضان على محرّم عمدا.

وأمّا الخامسة : فمن حلف بالبراءة من الله أو رسوله أو أحد الأئمة عليهم‌السلام فعليه إطعام عشرة مساكين ، ويستغفر الله ، وقيل : كفّارة ظهار ، فإن عجز فكفّارة يمين ، (٢) وقيل : يأثم ولا كفّارة. (٣)

ومن تزوّج امرأة في عدّتها عالما ، فارقها فكفّر بخمسة أصواع من دقيق.

قيل : ومن نذر صوم يوم فعجز عنه أطعم مسكينا مدّين فإن عجز عنه تصدّق بما استطاع فإن عجز استغفر الله تعالى. (٤)

ومن نام عن العشاء حتّى انتصف الليل ، قضى وأصبح صائما.

ولا يلحق بالعشاء غيرها ، ولا بالنائم الناسي والعامد والسكران ، والوجه الاستحباب ، وكذا كفّارة وطء الحائض.

ولو ضرب مملوكه فوق الحدّ كفّر بعتقه.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : فيهما.

(٢) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٥٧٠ ـ باب الكفّارات ـ.

(٣) وهو خيرة ابن إدريس في السرائر : ٣ / ٤٠.

(٤) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٥٧٠ ـ ٥٧١.

٢٧٦

المقصد الثاني : في خصالها

وفيه مطالب :

[ المطلب ] الأوّل : [ في ] العتق ، ويتعيّن في المرتّبة على مالك الرقبة ، أو ثمنها مع إمكان الابتياع.

ولاتباع داره ولا ثيابه إلّا أن يفضل أحدهما عن حاجته ، ولا يجب بيع شي‌ء من ذلك والاستبدال ببعض الثمن ، ولا يكلّف المرتفع عن مباشرة الخدمة بعتق خادمه ، ولا يجب ابتياع نسيئة إلّا أن يكون له وفاء ، ولا قبول هبة الرقبة أو ثمنها.

وتباع ضيعته وعقاره وإن صار مسكينا.

والمديون المستوعب معسر ، ولو يكلّف العتق أجزأ إلّا مع مطالبة الديان.

ولو فقد الرقبة فإن تضرّر بالصّبر كالمظاهر انتقل إلى الصوم وإلّا فلا.

والقدرة معتبرة عند العتق ، فلو عجز بعد اليسر صام ولم يستقرّ العتق ، ولو أيسر بعد العجز أعتق ولم يستقر الصّوم.

ولو شرع في الصّوم ثمّ وجد الرقبة استحبّ العتق.

ولو شرع في الإطعام ثمّ تمكّن من الصّيام استحبّ الصّوم.

ويعتبر في العتق أمران :

٢٧٧

[ الأمر ] الأوّل : في أوصاف الرقبة وهي خمسة :

الأوّل : الإيمان ، والمراد به الإسلام ، ويعتبر في القتل إجماعا وفي غيره على الأقوى ، ولا عبرة بإسلام المراهق ، نعم يفرق بينه وبين أبويه.

ويجزئ ولد الزنا ، والكبير الفاني ، والمريض مع استقرار الحياة ، والطّفل مع إسلام أحد أبويه ، ولا يشترط بلوغه الحنث (١) وإن كانت كفّارة القتل ، ولا يجزئ الحمل ولا من سباه المسلم.

الثاني : السلامة من عيب يوجب العتق ، كالعمى ، والإقعاد ، والجذام ، والتنكيل من المولى ، لا من الصّمم والخرس والخصاء ، والجنون ، ويجزئ مقطوع اليد أو الرّجل ومقطوع اليدين لا مقطوع الرّجلين.

الثالث : الملك أو حكمه ، فلو تبرّع عنه متبرّع لم يجز ولم يصحّ العتق ، ولو تبرّع عنه الوارث أجزأ على قول.

ولو أعتق عنه بمسألته أجزأ ولم يلزمه العوض إلّا ، أن يشترطه ، ويحصل

__________________

(١) قال الجوهري : الحنث : الإثم والذّنب ، وبلغ الغلام الحنث أي المعصية والطاعة. الصحاح : ١ / ٢٨٠.

وفي مجمع البحرين : غلام لم يدرك الحنث أي لم يجر عليه القلم.

وقد اشترط في بعض الروايات بلوغه الحنث في كفّارة القتل ، لاحظ الوسائل : ١٥ / ٥٥٦ ـ ٥٥٧ ، الباب ٧ من أبواب الكفّارات ، الحديث ٦. ولم يعمل المصنف بالرواية ولذلك أفتى بعدم الاشتراط.

٢٧٨

الملك الضّمني (١) بالشّروع في الإعتاق ، ثمّ يعتق بالباقي ، وقيل : بتمام الإعتاق ثمّ يعتق (٢) وقيل : بالأمر. (٣)

ولو قال له : كل هذا الطعام ، قيل : يملك بالأخذ ، فله إطعام غيره ، وقيل : بالوضع في الفم ، وقيل : بالمضغ وقيل بالازدراد (٤) ، والحقّ أنّه يفيد إباحة التناول لا الملك.

الرابع : تمام الملك ، فلا يجزئ الموقوف والمرهون إلّا أن يجيز المرتهن ، ولا الجاني عمدا إلّا أن يأذن الوليّ ، ولا الجاني خطأ إلّا أن يفديه المولى ، ولا المكاتب المطلق المؤدّي.

ويجزئ غير المؤدّي والمشروط والمدبّر وإن لم ينقض تدبيره ، والموصى بخدمته أبدا ، وأمّ الولد ، والآبق ، والمغصوب.

ولا يجزئ من نذر عتقه أو الصدقة به وإن لم يحصل شرط النذر ، ولو اعتق نصف عبده [ عن الكفّارة ] نفذ في الجميع وأجزأه ولو أعتق شقصه فإن كان موسرا سرى وأجزأ إن قلنا إنّه يعتق بالإعتاق وإلّا فلا ، وإن كان معسرا عتق نصيبه ولم يجزئ إلّا أن ينتقل إليه فيعتقه.

ولو أعتق شقصين من عبدين له عتقا وأجزأه ، ولو كانا مشتركين لم يجزئ.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : « الملك الضمين » ولعلّه مصحّف ، قال الشهيد في الدروس : ٢ / ١٨٤ : وفي وقت الملك الضمني هنا تردّد ، هل هو بالشروع في الإعتاق ، أو بتمام الإعتاق بملكه آنا ثمّ يعتق ، أو يتبيّن بالإعتاق أنّه ملكه بالأمر؟ ومثار هذه قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا عتق إلّا فيما يملك ».

(٢) ذهب إليه العلّامة في التحرير : ٤ / ٣٨١ برقم ٥٩٧٦.

(٣) لاحظ في تفصيل الأقوال المسالك : ١٠ / ٥٨ ـ ٦٠.

(٤) لاحظ المبسوط : ٥ / ١٦٥ ؛ والتحرير : ٤ / ٣٨١.

٢٧٩

الخامس : عدم استحقاق العتق ، فلو اشترى أباه ونوى العتق عن الكفّارة لم يجزئ ، وكذا لا يجزئ من شرط عتقه عن البائع ، ويجزئ لو كان عن المشتري.

[ الأمر ] الثاني : [ في ] شرائط العتق

وهي أربعة :

الأوّل : النيّة ويعتبر فيها الوجوب والقربة ، فلا يصحّ من الكافر والمرتدّ مطلقا ، والتعيين إن اختلف الحكم كالمخيّرة والمرتّبة ، وإن اتّحد لم يجب ، سواء اختلف المسبّب كالظهار والقتل ، أو اتّحد كظهارين ، وحينئذ (١) لو كان عليه كفّارة الظهار وكفّارة يوم من رمضان فأعتق ونوى عن أحدهما لم يجزئ ، ولو كان عليه ظهاران أو ظهار وقتل أجزأ.

ولو كان عليه ثلاث كفّارات متساوية فأعتق ونوى التكفير ، ثمّ عجز فصام شهرين ونوى التكفير ، ثمّ عجز فأطعم ستّين مسكينا كذلك برئ من الثلاث.

ولو كان عليه كفّارة وشكّ في أنّها عن قتل أو ظهار ، أو عن ظهار أو عن يوم من رمضان ، فاعتق ونوى التكفير أجزأ.

ولو كان الشك بين نذر وظهار لم يجزئ ، ولو نوى براءة ذمّته أجزأ ، ولو نوى العتق أو نوى الوجوب لم يجزئ.

ولو كان عليه كفّارتان فأعتق نصف أحد عبيده عن إحداهما ونصف الآخر عن الأخرى سرى وأجزأ.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : فحينئذ.

٢٨٠