معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

الثانية : لو ادّعى كلّ منهما البيع من آخر ، فإن صدّقهما قضي عليه بالثمنين ، وإلّا حلف لهما ، وإن أقرّ لأحدهما قضي عليه بالثمن وحلف للآخر ، وإن أقاما بيّنتين واتّحد التاريخ أقرع ويقضى للخارج مع اليمين ، وإن نكل حلف الآخر.

وإن نكلا قسّم الثمن بينهما.

ولو اختلف التاريخ أو اطلقتا أو إحداهما قضي عليه بالثمنين.

الثالثة : لو ادّعى أنّه اشتراه من زيد وأقبضه الثمن ، وادّعى آخر أنّه اشتراه من عمرو وأقبضه الثمن ، وأقاما بيّنتين ، فإن تشبّثا قسّمت بينهما ، ورجع كلّ منهما على بائعه بنصف الثمن ، وإن تشبّث أحدهما قضي للخارج ، ويرجع الداخل بالثمن.

وإن خرجا وتساوت البيّنتان عدالة وعددا وتاريخا ، أقرع وقضي للخارج مع اليمين ، ولو نكل حلف الآخر.

ولو نكلا قسّم المبيع ويرجع كلّ واحد على بائعه بنصف الثمن ، ولهما الفسخ والرجوع بالثمنين.

ولو فسخ أحدهما لم يكن للآخر أخذ الجميع ، لعدم عود النصف إلى بائعه.

الرابعة : لو ادّعى شراء العبد من السيّد ، وادّعى العبد العتق ، فمع عدم البيّنة يقدّم قول السيّد مع اليمين ، ولو أقام أحدهما بيّنة قضي (١) له ، ولو أقاما بيّنتين

__________________

(١) في « أ » : حكم.

٣٨١

حكم للأسبق ، فإن اتّفقا قضي بالقرعة مع اليمين ، ولو نكلا فنصفه حرّ ونصفه لمدّعي الشراء ، ويرجع بنصف الثمن ، ويقوّم على البائع ، وللمشتري الفسخ ، فيعتق كلّه معه للشهادة بمباشرة عتقه.

ولو كان العبد في يد المشتري قدّمت بيّنة العبد ، لأنّه خارج فيعتق ، ويرجع المشتري بالثمن.

الخامسة : لو ادّعى أنّه استأجر الدار بدينار وادّعى المؤجر أنّه آجره بيتا منها به ولا بيّنة ، تحالفا ، ثمّ إن كان ذلك بعد المدّة وجبت أجرة المثل.

ولو أقام أحدهما بيّنة حكم له ، ولو أقاما بيّنتين ، فإن اتّحد التاريخ أقرع ، وإن اختلف حكم للأسبق ، فإن كانت بيّنة الدار فلا بحث ، وإن كانت بيّنة البيت صحّ العقدان (١) ويحكم بأجرة البيت وأجرة الدّار ، وينقص منها بنسبة ما بين البيت والدار ، فلو كانت (٢) بالثلث لزمه دينار وثلثا دينار.

الفصل الثالث : في دعوى المواريث

وفيه مسائل :

الأولى : لو ماتت امرأة وولدها ، فادّعى الزوج سبق موتها والأخ سبق موت الولد ولا بيّنة ، فتركة الولد لأبيه ، وتركة الزوجة بينهما ويحلفان ، ولو أقاما بيّنتين متساويتين أقرع ، ولو أقامها أحدهما حكم له.

__________________

(١) في « أ » و « ج » : صحّ العقد.

(٢) في « أ » : فإن كانا.

٣٨٢

الثانية : لو مات المسلم عن ابنين واتّفقا على تقديم إسلام أحدهما على موت الأب واختلفا في الآخر ، حلف المتّفق عليه على نفي العلم ، وحاز التركة ، وكذا لو ادّعى الرّقّ سبق عتقه على الموت وأنكر الآخر.

ولو اتّفقا على زمان الإسلام واختلفا في سبق موت الأب عليه قدّم قول مدّعي تأخير الموت مع اليمين.

ولو أقاما بيّنتين أقرع.

الثالثة : لو ادّعى شيئا في يد أجنبيّ له ولشريكه في الإرث ، وأقام بيّنة كاملة ، وهي ذات المعرفة المتقادمة والخبرة الباطنة ، فشهدت بأنّها لا تعلم وارثا غيرهما سلّمت إليهما ، ولو كان شريكه غائبا سلّم إليه النّصف ، وترك الباقي في يد المتشبّث ، أو ينتزعه الحاكم.

ولو لم تكن كاملة وهي الّتي لا خبرة لها لم يسلّم إلى المدّعي شيئا إلّا بعد البحث والتضمين.

ولو كان ذا فرض أعطي مع البيّنة الكاملة نصيبه التامّ ومع غيرها الأقلّ ، وبعد البحث يعطى باقي الحصّة مع التضمين.

ولو كان ممّن يحجب كالأخ أعطي مع البيّنة الكاملة المال ، ومع غيرها يعطى بعد البحث والتضمين.

الرابعة : لو ادّعى ابن الميت الإرث والزوجة الصداق وأقاما بيّنة ، حكم لبيّنة المرأة.

الخامسة : لو قال : إن قتلت فأنت حرّ ، فأقام العبد بيّنة بالقتل والوارث بيّنة بالموت ، أقرع.

٣٨٣

السادسة : لو شهد أجنبيّان بالوصيّة لزيد وشهد وارثان أنّه رجع وأوصى به (١) لعمرو ، لم تقبل شهادة الوارث ، لأنّه كالخصم للرجوع عنه ، وكذا لو كان له عبدان كلّ واحد ثلث التركة ، فشهد أجنبيّان بالوصيّة بعتق أحدهما ووارثان بالرجوع عنه والإيصاء بعتق الآخر.

ويحتمل عتق الأوّل وثلثي الثاني.

الفصل الرابع : في دعوى الولد

لو تداعيا صبيّا ولا بيّنة أقرع ، ولو كان في يد أحدهما لم يرجّح بها ، ولو أقاما بيّنة تحقّق التّعارض ، فيقرع مع التساوي.

ونفقته قبل القرعة عليهما ، فإن لحق بأحدهما رجع عليه الآخر ، ولا عبرة بانتسابه إلى أحدهما وإن كان مميّزا.

ولو تداعيا نسب بالغ فصدّق أحدهما قبل ، وإن أنكرهما لم يثبت ، فإن أقاما بيّنة أقرع مع التساوي.

ولو اشترك الفراش أو الدعوى أقرع مع عدم البيّنة ومع وجودها من الطرفين ، سواء كانا مسلمين أو كافرين ، أو حرّين أو عبدين ، أو مختلفين في ذلك ، ولا عبرة بالقيافة.

ويلحق النسب بالفراش المنفرد والدعوى المنفردة.

__________________

(١) في « أ » : وأوصى بها.

٣٨٤

كتاب الشهادات

وفيه مقاصد

٣٨٥
٣٨٦

[ المقصد ] الأوّل : في صفات الشاهد

وهي عشرة :

الأوّل : البلوغ ، فلا تقبل شهادة الصّبي وإن بلغ عشرا إلّا في الجراح بشرط الاجتماع على المباح ، وعدم الافتراق ، والأخذ بأوّل قولهم.

الثاني : العقل ، فلا تقبل شهادة المجنون ، ولو ناله أدوارا جاز التحمّل والأداء مع الإفاقة.

الثالث : التفطّن ، فلا تقبل شهادة المغفّل والأبله ومن يغلب عليه السّهو.

الرابع : الإسلام ، فلا تقبل شهادة الكافر إلّا الذمّي في الوصيّة بالمال إذا عدم عدول المسلمين ، ولا يشترط القربة ، ويرجّح على فسّاق المسلمين ، ولا تقبل شهادتهم على مثلهم.

الخامس : الإيمان ، فلا تقبل شهادة المخالف في العقائد وإن اجتهد ، وتقبل شهادة المخالف في الفروع إلّا أن يخالف الإجماع.

السادس : العدالة ، وهي هيئة راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى والمروة.

فالتقوى : اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصّغائر ، فلا يقدح

٣٨٧

النّدرة وإن أمكن تداركها بالاستغفار ، ولا ترك السنن إلّا أن يظهر منه التّهاون بها.

والمروة : اجتناب الدناءة ، كالأكل في السوق غالبا ، ولبس ما لا يناسبه ، ولا يقدح فيها الصّنائع الدنيّة.

ويقدح في العدالة أمور :

[ الأمر ] الأوّل : القذف إلّا مع البيّنة ، أو اللّعان ، أو تصديق المقذوف ، ويزول الفسق بالتوبة.

وحدّها إكذاب نفسه وإن كان صادقا ويورّي [ باطنا ] (١) ولا يشترط إصلاح العمل بل الاستمرار عليها ، لأنّها صلاح له.

[ الأمر ] الثاني : اللّعب بآلات القمار كلّها وإن قصد الحذق ، حتّى بالجوز والبيض وإن لم يكن برهان.

[ الأمر ] الثالث : اللهو بالعود والزّمر وغيرها إلّا الدف في الختان والأملاك (٢) فاعلا كان أو مسمعا.

[ الأمر ] الرابع : الغناء وهو مدّ الصوت المطرب وإن كان في قرآن ، ورخّص الحداء للإبل وغيرها.

[ الأمر ] الخامس : شرب المسكر وغيره وبيعه ، خمرا كان أو نبيذا أو بتعا أو فضيخا أو مزرا ، وكذا الفقّاع والعصير إذا غلى واشتدّ إلّا أن يذهب ثلثاه.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : « ولا يورّي » ولعلّه مصحّف ، قال في الدروس : ٢ / ١٢٦ ويزول الفسق بأن يتوب بإكذاب نفسه ، ويورّي باطنا إن كان صادقا.

(٢) في مجمع البحرين : الملاك بالكسر والإملاك : التزويج وعقد النكاح.

٣٨٨

[ الأمر ] السادس : هجاء المؤمن ، والتغزّل بامرأة معروفة محترمة ، وكذا بالصّبيّ.

ويكره الإكثار من غيره إلّا في مدح أهل البيت عليهم‌السلام.

[ الأمر ] السابع : بغض المؤمن وإظهار الحسد له.

[ الأمر ] الثامن : لبس الرّجال الذهب والحرير إلّا في الحرب.

[ الأمر ] التاسع : الرّهان على الحمام ، ويجوز اتّخاذه للأنس ، وإنفاذ الكتب ، ويكره للتفرّج واللّعب.

السابع : طهارة المولد ، فلا تقبل شهادة ولد الزّنا ولو في اليسير ، وإن قلنا بإسلامه ، ولا بدّ من تحقّقه ، فلا عبرة بنيل الألسن. (١)

الثامن : الحريّة ، والوجه قبول شهادة العبد على غير السيّد ، وتقبل عليه بعد العتق وإن ردّت قبله ، وكذا لو بيع ، والمعتق بعضه ، والمكاتب مطلقا وأمّ الولد كالقنّ.

التاسع : انتفاء الأبوّة ، فلا تقبل شهادة الولد على والده ، وتقبل على الأمّ والجدّ للأب ، ولو شهد على أبيه وغيره بحقّ قبلت في حقّ الغير خاصّة ، ولو شهد عليه بعد موته قبلت.

العاشر : انتفاء التهمة ،والمعتبر فيها خمسة :

١. جرّ النفع بالشهادة ، كالشريكين فيما هو شريك فيه ، والوصيّ كذلك ،

__________________

(١) قال في الدروس : ٢ / ١٢٧ : وانّما تردّ شهادته مع تحقّق حاله ، فلا اعتبار بمن تناله الألسن وإن كثرت ما لم يحصل العلم.

٣٨٩

وغرماء المفلّس والميّت ، والسيّد لعبده ، والوارث بجرح مورّثه.

٢. دفع الضرر ، كشهادة العاقلة بجرح شهود جناية الخطأ ، والوكيل والوصيّ (١) بجرح الشهود على الموكّل والموصي.

٣. العداوة الدنيويّة وإن لم تتضمن فسقا ، فلا تقبل شهادة العدوّ على عدوّه ، وتقبل له ، وتتحقّق بالسرور بالمساءة وبالعكس أو بالتقاذف ، ولو تحقّقت العداوة من أحدهما اختصّ بالردّ.

ولا تمنع العداوة الدينيّة ، فتقبل شهادة المسلم على الكافر.

٤. دفع عار ردّ الشهادة ، فلو ردّت شهادة المتستر بالفسق فتاب لتقبل شهادته لم تقبل في تلك القضيّة ، وتقبل في غيرها.

ولو ردّت شهادة المعلن به فتاب قبلت.

ولو قيل له في المجلس : تب أقبل شهادتك لم تقبل إلّا أن يعلم أنّه تاب لله تعالى.

وليس من التهمة القرابة والصداقة ، فتقبل شهادة القريب لقريبه وإن كان وارثا لموروث مشرف على الموت ، وتبطل لو مات قبل الحكم ، والصديق لصديقه وإن تأكّدت الصداقة ، وكذا الزوجان.

وتقبل شهادة الأجير والضّيف.

ولو شهد بعض المأخوذين لبعض على اللصوص لم تقبل ، ولو كانوا غير مأخوذين قبلت.

__________________

(١) في « أ » : « والودعيّ » وهو مصحّف.

٣٩٠

وتقبل شهادة بعض غرماء المديون لبعض.

ولا تقبل شهادة السائل بكفّه.

تنبيه

يعتبر اجتماع الشرائط عند الأداء لا عند التحمل ، فلو تحمّل الكافر ، أو الفاسق ، أو الصّبي ، أو العدوّ ، ثمّ زال المانع عند الأداء قبلت شهادتهم ، ولو تجدّد المانع بعد الأداء وقبل الحكم لم يحكم مطلقا.

وقيل (١) : يحكم في حق الآدمي كالقصاص وحدّ القذف ، دون حقّ الله تعالى كحدّ الزنا ، وفي السرقة يحكم بالمال دون القطع.

ولو قامت بيّنة بالجرح مطلقا لم ينقض الحكم لاحتمال تجدّده بعد الحكم ، ولو ثبت سبقه على الشهادة نقض ، ولو كان بعد الشهادة وقبل الحكم لم ينقض وعمل بالشهادة إلّا في حقّه تعالى.

وإذا نقض فإن كان الحقّ قتلا أو جرحا فلا قود ، والدية في بيت المال ، باشره الحاكم أو أمر به ، أمّا لو باشره الوليّ بعد الحكم وقبل الإذن ضمن الدية ، وكذا قبل الحكم.

وإن كان مالا استعيد ، فإن تلف ضمنه المحكوم له ، فإن أعسر أنظر ، ولا يضمنه الحاكم.

__________________

(١) نقله الشهيد في الدروس : ٢ / ١٣٣.

٣٩١

وإذا ثبت التزوير نقض الحكم واستعيد المال ، فإن تعذّر غرم الشهود ، ولو كان قتلا اقتصّ منهم.

ولو باشر الولي القصاص واعترف بالتزوير اقتصّ منه دونهم.

ولو مات الشاهدان قبل الحكم حكم بشهادتهما ، وكذا لو ماتا ثمّ زكّيا بعد الموت.

٣٩٢

المقصد الثاني : في التحمّل والأداء

أمّا التحمّل ، فيجب على الكفاية على الأقوى ، ولو لم يوجد غيره تعيّن ، ويحصل بالدعاء إليه ، وبمشاهدة موجبة ، أو سماعه وإن لم يستشهد وإن نهاه ، وكذا لو جني ثمّ سمع منه ما يوجب حكما.

وليست الشهادة شرطا إلّا في وقوع الطلاق إجماعا منّا ، قيل (١) : وفي التبرّي من ضمان الجريرة ، وفي رجوع المالك بالأجرة لو هرب عامل المساقاة ، وتستحبّ في غير ذلك ، خصوصا في النكاح والرجعة والبيع.

ويكره أن يشهد لمخالف إذا خشي ردّ شهادته عند الإقامة.

وأمّا الأداء ، فيجب على الكفاية إجماعا ، ولو لم يوجد إلّا اثنان تعيّن.

وإنّما يجب عند الاستدعاء ، ولو لم يعلم صاحب الحقّ بهما وجب إعلامه إن خيف ضياع حقّه بترك الإعلام ويجب على العدل (٢) وفي الفاسق توقّف ويقوى الوجوب لرجاء التوبة.

__________________

(١) نقله الشهيد في الدروس : ٢ / ١٣٥.

(٢) في « أ » : ويجب على العدول.

٣٩٣

ولا تجب الإقامة إذا خاف ضررا غير مستحقّ عليه ، أو على أهله أو على بعض المؤمنين.

ولا يجوز الأداء إلّا بعد الذكر وإن عرف خطّه وأمن التزوير ، أو كان الكتاب عنده ، أو شهد معه ثقة.

ويصحّ تحمّل الأخرس وأداؤه إذا فهمت إشارته أو ترجمها عدلان ، وليسا فرعين ، بل يحكم بشهادته أصلا ، ومن شهد بمعرّفين (١) فهو أصل.

ولا تجزئ إشارة الناطق في التحمّل والأداء.

ولا بدّ في الإقامة من التلفّظ بالشهادة فيقول : أشهد بكذا ، أو أنا شاهد الآن ، أو شهدت عليه ، ولو قال : أعلم أو أتيقّن لم تسمع على قول (٢).

__________________

(١) المراد بقوله : « معرّفين » العدلان.

(٢) نقله الشهيد في الدروس عن بعض الأصحاب ، لاحظ الدروس : ٢ / ١٣٥.

٣٩٤

المقصد الثالث : في مستند الشهادة

وهو العلم ، ويحصل بالبصر أو بالسمع أو بهما.

فالأوّل الأفعال ، كالقتل ، والغصب ، والرضاع ، والسرقة ، والولادة ، والزنا ، واللواط ، وتقبل فيه شهادة الأصمّ.

الثاني : يثبت بالاستفاضة ، (١) كالنسب ، والموت ، والملك المطلق ، والوقف ، والنكاح ، والعتق ، وولاية القاضي ، والمراد بها إخبار جماعة يتاخم قولهم العلم.

ولو شهد بالملك وأسنده إلى سبب يثبت بالاستفاضة كالإرث قبل فيهما ، ولو لم يثبت بها كالبيع والغنيمة قبل في الملك لا في السبب ، وتظهر الفائدة في الترجيح على مدّع آخر.

وإذا اجتمع في ملك استفاضة ويد وتصرّف بغير منازع ، فهو غاية الإمكان ، فللشاهد أن يشهد بالملك ، والأقوى الاكتفاء بأحدها وترجيح اليد على الاستفاضة مع التعارض.

الثالث : العقود والإيقاعات والإقرار ، فتفتقر إلى السمع لفهم اللفظ ، وإلى

__________________

(١) في « أ » : ما يكفي فيه الاستفاضة.

٣٩٥

البصر لمعرفة المتكلم ، ويجوز أن يتحمّل الأعمى ما يفتقر إلى البصر بشرط معرفة صوت المشهود عليه قطعا ، أو يعرّفه عنده عدلان ، أو يكون مقبوضا [ بيده ] ، وكذا (١) في إقامة الشهادة عليه.

ويصحّ أن يترجم [ الأعمى ] للحاكم.

__________________

(١) في « أ » : « كما » والصحيح ما في المتن.

٣٩٦

المقصد الرابع : في أقسام الحقوق

وهي قسمان :

الأوّل :

حقّ الله تعالى

فمنه : ما لا يثبت إلّا بأربعة رجال ، وهو اللّواط ، والسحق.

ومنه : ما يثبت بأربعة رجال ، أو بثلاثة وامرأتين ، وهو الزنا الموجب للرّجم ، ولو شهد رجلان وأربع نساء ثبت الجلد دون الرجم ، ولا يثبت برجل وستّ نساء ، ولا بالنساء منفردات ، بل يحدّ الشهود.

أمّا الإقرار بالزنا ففي الاكتفاء بشاهدين توقّف.

ومنه : ما لا يثبت إلّا برجلين ، وهو شرب الخمر ، والسرقة ، والردّة ، والقذف ، وإتيان البهائم ، والزكاة ، والخمس ، والكفارات ، والنذر ، والإسلام.

٣٩٧

الثاني :

حقّ الآدمي

فمنه : ما لا يثبت إلّا برجلين ، وهو ما ليس مالا ولا المقصود منه المال ، كالبلوغ ، والعتق ، والولاء ، والجرح ، والتعديل ، والعفو عن القصاص ، والطلاق ، والخلع ، والرجعة ، والعدّة ، والوكالة ، والوصيّة إليه ، والنسب ، ورؤية الهلال ، والتدبير ، والكتابة والجناية الموجبة للقود ، وفي النكاح توقّف.

ومنه : ما يثبت برجلين ، وبرجل وامرأتين ، وبرجل ويمين ، وهو ما كان مالا أو الغرض منه المال كعقود المعاوضات كالبيع والإجارة والدّين والرهن والقراض والغصب وحقوق الأموال كالخيار ، والفسخ ، والأجل ، والشفعة ، والوصية له ، والوقف ، والجناية الموجبة للمال كقتل الخطأ وشبهه ، والمأمومة ، والجائفة ، والهاشمة ، والمنقّلة ، وكسر العظام ، وما لا قود فيه كقتل الوالد ولده ، والمسلم الكافر ، والحرّ العبد ، وقبض نجوم الكتابة ، وفي النجم الأخير توقّف.

ومنه : ما يثبت بشهادة الرجال والنساء منفردات ومنضمّات ، وهو ما يعسر (١) اطّلاع الرجال عليه غالبا ، كالولادة ، والاستهلال ، وعيوب النساء الباطنة ، والرضاع ، وإذا انفردن فلا بدّ من أربع.

ولا تقبل شهادة النساء منفردات في غير ذلك وإن كثرن.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : وهو ما يعزّ.

٣٩٨

ومنه : ما يثبت بشهادة امرأة واحدة ، وهو الوصيّة بالمال ، والاستهلال ، فيثبت ربع الوصيّة وربع الميراث ، وبالمرأتين النّصف ، وبثلاث ثلاثة أرباع ، وبأربع الجميع ، كلّ ذلك بغير يمين ، ولو حلف مع المرأتين ثبت الجميع.

ولا يجوز للمرأة تضعيف الوصيّة حتّى يصير ما أوصى به الربع ، ولو فعلت ذلك قبل ظاهرا أو استباحه المشهود له إن علم بالوصيّة ، وإلّا فلا ، والرجل الواحد كالمرأة ، ولا تقبل شهادة الرجل الواحد إلّا هنا وإن كان في هلال شهر رمضان.

ولو اشتمل على حقّ الله والآدمي كالسرقة ، فالمال يثبت بشاهد وامرأتين ، ولا يثبت القطع إلّا برجلين.

٣٩٩

المقصد الخامس : في التوافق

يجب موافقة الشاهدين للدعوى وتوافقهما معنى (١) لا لفظا ، فلو قال أحدهما : غصب ، والآخر : انتزع قهرا أو ظلما ، أو شهد واحد انّه أقرّ بالعربية والآخر بالعجميّة قبل.

ولو قال أحدهما : باع ، وقال الآخر : أقرّ بالبيع لم يقبل ، وكذا لو اختلفا في زمان العقد أو مكانه أو صفته.

ولو انتفى التكاذب بين الشاهدين ، وحلف مع أحدهما قبل ، وكذا مع التكاذب إن كانت شهادة أحدهما موافقة للدعوى وإلّا فلا ، لأنّ التعارض إنّما يكون بين البيّنتين الكاملتين ، فلو شهد أحدهما انّه سرق نصابا معيّنا غدوة والآخر عشيّة لم يقبل ، وكذا لو شهد أحدهما انّه سرق ثوبا أبيض والآخر أسود.

ولو حلف مع أحدهما ثبت الغرم دون القطع.

ولو شهد بكلّ بيّنة فإن كان على معيّن ثبت الغرم لا القطع ، وإلّا ثبت الثوبان والقطع.

ولو شهد واحد انّه باعه هذا الثوب بدينار والآخر بدينارين في ذلك

__________________

(١) في « أ » : توافق الشاهدين للدعوى معنى.

٤٠٠