معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

الشرط الثاني : التساوي في الدّين

لا يقتل مسلم بكافر حربيّ ولا غيره ، ذمّيّا كان أو معاهدا أو مستأمنا بل يعزّر ويغرم دية الذّمي ، ولو اعتاد قتل الذميّ قيل : يقتصّ منه بعد ردّ الفاضل (١).

ويقتل الذمّيّ بمثله وبالذميّة بعد ردّ فاضل ديته ، والذميّة بمثلها وبالذميّ ولا ردّ.

ويقتل الذميّ بالمستأمن وبالعكس ، والمستأمن بمثله ، والحربيّ بالذميّ والمرتدّ بمثله مطلقا والذمي بالمرتد وبالعكس على توقّف إلّا أن يتوب فيلزمه دية الذمي.

ولا يقتل ذمّيّ ولا ذو عهد بحربيّ.

ولو قتل الذّميّ مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ، ويتخيّرون بين قتله واسترقاقه ، ولا يسترقّ أولاده الصغار.

ولو أسلم قبل الاسترقاق فلهم قتله دون استرقاقه.

ويقتل ولد الرشدة بولد الزنية.

ويشترط التكافؤ حال الجناية ، فلو قتل مسلم ذميّا ثمّ ارتدّ فلا قود ، وعليه دية الذمّيّ ، وكذا لو جرحه ثمّ ارتدّ وسرت.

__________________

(١) القائل هو الشيخ في النهاية : ٧٤٩.

٥٤١

ولو قطع مسلم يد ذمّيّ عمدا فأسلم ثمّ سرت ، أو قطع حرّ يد عبد فأعتق ثمّ سرت ، أو صبيّ يد بالغ ثمّ بلغ وسرت ، فلا قصاص في نفس ولا طرف ، لعدم التكافؤ وقت الجناية ، ويضمن دية مسلم ، لأنّ الجناية وقعت مضمونة ، فيعتبر أرشها حال (١) استقرارها.

ولو قطع مسلم يد حربيّ أو مرتدّ فأسلم ثمّ سرت ، فلا قصاص ولا دية ، لأنّها غير مضمونة ، فلا يضمن سرايتها.

ولو رمى حربيّا أو مرتدا أو ذمّيا بسهم فأصابه مسلما (٢) فمات فلا قود وعليه الدية وكذا لو رمى عبدا فأصابه معتقا فمات.

ولو قطع مسلم يد مسلم فارتدّ ثمّ سرت ، فلا قصاص في النفس بل في اليد ، ويستوفيه وليّه المسلم ، ومع عدمه الإمام.

ولو عاد إلى الإسلام قبل حصول سرايته اقتصّ في النفس ، ولو عاد بعد حصولها ثمّ مات ، فالأقوى الدّية ، وكذا لو كانت خطأ.

الشرط الثالث : انتفاء الأبوّة

فلا يقتل الأب وإن علا بالولد وإن نزل ، وعليه التعزير والكفّارة والدية ، ويقتل الولد بأبيه ، والأمّ بولدها ، وكذا الأجداد والجدّات من قبلها وجميع الأقارب به.

__________________

(١) في « أ » : حالة.

(٢) أي أصابه حال كونه مسلما أو معتقا.

٥٤٢

ولو قتل زوجته أو قذفها ولا وارث لها إلّا ولده فلا قصاص ولا حدّ ، ولو كان لها ولد من غيره فله القصاص بعد ردّ نصيب الولد من الدية ، ويستوفى الحدّ كملا.

ولو ادّعى المجهول اثنان فقتله أحدهما أو هما قبل القرعة ، فلا قود.

ولو قتلاه بعد رجوع أحدهما فالقصاص على الراجع بعد ردّ نصف الدية ، وعلى الآخر نصف الدية ، وعلى كلّ واحد كفّارة.

ولو قتله الراجع قيد به.

ولو تداعى اثنان المولود على فراشهما كالأمة أو الموطوءة بالشبهة في طهر واحد ثمّ قتلاه قبل القرعة لم يقتلا ، ولو رجع أحدهما ثمّ قتلاه لم يقتل الرّاجع ، لأنّ البنوّة هنا مستندة إلى الفراش لا إلى مجرّد الدّعوى.

الشرط الرابع : التكليف

فلا قصاص على المجنون والصّبي وإن بلغ عشرا ، سواء كان المقتول كاملا أو لا ، بل تجب الدية على عاقلتهما.

أمّا لو قتل العاقل مثله ثمّ جنّ لم يسقط القود.

ويقتل البالغ بالصبيّ لا بالمجنون ، بل تجب الدية إلى أن يقصد الدفع.

ولو ادّعى الوليّ الكمال وقت الجناية والجاني عدمه قدّم قول الجاني مع يمينه ، وتثبت الدية في ماله.

ولا قود على النائم ، والدية على عاقلته والأعمى كالمبصر.

٥٤٣

الشرط الخامس : كون المقتول محقون الدم

فلا يقتل الحربيّ بالحربيّ ، ولا المسلم بمن أباح الشرع قتله ، ولا دية أيضا ، وكذا من هلك بسراية الحدّ أو القصاص أو التعزير.

ولو قتل من وجب عليه القصاص غير مستحقّ اقتصّ منه.

المقصد الثالث

في دعوى القتل ، وما يثبت به

أمّا الأوّل ، فشروطه ستة :

الأوّل : تكليف المدّعي ورشده حالة الدعوى ، فلو كان عند الجناية حملا سمعت ، ولا تسمع من الصبيّ والمجنون.

الثاني : استحقاقه حالة الدعوى ،وإن كان أجنبيّا وقت الجناية.

الثالث : تعيين المدّعى عليه ، فلو ادّعى على جماعة مجهولين لم تسمع.

ولو قال : قتله أحد هؤلاء العشرة ، ولا أعرف عينه ، سمعت وله إحلافهم ، ولو أقام بيّنة سمعت لإثبات اللوث لو عيّن الوليّ أحدهم.

الرابع : إمكان المباشرة ، فلو ادّعى على غائب أو جماعة يتعذّر اجتماعهم على قتل الواحد ، كأهل البلد لم تسمع ، ولو رجع إلى الممكن سمعت.

٥٤٤

ولو ادّعى انّه قتل مع جماعة لا يعرف عددهم سمعت ، ولا قود ولا دية ، بل يحكم بالصلح.

الخامس : تحرير الدّعوى ، فيذكر نوع القتل والانفراد أو الاشتراك ، فلو أطلق سمعت ، واستفصله الحاكم ، وليس ذلك تلقينا بل تحقيقا للدّعوى ، ولو لم يبيّن طرحت ولم تسمع البينة.

السادس : عدم التناقض ، فلو ادّعى انّه قتل منفردا ، ثمّ ادّعى على الآخر لم تسمع [ الدعوى ] الثانية ، [ سواء ] برّا الأوّل أو شرّكه ، ولو صدّقه الثاني جازت مؤاخذته.

ولو ادّعى العمد وفسّره بالخطإ أو بالعكس ، لم تبطل أصل الدّعوى ، وعمل بالتفسير.

وأمّا الثاني ، فالإقرار ، أو البيّنة ، أو القسامة.

فهنا مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] الإقرار

وتكفي المرّة ، ويعتبر في المقرّ البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، فلا ينفذ إقرار الصبيّ والمجنون والمكره والمملوك والساهي والنائم والسكران والمغمى عليه.

ولو أقرّ المحجور عليه لسفه أو فلس بالعمد اقتصّ منه ، ولو أقرّ بالخطإ ثبت ، ولم يشارك المقر له الغرماء.

٥٤٥

ويستوي القنّ والمدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط والمطلق وإن أدّى البعض ، ولو صدّقه مولاه نفذ إلّا أن يكون مرهونا إلّا أن يصدّقه المرتهن.

ولو أقرّ واحد بالقتل عمدا وآخر خطأ تخيّر الوليّ في تصديق أحدهما ، ولا سبيل له على الآخر.

ولو أقرّ بالعمد ، فأقرّ آخر انّه القاتل ، ورجع الأوّل ، درئ عنهما القصاص والدية وودي المقتول من بيت المال. (١)

المبحث الثاني : [ في ] البيّنة

وشروطها أربعة :

الأوّل : العدد ،ولا يثبت موجب القصاص إلّا بشاهدين وإن عفا على مال.

ويثبت موجب الدية كقتل الخطأ والمأمومة بهما ، وبشاهد وامرأتين ، وبشاهد ويمين.

ولا تقبل شهادة النساء منفردات مطلقا ، ولو شهد رجل وامرأتان بهاشمة مسبوقة بإيضاح لم يثبت الهشم ، كما لا يثبت الإيضاح.

ولو شهدوا انّه رمى زيدا فمرق [ السهم ] فأصاب عمرا ثبت الخطأ.

الثاني : تجرّد الشهادة عن الاحتمال ، مثل ضربه بالسّيف فقتله ، أو فمات ، أو فأنهر دمه فمات في الحال ، أو فلم يزل مريضا حتّى مات ، وإن طالت المدّة.

ولو شهدت بأنّه جرح أو جرى الدم لم يقبل حتّى يشهد بالقتل.

__________________

(١) وردت به رواية ، لاحظ الوسائل : ١٩ / ١٠٧ ، الباب ٤ من أبواب دعوى القتل و ... ، الحديث ١.

٥٤٦

ولو شهدت بأنّه قتله بالسّحر لم تقبل إلّا أن يشهد على إقرار ، وكذا يشترط في الجراح ، فلو شهدت بأنّهما اختصما ثمّ افترقا وهو مجروح ، أو ضربه فوجداه مشجوجا ، أو فجرى دمه لم تقبل.

ولو قال : ثمّ افترقا وقد جرحه ، أو فوجدناه قد شجّه ، أو فأجرى دمه قبل ، وكذا لو قال : ضربه فأوضحه أو شجّه.

ولو وجد فيه موضحتان فلا قصاص ، ويثبت الأرش ، ولا يقتصّ بأقلّهما ، وكذا لو قال : قطع يده ، ووجد مقطوع اليد ، ولو قال : أسأل دمه فمات قبل في الدامية خاصّة.

الثالث : التوافق ، فلو اختلفا في الزمان أو المكان أو الآلة لم يثبت القتل ولا اللوث ، للتّكاذب.

ولو شهد واحد بالإقرار ، والآخر بالفعل لم يثبت ، وكان لوثا ، لعدم التّكاذب.

ولو قيّد أحدهما بصفة وأطلق الآخر ، ثبت المطلق.

ولو شهد بالإقرار بالقتل ، والآخر به عمدا ، ثبت أصل القتل وألزم المقرّ البيان ، ويقبل تفسيره مع يمينه ، لا إنكاره.

ولو شهد بالقتل عمدا ، والآخر مطلقا ، لم يثبت أصل القتل ، بل يكون شاهد العمد لوثا.

ولو شهد بالقتل عمدا ، والآخر خطأ ، ثبت أصل القتل على توقّف.

ولو شهدا بالقتل على زيد ، وآخران به على عمرو فلا قصاص ، وعليهما الدّية نصفين في العمد ، وعلى العاقلتين في الخطأ ، وتخيير الوليّ قويّ.

٥٤٧

ولو شهدا عليه بالعمد ، فأقرّ آخر أنّه القاتل ، وبرّأ الأوّل ، تخيّر الوليّ على توقّف.

الرابع : انتفاء التهمة ، فلو شهدا لمن يرثانه بالجرح بعد الاندمال قبلت لا قبله ، فإن أعيدت بعده قبلت.

ولو شهد لمورّثه المريض قبل.

ولو شهدا بالجرح وهما محجوبان ، ثمّ مات الحاجب أو بالعكس ، اعتبر حال الشهادة.

ولو جرحت العاقلة شهود الخطأ لم يقبل ، وفيمن لا يصل إليه العقل توقّف.

ولو شهدا على اثنين ، فشهدا على الشاهدين من غير تبرّع لم تسمع ، فإن صدّق المدّعي الأوّلين حكم له ، وإن صدّق الأخيرين أو الجميع بطلت الشهادة.

ولو شهدا على أجنبيّ لم تقبل ، ولو شهد أجنبيّان على الشاهدين بالقتل ، فإن تبرّعا سقطت ، وإلّا تخيّر الوليّ.

ولا يحبس المتّهم بالقتل ليحضر المدّعي البيّنة.

المبحث الثالث : [ في ] القسامة

وأركانه ثلاثة :

[ الركن ] الأوّل : [ في ] اللوث

وهو أمارة يغلب الظنّ معها بصدق المدّعى ، كشهادة العدل الواحد ،

٥٤٨

أو يوجد عنده ذو سلاح ملطّخ بالدم ، أو في صفّ مقابل للخصم بعد المراماة ، أو في دار قوم أو محلّة مقطوعة من البلد لا يدخلها إلّا أهلها ، أو كانت مطروقة بينهم عداوة ، أو في قرية كذلك ، ولو انتفت العداوة فلا لوث.

ولو وجد بين قريتين فاللوث لأقربهما ، ومع التّساوي فهما سواء.

وشهادة الفسّاق أو النّساء مع انتفاء المواطاة لوث ، وكذا الصبيان أو الكفّار مع بلوغ التواتر ، بخلاف شهادة الصبيّ أو الفاسق أو الكافر.

وقول المجروح : قتلني فلان ليس بلوث (١).

ويبطل اللّوث بأمور :

الأوّل : وجود الشكّ فيه كأن يوجد بقرب القتيل ذو سلاح ملطّخ بالدم مع سبع من شأنه القتل.

الثاني : إبهام الشاهد ، كقوله : قتل أحد هذين ، وكذا لو قال : قتله أحد هذين على الأقوى.

الثالث : أن يظهر اللوث في أصل القتل دون كونه عمدا أو خطأ.

الرابع : إنكار الجاني كونه في الدار وقت القتل ، فإذا حلف بطل اللوث.

ولا يقدح تكاذب الوليّين في اللوث ، بل يحلف المدّعي خمسين يمينا ، ويقتصّ بعد الردّ.

وإذا بطل اللوث حلف المنكر يمينا واحدة كسائر الدّعاوي.

__________________

(١) في « أ » : ليس لوثا.

٥٤٩

الركن الثاني : في الكميّة

وهي في العمد خمسون يمينا ، وفي الخطأ خمسة وعشرون ، ولو كان له قوم حلف مع كلّ واحد يمينا ، فإن قصر عددهم كرّرت ، ولو لم يكن له قوم أو امتنعوا حلف المدعي الجميع ، فإن امتنع أحلف المنكر الخمسين ، ويحلف معه قومه كالمدّعي ، وتكرّر مع القصور ، ولو لم يحلف ألزم الدعوى.

ولو تعدّد المدعي قسّمت عليهم بالسوية.

ولو تعدّد المدّعى عليه فعلى كلّ واحد خمسون يمينا.

ولا تجزئ قسامة القوم عن قسامة المدّعي والمدّعى عليه.

والقسامة فيما فيه الدّية ستّة أيمان ، وفيما نقص بالنسبة منها.

ويشترط علم الحالف ، ولا يكفي الظنّ ، وتسمية القاتل والمقتول في كلّ يمين ، ورفع نسبهما بما يزيل الاحتمال ، وذكر الانفراد أو الشركة ، ونوع القتل ، والإعراب إن كان من أهله ، وإلّا أجزأ ما يعلم معه القصد.

ولا يشترط توالي الأيمان في مجلس واحد ، ولا أن يقول : النيّة نيّة المدّعي.

ولا يقسم الكافر على المسلم.

ولمولى العبد أن يقسم وإن كان المدّعى عليه حرّا ، وكذا المكاتب في عبده ، فإن نكل ثمّ مات أو عجز لم يكن لسيّده القسامة ، ولو مات أو عجز قبل نكوله فله أن يقسم.

٥٥٠

الركن الثالث : في الحكم

إذا تمّت القسامة ثبت القصاص في العمد ، والدّية في شبيه العمد على القاتل ، وفي الخطأ على العاقلة.

ولو ادّعى على اثنين ، وأقام اللوث على أحدهما أقسم عليه ، فإن قتله ردّ عليه نصف ديته ، وله على الآخر يمين واحدة ، ولو لم يكن لوث حلف الاثنان.

ولو غاب أحد الوارثين حلف الحاضر مع اللّوث خمسين يمينا ، ويثبت حقّه ، ولم يجب الارتقاب ، ثمّ لا يقتصّ بل يكفل القاتل ، فإذا حضر الغائب حلف خمسا وعشرين ثمّ اقتصّا ، ولو لم يحلف اقتصّ الأوّل بعد الردّ ، وكذا لو كان أحدهما صغيرا أو مجنونا.

ولو مات الولي قبل القسامة حلف وراثه ولو مات في الأثناء استأنف ولو نكل لم يحلف الوارث ولو لم يكن وارث فلا قسامة ولو استوفى القصاص أو الدية ثمّ قامت البيّنة بغيبته وقت القتل بطلت القسامة واقتصّ منه أو استعيدت الدية ولو قال بعد استيفاء الدية هي حرام إن فسّره بكذبه استعيدت وإن فسره بأنّه لا يرى القسامة لم يستعد وإن فسر بأنّها غصب فإن عين المالك الزم الدفع إليه ولا رجوع وإن لم يعينه أقرت في يده ولو استوفى القسامة فأقرّ آخر انّه قتله منفردا لم يتخير الولي.

٥٥١

المقصد الرابع

في الاستيفاء

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : يجب بقتل العمد العدوان مع الشرائط كفّارة الجمع والقصاص ، ولا تجب الدية إلّا صلحا ، ويجوز الافتداء بأقلّ من الدّية وأكثر مع التراضي.

ولا يجبر الجاني على بذل الدية ، كما لا يجبر الوليّ على أخذها.

ولو عفا على مال فإن رضي الجاني وجب المال وسقط القود ، وإلّا فلا ولو عفا ولم يشترط المال سقط القود والدّية.

ولو هلك القاتل أو هرب فلم يقدر عليه حتّى مات ، وجبت الدية في ماله ، فإن لم يكن له مال أخذت من الأقرب فالأقرب من أوليائه الّذين يرثون ديته.

ولا يقتصّ من الحامل مطلقا حتّى تضع ويشرب الولد اللّبأ (١) ثمّ إن وجد غيرها قتلت ، وإلّا صبر حتى ترضعه ، وكذا لو حملت بعد الجناية.

ولو ادّعته ثبت بشهادة القوابل ، فإن تعذّر صدّقت حتّى يعلم حالها.

ولو قتلت ثمّ بان الحمل فالدية على القاتل (٢) إن علم ، وإلّا فعلى الحاكم

__________________

(١) اللّبأ وزان عنب : أوّل اللبن عند الولادة. المصباح المنير : ٢ / ٢٤٠.

(٢) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : « فالدية على العاقلة » ولعلّ الصحيح ما في المتن ، وهو مطابق لما في القواعد : ٣ / ٦٢٨.

٥٥٢

إن علم ، وإلّا ففي بيت المال ، ويضيّق على من لجأ إلى الحرم في المأكل والمشرب حتّى يخرج ويقتصّ منه ، ويقتص في الحرم ممّن جنى فيه.

المبحث الثاني : في المستوفي

وهو وارث المال عدا الزّوج والزوجة ، ويرثان من الدية وإن أحدث صلحا.

ويشترك (١) المكلّفون وغيرهم ، ويرثونه كالمال ، ويتوقّف على إذن الإمام خصوصا الطرف ، فإن كان الوليّ جماعة توقّف على اجتماعهم إمّا بالوكالة أو بالإذن لواحد ، وليس لهم الاجتماع على المباشرة ، فإن فعلوا أساءوا (٢) ولم يلزمهم شي‌ء.

ولو بادر أحدهم عزّر وضمن حصص الباقين.

وللحاضر والكبير والعاقل الاستيفاء بشرط ضمان نصيب الغائب والصغير والمجنون.

وقيل : يجوز حبس القاتل حتّى يجي‌ء الغائب ويكمل الصّبي والمجنون. (٣)

__________________

(١) في « ب » و « ج » : « ولا يشترك » ولعلّه مصحّف.

(٢) كذا في « أ » و « ج » ولكن في « ب » : « ولهم الاجتماع على المباشرة وإن فعلوا ساووا » والصحيح ما في المتن ، قال في القواعد : ٣ / ٦٢٣ : وليس للأولياء أن يجتمعوا على استيفائه بالمباشرة ، لما فيه من التعذيب ، فإن فعلوا أساءوا ولا شي‌ء عليهم.

(٣) لاحظ القواعد : ٣ / ٦٢٣.

٥٥٣

وللأب والجدّ له الاستيفاء عن الصّبيّ والمجنون.

ولو رضي البعض بالدية فللباقين القصاص بعد ردّ نصيب المفادي من الدية ، ولو لم يرض الجاني فلطالب القصاص قتله بعد ردّ نصيب شريكه ولو عفا البعض فللباقين القصاص بعد ردّ نصيب العافي.

ولو قتل الولد الأب والأجنبيّ ، والذّمّيّ المسلم والذّميّ ، اقتصّ من الأجنبيّ والذّمّيّ بعد ردّ المشارك نصف الدية.

ولو كان أحد الشريكين عامدا والآخر مخطئا اقتصّ من العامد بعد الردّ من العاقلة.

ولو شاركه سبع اقتصّ الوليّ بعد ردّ نصف الدية.

ولو أقرّ أحد الوليّين بعفو الآخر على مال لم يقبل [ إقراره ] في حقّ الشريك ، ولهما القصاص ، وللمقرّ أن يقتل بعد ردّ نصيب الشريك ، فإن صدّقه فالردّ له ، وإلّا فللجاني ، والشريك على ما كان في شركة القصاص.

ولو استوفى الوكيل بعد العلم بالعزل اقتصّ منه ، ولو كان قبله فلا قصاص ولا دية.

ولو استوفى بعد العفو عالما فعليه القصاص وإلّا فالدية ، ويرجع بها على الموكّل ، ولو اشتبه فلا شي‌ء.

ولو اختلف الوليّ والوكيل قدّم قول الوكيل مع يمينه.

ويقتصّ للمحجور عليه لسفه أو فلس ، ولو عفا على مال ورضى الجاني قسّم على الغرماء.

٥٥٤

ولو قتل المديون فللوليّ القصاص وإن لم يضمن الدّين ، ولو رضى بالدية صرفت في الديون والوصايا ، وكذا لو قتل خطأ.

ولو تعدّد المقتول فعليه القصاص بسبب كلّ واحد ، سواء قتلهم دفعة أو لا.

ولا يقتل بواحد ، وتؤخذ الدية للباقين ، فإن قتله الجميع استوفوا حقّهم.

ولو قتله واحد أخطأ واستوفى حقّه ، ويطالب الباقون بالدية.

وليس للبعض المطالبة بالدية والباقين بالقصاص.

ولو قطع يد رجل ثمّ قتل آخر ، أو بالعكس ، قطع ثمّ قتل.

ولو قتله وليّ المقتول أساء ولا شي‌ء عليه ، وتؤخذ دية اليد من تركة القاطع. (١) ولو سرى القطع قبل قتله تشاركا فيه ، ولو سرى بعده أخذ نصف الدّية من تركة الجاني على توقّف.

وقد تقدّم تعدّد القاتل ويعلم منه لو تعدد.

المبحث الثالث : في الكيفيّة

ينبغي للإمام إحضار شاهدين فطنين ، واعتبار الآلة لئلّا تكون مسمومة خصوصا في قصاص الطرف ، فلو كانت كذلك ضمن جناية السمّ ، ويمنع من القصاص بالكالّة ، ولا يقتصّ إلّا بالسّيف وإن قتل بغيره.

__________________

(١) في « أ » : « من دية القاطع ».

٥٥٥

ولا يجوز العدول إلى السكّين.

ويقتصر على ضرب العنق وإن قتله بغيره كالمثقّل ، والتحريق ، ورضخ الحجارة ، والتغريق ، فلو ضربه في غيره فإن كان ممّا يخطأ به كالكتف استوفى ولم يعزّر وإلّا عزّر وأجرة الحدّاد من بيت المال ، فإن لم يكن أو ضاق فعلى القاتل.

ولا يقضى بالقصاص إلّا مع التلف (١) بالجناية ، فإن اشتبه اقتصّ في الجرح خاصّة.

ولو ظنّ وفاته ، فإن ضربه الوليّ بالسائغ في العنق ، فله قتله ثانيا ، وإلّا قتل بعد القصاص منه.

ومن يقتصّ له في النفس اقتصّ له في الطرف والجرح ، ولا يضمن سراية القصاص إلّا مع التعدّي ، فإن تعمّد اقتصّ منه ، وإلّا أخذت منه الدّية.

ولو قطع يده فاقتصّ منه ، ثمّ سرت الأولى ثمّ الثانية ، وقع القصاص بالسراية موقعه ، وكذا لو قطع يده ثمّ قتله ، فقطع يدي الجاني ثمّ سرت إلى نفسه.

أمّا لو سرى قطع الجاني قبل قطع المجنيّ عليه لم تقع سراية الجاني قصاصا ، لوقوعها هدرا.

ولو عفا عن قاطع يده فقتله القاطع ، فللوليّ القصاص في النّفس بعد ردّ دية اليد.

__________________

(١) في « أ » : إلّا مع علم التلف.

٥٥٦

ولو قتل مقطوع اليد ، فإن كان المجنيّ عليه أخذ ديتها أو قطعت في قصاص ، قتل به بعد ردّ دية اليد ، وإلّا قتله ولا ردّ.

ولو قطع كفّا بغير أصابع ، قطعت كفّه بعد ردّ دية الأصابع.

ولو قطع يديه فاقتصّ منه ، ثمّ سرى قطع المجنيّ عليه ، فللوليّ القصاص في النفس.

ولو قطع ذمّيّ يد مسلم فاقتصّ ، ثمّ سرت جراحة المسلم ، فلوليّه قتل الذمّيّ ، فلو طلب الدية كان له دية المسلم إلّا دية يد ذمّيّ.

ولو قطعت المرأة يد رجل فاقتصّ ، ثمّ سرت جراحته ، فللوليّ القصاص ولا ردّ ، ولو طلب الدية فله ثلاثة أرباعها.

ولو قطعت يديه ورجليه فاقتصّ ، ثمّ سرت جراحته ، فللوليّ القصاص في النّفس لا الدّية (١) وفيه توقّف.

__________________

(١) علّله في القواعد بأنّه استوفى ما يقوم مقام الدية. ثم قال : « وفيه إشكال من حيث إنّ المستوفى وقع قصاصا وللنفس دية بانفرادها ». القواعد : ٣ / ٦٣٠.

٥٥٧

القسم الثاني : في قصاص الطرف

وفيه مقدّمة ومطالب

والمقدمة : كلّما ينقسم إلى يمين ويسار ، كالعينين ، أو إلى أعلى وأسفل ، كالجفنين والأنامل ، لا يؤخذ أحدهما بالآخر.

ويتحقّق العمد بالجناية على العضو بما يقتله غالبا أو بما يقتله نادرا مع قصد الإتلاف.

المطلب الأوّل

في اليد والرّجل

وفيه فصلان

[ الفصل ] الأوّل : في الشروط

وهي التساوي في الإسلام والحرّيّة ،أو يكون المجنيّ عليه أكمل ، فيقتصّ للمسلم من المسلم والذمّيّ ، وللذمّيّ من الذمي لا من المسلم ، بل تجب

٥٥٨

الدية ، وللحرّ من العبد ، وله استرقاقه إلّا أن تزيد القيمة على الجناية ، فيسترقّ ما قابلها ، ولا خيار للسيّد.

ولا يقتصّ للعبد من الحرّ بل يلزمه قيمته ، ويقتصّ للعبد من مثله ، ومن المدبّر وأمّ الولد والمكاتب المشروط ، مع تساوي القيمتين ، أو مع نقص قيمة الجاني ، فإن زادت لم يقتصّ إلّا بعد ردّ قيمة الزائد.

ولمن انعتق بعضه القصاص من مثله ومن الأقلّ حرّيّة لا من الأكثر.

ويقتصّ للرّجل من الرجل ومن المرأة ولا ردّ ، وللمرأة من المرأة ، ومن الرّجل مع الردّ فيما يتجاوز ثلث الدية ، لا فيما نقص عنه.

الثاني : التساوي في السلامة

فلا تقطع اليد الصحيحة بالشلّاء وإن بذلها الجاني ، فإن قطعها استوفى حقّه ولم يضمن.

وتقطع الشلّاء بالصحيحة ولا يرجع بشي‌ء ، ولو علم أنّها لا تنحسم فلا قصاص وتجب الدية.

وتقطع الشلّاء بالشلّاء إلّا أن يخاف من السراية.

ولا يقطع الصّحيح بالمجذوم ، ويجوز العكس.

وتقطع الصحيحة بالبرصاء ، ولو نقصت يد الجاني إصبعا اقتصّ ورجع بدية الإصبع إن كان أخذ ديتها ، ولو انعكس اقتصّ في الأصابع وأخذ حكومة الكفّ ، وكذا لو نقصت أصابع المقطوع أنملة ، أو كان ظفره مقلوعا أو متغيّرا.

٥٥٩

ولا يشترط التّساوي في الخلقة والمنافع ، فتقطع يد القويّ والكبير والمريض والكسوب بالمقابل.

الثالث : التساوي في المحلّ

وتقطع اليمين باليمين لا باليسار ، واليسار بمثلها لا باليمنى ، والسبّابة بمثلها لا بالوسطى ، وكذا باقي الأصابع.

ولو فقدت اليمين فاليسار ، فإن عدمت فرجله اليمنى [ فإن عدمت ] فاليسرى.

ولو قطع أيدي جماعة على التعاقب قطعت يداه ورجلاه الأوّل فالأوّل ، وللثاني الدية.

ولو قطع يمينا فبذل يسارا فقطعها المجنيّ عليه جاهلا ، فالقصاص باق في اليمين ، ويؤخّر حتّى يندمل اليسار.

ثمّ إن سمع الجاني الأمر بإخراج اليمنى وعلم أنّها لا تجزئ فلا دية له ، ولو لم يعلم فله الدية.

ولو قطعها المجنيّ عليه عالما بأنّها اليسرى ، اقتصّ منه.

وكلّ موضع يلزمه دية اليسرى يضمن سرايتها وإلّا فلا.

ولو اتّفقا على بذلها بدلا لم يصر كذلك ، وعلى القاطع الدية ، وله القصاص في اليمنى.

٥٦٠