معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

ولو قال : [ المجنّي عليه ] : بذلها مع العلم لا بدلا ، فأنكر الباذل ، قدّم قوله مع يمينه ، لأنّه أبصر بنيّته.

الرابع : التساوي في الأصالة والزّيادة

فلا تقطع يد زائدة بالأصليّة وكذا العكس ، ولا زائدة بمثلها مع تغاير المحلّ.

ولو كان له كفّان على ساعد ، أو ذراعان على عضد ، أو قدمان على ساق وأحدهما زائدة ، فإن تميّزت قطعت الأصليّة بمثلها والزائدة بمثلها ، ولو لم تتميّز فقطعهما قاطع فعليه القصاص وحكومة الزائدة.

ولو قطع إحداهما فلا قصاص وعليه نصف دية كفّ ونصف حكومة.

ولو قطع ذو اليدين يدا فإن تميّزت الأصليّة قطعت وإلّا فلا قصاص وعليه دية اليد (١).

ولو قطع ذو الإصبع الزائدة يد مثله اقتصّ مع تساوي المحلّ ، ولو كانت للجاني فإن خرجت عن الكفّ اقتصّ منه أيضا ، وإن كانت في سمت الأصابع قطع الأصابع الخمس وأخذ حكومة الكف.

وإن اتّصلت بإحداهما قطع أربعا وأخذ دية إصبع وحكومة الكفّ.

ولو كانت للمجنيّ عليه اقتصّ في الكفّ وأخذ دية الزائدة وهو ثلث دية الأصليّة ، وإلّا اقتصّ في الأربع ، وأخذ دية إصبع وحكومة الكفّ.

__________________

(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : دية الكفّ.

٥٦١

ولو كان للمجني عليه اقتصّ في أربع وطالب بدية الزائدة وحكومة الكف.

( ولو كانت الزائدة إحدى الخمس للجاني اقتصّ في الكفّ إن كانت في سمت الأصلية وإلّا اقتصّ في الأربع وأخذ دية اصبع وحكومة الكفّ ). (١)

ولو تساويا اقتصّ في الكفّ إن اتّفق المحلّ ، وإلّا فلا.

ولو كان للجاني ستّ أصابع على نسق اليد ، فإن علمت الزائدة قطع خمس أصابع وأخذ حكومة الكفّ ، وإن اشتبهت فلا قصاص ، وطالب بدية اليد ، ولو قطعها أساء واستوفى ، وعليه دية الزائدة.

ولو قطع خمس أصابع أساء واستوفى حقّه لكنّه ناقص ، لجواز زيادة إحداهما ويأخذ حكومة الكفّ.

ولو كان لأنملة المجنيّ عليه طرفان اقتصّ مع التساوي ، وإلّا قطع أنملة وأخذ دية الزائدة.

ولو كانت للجاني فإن تميّزت الأصليّة اقتصّ إن أمكن قطعها منفردة ، وإلّا أخذ دية الأنملة.

ولو قطع أنملة عليا من واحد ووسطى من آخر ، اقتصّ ذو العليا ثمّ ذو السفلى ، ولو عفا ذو العليا اقتصّ صاحب الوسطى بعد ردّ دية العليا.

ولو سبق ذو الوسطى فعليه دية العليا ولذي العليا على الجاني دية أنملته.

ولو كان لإصبع أربع أنامل ، وهي كطول الأصابع ، كانت كغيرها ، ولو قطع

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « أ ».

٥٦٢

ذو الثلاث أنملة منها فلا قصاص وعليه ربع دية الاصبع ، ولو قطع اثنتين فله النّصف أو يقطع أنملة ، ويأخذ سدس دية الإصبع.

ولو قطع ثلاثا فله قطع أنملتين ونصف سدس دية الإصبع.

ولو كان هو الجاني ، فإن قطع أنملة قطعت أنملته ، وأخذ منه نصف سدس دية الإصبع.

ولو قطع أنملتين اقتصّ منه ، وأخذ منه سدس ديتها.

ولو ادّعى الجاني نقصان إصبع ، قدّم قول مدّعي السلامة ، سواء ادّعى زوالها أو لخلقة.

الفصل الثاني : في الأحكام

لو قطع إصبعه فسرت إلى كفّه ثمّ اندملت فله القصاص في الكفّ لا في الإصبع ، ويأخذ دية الكفّ.

ولو قطع يده من مفصل الكوع اقتصّ منه ، ولو قطع معها بعض الزند اقتصّ في اليد وطالب بحكومة الزند.

ولو قطع من المرفق اقتصّ منه ، وليس له أن يقتصّ في اليد ، ويأخذ دية الزائد.

وكلّ عضو يؤخذ قودا مع وجوده تؤخذ الدية مع عدمه ، مثل أن يقطع إصبعين وله إصبع ، أو كفّا تامّا وكفّه بغير أصابع.

ولو قطع نصف كفّه فله قطع الأصابع وأخذ حكومة الباقي ، وليس

٥٦٣

له القصاص من موضع القطع ، ولا قطع الأنامل ، والمطالبة بدية باقي الأصابع أو الحكومة ، ولا قطع الأنامل ثمّ يتمّ قطع الأصابع.

ولو قطع إصبعا فشلّت أخرى ، فله القصاص وثلثا دية الشلّاء.

ولو قطع إصبع رجل ثمّ يد آخر اقتصّ للأوّل ، ثمّ للثاني ، ويرجع بدية الإصبع.

ولو قطعت اليد أوّلا اقتصّ صاحبها ، وطالب صاحب الإصبع بديتها.

ولو سبق فقطع الإصبع أساء ووقع موقعه ، وللآخر قطع الكفّ ودية إصبع.

ولو استحقّ القصاص طفل أو مجنون منعا من الاستيفاء ، فإن قطعا مع بذل الجاني كان هدرا.

ولو قطعا بغير إذنه ، فالقصاص باق ، وعلى العاقلة دية الجناية.

المطلب الثاني

في باقي الأعضاء

وفيه مسائل :

الأولى : في الشجاج والجروح ، ويشترط مع ما تقدّم انتفاء التغرير ، فلا قصاص في المأمومة والجائفة ، وإمكان الاستيفاء بغير حيف ولا زيادة ، فلا قصاص في الهاشمة والمنقّلة وكسر العظام.

ويثبت في الخارصة ، والباضعة ، والسمحاق ، والموضحة ، ويجوز القصاص قبل الاندمال ، ويستحبّ الصّبر.

٥٦٤

أمّا لو قطع عدّة أعضاء تزيد على الدية خطأ ، فطلب الدية قبل الاندمال ، اقتصر على دية النفس ، فإن اندملت استوفى الباقي ، وإلّا سقط الزائد ، لأنّ دية الطرف تدخل في دية النّفس إجماعا.

وكيفيّة الاستيفاء : أن يحلق الموضع إن كان به شعر ، ويعتبر التساوي في الشجاج طولا وعرضا ، ويراعى في النزول اسم الشجّة ، ثمّ يؤخذ مثل ذلك من الجاني ، ولو شقّ عليه دفعة فرّقه.

ولو زادت الجناية على عضو الجاني ، اقتصر على ما يحتمله العضو ، وأخذ دية الباقي بالنسبة إلى أصل الجرح.

ولو كان عضو المجنيّ عليه أصغر ، اقتصر على قدر مساحة الجناية.

ولا يقتصّ في الطرف في شدّة الحرّ أو البرد ، ويتوخّى اعتدال النهار.

ولا يقتصّ إلّا بحديدة كالسكّين ، وينتزع العين بحديدة معوجّة.

ولا يقتصّ بالسّيف ولا بآلة مسمومة.

ويشترط معرفة المقتصّ ، فلا يمكّن الجاهل مستحقّا كان أو غيره.

الثانية : العين ،ويقتصّ فيها ، ولو كان الجاني أعور خلقة ، اقتصّ منه وإن عمى ، ولا ردّ.

ولو قلعها ذو عينين اقتصّ بعين واحدة ، وأعطي نصف الدية ، ولو قلع عينا قائمة لم يقتصّ ، وعليه ثلث ديتها.

ولو أذهب ضوء العين خاصة اقتصّ منه ، بأن يطرح القطن المبلول على أجفانه ، ثمّ تحمى المرآة ، ويقابل بالشمس ، ثمّ يكلّف النظر إليها حتّى يذهب الضوء.

٥٦٥

وتؤخذ الصحيحة بالعمشاء والحوراء.

ويقتصّ في الأجفان ، والأهداب ، ويقتصّ فاقد الأهداب ، ويرجع عليه الجاني بالتفاوت.

الثالثة : شعر الرأس ، ويقتصّ فيه ، وفي شعر اللحية ، والحاجبين ، والأهداب ، إلّا أن تنبت.

الرابعة : الأذن ، ولا فرق بين الصّغير والكبير ، والسامعة والصمّاء ، والصحيحة والمثقوبة ، بخلاف المخرومة ، بل يقتصّ إلى الخرم ، ويؤخذ حكومة الباقي.

ولو ألصقها المجنيّ عليه فله القصاص ، وللحاكم إزالتها ، وكذا لو ألصقها الجاني.

ولو تعلّقت بجلده لم يؤمر بإزالتها.

ولو قطعها غير الجاني بعد الالتحام اقتصّ منه.

ولو ذهب السّمع بقطع الأذن فهما جنايتان ، ويثبت القصاص في بعضها.

الخامسة : الأنف ،ويساوي الشامّ وغيره ، والكبير والصغير ، والأقنى (١) والأفطس (٢) ويقتصّ في المارن.

ولو قطع معه بعض القصبة ، اقتصّ في المارن وأخذ حكومة الباقي.

__________________

(١) الأقنى من الأنوف : هو ارتفاع في أعلاه بين القصبة والمارن من غير قبح. لسان العرب « مادّة قنا ».

(٢) الفطس : عرض قصبة الأنف وطمأنينتها ، وقيل : انخفاض قصبة الأنف وتطامنها وانتشارها. لسان العرب « مادّة فطس ».

٥٦٦

ويثبت في أحد المنخرين مع تساوي المحلّ.

ولو قطع بعض الأنف نسبنا المقطوع إلى الباقي ، وأخذ من الجاني بحسابه ، ولا يراعى المساحة لأنّه قد يستوعب أنف الجاني.

السادسة : الشفتان ، ويثبت مع التّساوي في المحلّ (١) ، وكذا في بعضها بالنسبة.

السابعة : اللّسان ، ويثبت فيه وفي بعضه مع تساوي المنطق ، ويقتصّ للصغير إن تحرّك لسانه عند البكاء.

الثامنة : السّن ، ويثبت مع اتّفاق الاسم والمحلّ ، فلا تؤخذ ثنيّة بضرس وبالعكس ، ولا الأصليّ بالزائد وبالعكس وإن اتّحد الموضع.

وتؤخذ الزائدة بمثلها إن اتّفق المحلّ.

ولو قلع سنّ مثغر ، فإن عادت صحيحة فلا قصاص ، وعليه الأرش ، وإن عادت متغيّرة أو ناقصة فالحكومة ، ولو لم تعد وجب القصاص.

ولو عادت سنّ المجنيّ عليه لم يغرم سنّ الجاني.

ولو عادت سنّ الجاني لم يكن للمجنيّ عليه إزالتها.

وغير المثغر ينتظر بها سنة ، فإن عادت فالحكومة ، وإلّا القصاص.

ولو مات قبل اليأس من عودها فالأرش.

التاسعة : حلمة الرّجل والمرأة وثديها ، ويثبت القصاص مع المساواة.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : مع تساوي المحلّ.

٥٦٧

العاشرة : الذكر ، ويستوي ذكر الشابّ ، والشيخ ، والصّبيّ ، والمجنون ، والفحل ، والخصيّ ، والأغلف ، فلا يقطع الصحيح بالعنّين ، بل يجب ثلث الدية.

ويقطع العنّين بالصحيح ويقتصّ في البعض بالنسبة كالنصف.

الحادية عشرة : الخصيتان ، ويثبت فيهما وفي إحداهما ، ولو خشي ذهاب منفعة الأخرى فالدية.

الثانية عشرة : الشفران (١) ، ويستوي البكر والثيّب ، والكبيرة والصّغيرة ، والمجنونة والرتقاء ، والمفضاة والمقابل.

ولو قطع الرّجل الشفيرين ، والمرأة المذاكير فالدية.

ولو قطع الرّجل مذاكير الخنثى وشفريه ، فإن بان أنّه ذكر اقتصّ في المذاكير وفي الشفرين الحكومة ، وإن بان أنّه أنثى ففي الشفرين الدية وفي المذاكير الحكومة.

ولو كان الجاني امرأة فمع الذكورة ، عليها دية المذاكير وحكومة الشفرين ، ومع الأنوثة يقتصّ في الشفرين ، ويأخذ حكومة المذاكير.

ولو طلب [ الخنثى ] الدية أعطي اليقين ، وهو : دية الشفرين وحكومة المذاكير ، فإن بانت الذكورة أكمل له.

ولو طلب دية عضو مع بقاء القصاص في الباقي لم يجب.

ولو طلب الحكومة مع بقاء القصاص أجيب ، وأعطي أقلّ الحكومتين.

__________________

(١) قال العلّامة في القواعد : ٣ / ٦٤٤ : هما اللّحم المحيط بالرحم إحاطة الشفتين بالفم.

٥٦٨

ولو جنى خنثى على ذكر ، فإن بان أنّه ذكر ثبت القصاص وإلّا الدية ، ولو جنى على أنثى انعكس الحكم.

ولو جنى خنثى على مثله ، فإن علم حالهما ثبت القصاص مع الاتّفاق ، وإلّا الدية في الأصليّ ، والحكومة في الزائد.

المطلب الثالث

في الاختلاف

لو قطع يدي رجل ورجليه شبيه عمد وادّعى [ الجاني ] موته بالسراية والوليّ الاندمال ، فإن مدّ الزمان (١) قدّم قول الجاني مع يمينه ، وإلّا قول الوليّ ، ويقدّم قول الجاني في المدّة.

ولو قطع يده فمات فادّعى الجاني الاندمال ، والوليّ السراية ، قدّم قول الجاني إن احتمل الزمان الاندمال ، وإلّا قول الوليّ ، وإن قصر فادّعى الجاني موته بسبب والوليّ بالسراية ، قدّم قول الوليّ.

ولو اختلفا في المدّة قدّم قول الوليّ على الأقوى.

ولو قدّ الملفوف في الكساء بنصفين ، وادّعى الوليّ حياته والجاني موته ، قدّم قول الوليّ.

__________________

(١) هكذا في النسخ وفي القواعد : ٣ / ٦٤٥ مكان هذه العبارة : « فإن لم يحتمل الاندمال لقصر الزّمان صدّق الجاني » ولعلّ الصحيح : « لم يمتدّ ».

٥٦٩

ولو أوضحه في موضعين ، ثمّ زال الحاجز ، فادّعى الجاني زواله بالسراية والمجنيّ عليه بالإزالة ، قدّم قول المجنيّ عليه.

ولو توافقا على أنّ الجاني أزاله ، فإن قال : أزلته قبل الاندمال فعليّ موضحة [ واحدة ] ، وقال المجنيّ عليه : بل بعده فعليك ثلاث موضحات ، فالقول قول الجاني في الثالثة ، وقول الغريم في الأوليين.

ولو اختلفا في الكفر أو الرقّ قدّم قول الوليّ ، ولو عرف حاله بذلك فادّعى الوليّ سبق الإسلام أو العتق ، قدّم قول الجاني.

ولو ادّعى الجاني صغره عند الجناية ، قدّم قوله إن احتمل وإلّا فلا.

ولو ادّعى الجنون فإن عرف منه ذلك قدّم قوله وإلّا فلا.

ولو اتّفقا على زوال عقله عند الجناية ، وادّعى الجاني الجنون والمجنيّ عليه السكر ، قدّم قول الجاني.

المطلب الرابع :

في العفو

ويصحّ قبل الثبوت وبعده لا قبل الاستحقاق ، ويصحّ عفو الوليّ مع الغبطة ، وعفو بعض الورثة ، وللباقين القصاص بعد ردّ دية من عفا. (١)

ولو عفا عن أحد الحقّين لم يسقط الآخر.

ولو عفا عن البعض كاليد لم يصحّ.

__________________

(١) في بعض النسخ : « بعد ردّ نصيب من عفا ».

٥٧٠

ولو وقّته مثل عفوت شهرا صحّ ، وله القصاص بعده.

ولو عفا مقطوع الإصبع عن الجناية قبل الاندمال سقط حقّه ، فلو سرت إلى كفّه سقط قصاص الإصبع وله دية الكفّ.

ولو سرت إلى النفس اقتصّ الوليّ فيها بعد ردّ دية الإصبع.

ولو قال : عفوت عنها وعن سرايتها صحّ العفو عنها لا عن السّراية.

ولو جنى عليه العبد فأبرأه لم يصحّ ، ولو أبرأ السّيد صحّ.

ولو قال : عفوت عن أرش الجناية صحّ العفو عنها لا عن السّراية.

ولو جنى عليه العبد فأبرأه لم يصحّ ولو أبرأ السّيد صحّ.

ولو قال : عفوت عن أرش الجناية صحّ.

ولو أبرأ قاتل الخطأ لم يصحّ ، ولو أبرأ العاقلة أو قال : عفوت عن أرش الجناية صحّ.

ولو أبرأ العاقلة في شبيه العمد لم يبرأ القاتل.

ولو أبرأ القاتل ، أو قال : عفوت عن هذه الجناية برئ.

ولو عفا في العمد عن الدية لم يفد شيئا.

ولو قطع يد القاتل ثمّ عفا عن النفس فسرى القطع ظهر بطلان العفو ولا ضمان ، وكذا لو رمى القاتل بسهم ثمّ عفا قبل الإصابة.

ولو عفا مطلقا لم يجب المال.

ولو عفا على مال فإن قبل الجاني فالأقرب اللزوم ، ولا يسقط القصاص إلّا بالأداء.

٥٧١
٥٧٢

كتاب الديات

وفيه فصول

٥٧٣
٥٧٤

[ الفصل ] الأوّل : في الموجب

وهو ثلاثة

الأوّل :

المباشرة

وهي ما يحصل معه التلف ولم يقصد القتل ، فيضمن الطبيب ما يتلف بعلاجه إن قصّر أو عالج طفلا أو مجنونا بغير إذن الوليّ ، أو بالغا لم يأذن ، ولو أذن العارف فأتلف بعلاجه ضمن في ماله ، ويبرأ بالابراء قبل العلاج.

ويضمن الختّان حشفة الغلام.

وما يتلفه النائم على عاقلته.

ولو انقلبت الظّئر على الصّبيّ [ فقتلته ] ضمنت إن أرادت الفخر ، والعاقلة مع الحاجة.

ولو أنكر الولد أهله قدّم قولها إلّا أن يعلم كذبها ، فتلزم بإحضاره ، أو من يحتمله ، أو بالدية.

ولو سلّمته الظّئر إلى غيرها بغير إذن أهله ، وجهل خبره فعليها ديته.

٥٧٥

ولو أعنف بزوجته جماعا أو ضمّا فماتت فعليه الدية ، وكذا الزّوجة.

ولو صاح بمريض ، أو طفل ، أو مجنون ، أو عاقل فجأة ، أو استغفله ضمنه في ماله ، وكذا لو شهر سيفه في وجهه فمات ، أمّا لو فرّ فألقى نفسه في بئر ، أو من سقف ، أو صادفه سبع فأكله ، لم يضمن إلّا أن يجهل البئر ، أو يكون أعمى ، أو يضطرّه إلى مضيق فيفترسه السّبع.

ولو صدم غيره فالصادم هدر وعليه دية المصدوم إلّا أن يقف في الطريق الضيّق المظلم ، فيضمنه المصدوم.

ولو اصطدما فماتا ضمن كلّ واحد نصف دية صاحبه ، وكذا الفارسان ، وعلى كلّ واحد نصف قيمة فرس الآخر ، ويقع التّقاصّ في الدية والقيمة.

ولو كانا حاملين فعلى كلّ واحدة نصف دية الأخرى ، ونصف دية الجنين.

ولو كانا صبيّين ، فإن ركبا أو أركبهما الوليّ فنصف دية كلّ واحد على عاقلة الآخر ، ولو أركبهما أجنبيّ فديتهما عليه.

ولو كانا عبدين فهما هدر ، ولا شي‌ء على الموليين.

ولو مات أحد المتصادمين فعلى الآخر نصف ديته.

ولو اصطدم الحمّالان فعلى كلّ واحد نصف ما أتلف.

ومن حمل متاعا فكسره ، أو أصاب به غيره ضمنه.

ولو مرّ بين الرّماة فأصابه سهم ، فإن ثبت انّ الرامي حذّر لم يضمن ، وإلّا فعلى العاقلة الدية.

ولو قرّب صبيّا من طريق السّهم ضمنه ، دون الرامي إلّا أن يقصده.

ولو وقع على غيره فمات ، فإن قصد الوقوع وكان يقتل غالبا فهو عمد ، ولو لم يقتل غالبا فهو شبيه عمد.

٥٧٦

ولو خوّف حاملا فأجهضت ضمن دية الجنين ، وإن ماتت ضمن ديتهما (١).

وروي عن الصادق عليه‌السلام في لصّ جمع الثياب ووطئ المرأة كرها ، فثار ولدها فقتله اللّص ، ثمّ قتلته المرأة : إنّ على أوليائه دية الولد ، ويدفعون من تركته أربعة آلاف درهم إلى المرأة لمكابرتها على فرجها ، واللّص هدر. (٢)

وعنه عليه‌السلام في امرأة أدخلت ليلة البناء بها صديقا إلى الحجلة ، فقتله زوجها ، فقتلته المرأة : انّها تضمن دية الصديق ، وتقتل بالزوج (٣).

والأقرب أنّ دم الصديق هدر.

وعن عليّ عليه‌السلام في أربعة سكروا فقتل اثنان وجرح اثنان : إنّ دية المقتولين على المجروحين بعد وضع أرش الجرحين من الدية. (٤)

وروي أنّه عليه‌السلام جعل دية المقتولين على القبائل الأربعة وأخذ دية الجراحة من دية المقتولين. (٥)

وعنه عليه‌السلام في ستّة غلمان في الفرات فغرق واحد ، فشهد اثنان على الثلاثة أنّهم غرقوه ، وشهد الثلاثة على الاثنين بالتغريق : انّ على الاثنين ثلاثة أخماس الدية ، وعلى الثلاثة خمسان. (٦)

__________________

(١) في « أ » : « ديتها ».

(٢) وسائل الشيعة : ١٩ / ٤٥ ، الباب ٢٣ من أبواب قصاص النفس ، الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة : ١٩ / ٤٥ ، الباب ٢٣ من أبواب قصاص النفس ، الحديث ٣.

(٤) وسائل الشيعة : ١٩ / ١٧٢ ، الباب ١ من أبواب موجبات الضمان ، الحديث ١.

(٥) وسائل الشيعة : ١٩ / ١٧٣ ، الباب ١ من أبواب موجبات الضمان ، الحديث ٢.

(٦) وسائل الشيعة : ١٩ / ١٧٤ ، الباب ٢ من أبواب موجبات الضمان ، الحديث ١.

٥٧٧

الثاني :

التسبيب

وهو ما يحصل معه التّلف والعلّة غيره ، كحفر البئر ، ونصب السّكّين ، وإلقاء الحجر في الطريق أو في غير ملكه ، فيضمن الفاعل في ماله.

ولو فعل ذلك في مباح أو ملكه لم يضمن ، وكذا لو رضي المالك بالحفر.

ولو عثر بقاعد أو بنائم في الطريق ضمناه ولم يضمنهما.

ويضمن معلّم السباحة الصّغير إذا فرّط دون البالغ الرشيد.

ولو قتل رماة المنجنيق أحدهم سقط من ديته بالنسبة ، ويضمن الباقون قدر حصصهم ، ويتعلّق الضمان بمن يمدّ الحبال دون غيره ، وكذا لو قتل الحائط أحد المشتركين في هدمه.

ولو أصلح سفينة سائرة فغرقت ضمن ما يتلف من نفس أو مال.

ولو وقع حائطه على إنسان فمات ، فإن ظهرت أمارة الوقوع وتمكّن من إزالته ولم يزل ضمن وإلّا فلا.

ولو بناه مائلا إلى الطريق أو إلى ملك غيره ، أو بناه في غير ملكه ضمن.

ولو أجّج نارا في ملكه فتعدّته لم يضمن إن كان بقدر الحاجة ولم يغلب على ظنه التعدّي وإلّا ضمن ، ولو أجّجها في ملك غيره ضمن النفس والمال.

ولو قصد ذلك وتعذّر الفرار فهو عمد.

ولو بالت دابّته في الطريق ، أو رشّ الدرب [ بالماء ] ، أو ألقى فيه

٥٧٨

القمامة المزلقة فزلق إنسان ضمن مع عدم المشاهدة ، وإلّا فلا.

ولو وضع على حائطه إناء لم يضمن ما يتلف بسقوطه.

ويضمن ما يتلف بالميازيب ، والرواشن ، والأجنحة ، وإن كانت في الطريق المسلوك.

ويجب حفظ الدابة الصائلة ، كالبعير المغتلم ، والكلب العقور ، ويضمن مع الإهمال.

ولو جهل حالها أو علم ولم يفرط لم يضمن ، ولا يضمن دافعها.

ويجوز قتل الهرّة الضارية ، وفي ضمان جنايتها قولان.

ولو دخلت دابّة على أخرى ضمن صاحب الداخل جنايتها إن فرّط ، وجناية المدخول عليها هدر.

ولو دخل دار قوم فعقره كلبهم ضمنوه إن دخل بإذنهم ، وإلّا فلا.

ويضمن الراكب والقائد ما تجنيه الدابة برأسها ويديها ، ولو وقف بها أو ضربها أو ساقها ضمن جناية يديها ورجليها ورأسها ، ولو ضربها غيره ضمن الضارب.

ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان ، ولو كان صاحبها معها ضمن دون الراكب ، ولو ألقت الراكب لم يضمن المالك إلّا بتنفيره.

ولو أركب مملوكه الصّغير [ دابّة ] ضمن جنايتها ، ولو كان بالغا تعلّقت برقبته إن كانت على نفس آدميّ وإلّا تبع [ به بعد العتق ] (١).

ويضمن من أخرجه من منزله ليلا إلّا أن يعود فإن لم يعد فعليه ديته ، ولو

__________________

(١) في بعض النسخ : « وإلّا بيع فيها » والمسألة معنونة في كلمات الفقهاء ولمزيد التوضيح يلاحظ السرائر : ٣ / ٣٧٢ ، والقواعد : ٣ / ٦٥٧ ، والتحرير : ٥ / ٥٤٨ ، وجواهر الكلام : ٤٣ / ١٤٢.

٥٧٩

وجد مقتولا لزمه ديته إلّا أن يثبت على غيره ، ولو وجد ميّتا فقولان.

الثالث : إذا اجتمع المباشر والسّبب ضمن المباشر ،كالحافر مع الدافع ، والممسك مع الذّابح ، وواضع الحجر في الكفّة مع جاذب المنجنيق.

ولو جهل المباشر [ حال ] السبب ضمن السّبب ، كمن حفر بئرا في غير ملكه وسترها فدفع من لا يعلمها ثالثا ، وكذا لو فرّ الخائف فوقع في بئر لا يعلمها.

ولو حفرها في ملكه وسترها ثمّ دعا غيره ضمنه.

ولو اجتمع سببان ضمن السابق ، فلو حفر بئرا في طريق ، ووضع آخر حجرا ، فعثر به ثالث فوقع في البئر ، ضمن الواضع.

ولو حفر بئرا في غير ملكه ، ونصب آخر فيها سكّينا فتردّى إنسان على السكّين ، ضمن الحافر ، هذا مع تساوي العدوان ، فلو اختصّ به أحدهما فالضمان عليه.

ولو أحدر السيل حجرا إلى طرف البئر ضمن الحافر على توقّف.

ولو حفر بعض البئر ثمّ عمّقها آخر اشتركا في الضمان.

ولو ركبت جارية على أخرى فنخستها (١) ثالثة فقمصت (٢) فصرعت الراكبة فماتت ، قيل : إن ألجأتها الناخسة فالدية عليها ، وإلّا فعلى القامصة (٣).

__________________

(١) في مجمع البحرين ـ : نخس الدّابّة ، كنصر وجعل : غرز مؤخّرها بعود ونحوه.

(٢) قمص البعير وغيره عند الركوب قمصا ـ من بابي ضرب وقتل ـ وهو أن يرفع يديه معا ويضعهما معا. المصباح المنير : ٢ / ٢٠٠ ، وقال الحلّي في السرائر : ٣ / ٣٧٤ : وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معا ويعجن برجليه.

(٣) ذهب إليه الحلّي في السرائر : ٣ / ٣٧٤.

٥٨٠