معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

ولو حلف البعض ثبت نصيبه وقفا ، وكان الباقي طلقا ، تنفذ منه الديون والوصايا ، والفاضل ميراث ، والحاصل منه للمدّعين يكون وقفا.

ولو انقرض الممتنع ، فللبطن الثاني الحلف مع الشاهد ، ولا يبطل حقّه بنكول الأوّل ، فإنّهم يأخذون عن البطن الأولى ، وقد ثبت الوقف لها.

الرابع : لو ادّعى الوقف عليه وعلى أولاده وقف ترتيب وحلف مع الشاهد ، قضي لهم ، ولا يلزمهم يمين أخرى ، وكذا لو انقرض البطون وصار إلى الفقراء.

ولو كان وقف تشريك افتقر البطن الثاني إلى يمين أخرى ، لأنّها تأخذ عن الواقف ، فهي كالموجودة وقت الدّعوى.

فلو ادّعى ثلاثة إخوة تشريك الوقف عليهم وعلى أولادهم ، وحلفوا مع الشاهد ثمّ صار لأحدهم ولد ، صار الوقف أرباعا ، فيوقف له الربع ، فإذا كمل (١) وحلف أخذه ، وإن امتنع قيل (٢) : يرجع [ الربع ] إلى الإخوة ، ويحتمل صرفه إلى الناكل ، لاعتراف الإخوة له باستحقاقه.

ولو مات أحد الإخوة قبل بلوغ الطفل ، عزل له الثلث من حين الوفاة ، فإن حلف بعد الكمال أخذ الجميع ، وإن نكل فالربع إلى حين الوفاة لورثة الميّت وللأخوين ، والثلث من حين الوفاة للأخوين ، وفيه الاحتمال (٣).

أمّا لو أكذب الناكل الوقف لم يردّ عليه شي‌ء قطعا ، ويصرف إلى الأخوين أو إلى ورثة الواقف على توقّف.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : فإذا أكمل.

(٢) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٨ / ٢٠١.

(٣) لاحظ القواعد : ٣ / ٤٥٢.

٣٦١

المطلب الرّابع : في اللواحق

وفيه مقاصد

[ المقصد ] الأوّل

في الحكم على الغائب

يقضى على الغائب عن مجلس الحكم مسافرا كان أو حاضرا ، ولا يشترط في الحاضر تعذّر حضوره ، ولا يقضى على من في المجلس إلّا بعد إعلامه.

وإنّما يقضى [ على الغائب ] في حقوق النّاس لا في حقوق الله تعالى ، لأنّها مبنيّة على التخفيف.

ولو اشتمل على الحقّين كالسرقة قضي بالمال دون القطع.

ولا بدّ مع البيّنة من اليمين على عدم الاعتياض والإبراء.

ثمّ إن كان الحقّ دينا بيع ماله فيه ، وإن كان عينا سلّمت إليه ، ولا يدفع إليه شي‌ء إلّا بكفيل.

وإن كان المحكوم به غائبا ضبط بما يميّزه عن غيره ، أو ذكرت قيمته.

٣٦٢

ولو كان المدّعي وكيلا لم يحلف بل يسلّم إليه الحقّ بكفيل ، ثمّ إن حلف موكّله وإلّا استعيد منه.

ولو ادّعى الغريم التسليم إلى الموكّل ، أو الإبراء لم ينفعه إلّا بالبيّنة.

ولوليّ الطفل أو المجنون أخذ المال مع البيّنة والكفيل.

ثمّ إنّ الغائب على حجّته ، فإذا حضر وادّعى القضاء أو الإبراء كلّف إقامة البيّنة (١) ، وإلّا حلف الغريم.

ولو ادّعى فسق الشهود كلّف البيّنة على فسقهم حال الشهادة أو الحكم ، فإذا ثبت ذلك نقض الحكم ، واسترجع ما أخذ من ماله.

المقصد الثاني

في كتاب قاض إلى قاض

لا عبرة (٢) بإنهاء الحكم إلى قاض آخر بالكتابة وإن ختم ، لإمكان التشبيه ، وكذا لو قال لشاهدي الإنهاء : إنّ ما في القبالة حكمي.

ولو قال المقرّ للشاهد : إنّي عالم بما في القبالة ، فاشهد عليّ به ، جاز إن حفظها الشاهد.

ويصحّ الإنهاء بالقول أو بالشهادة (٣) ، أمّا القول فهو أن يخبر أحدهما

__________________

(١) في « ب » و « ج » : كلّف البيّنة.

(٢) في « أ » : ولا عبرة.

(٣) في « أ » : وبالشهادة.

٣٦٣

الآخر بالحكم ، وأمّا الشهادة فهو أن يشهد على حكمه شاهدين حضرا الواقعة ، ولو لم يحضرا بل حكى لهما الدّعوى والحكم ، وأشهدهما عليه صحّ أيضا ، فإذا شهدا عند آخر بذلك أنفذه لا أنّه يحكم بصحّته ، والفائدة قطع المنازعة ، فلو أخبره بالثبوت عنده أو أشهد شاهدين بالثبوت عنده لم ينفذه الثاني.

ولا يقدح في الإنفاذ تغيّر حال الأوّل بموت أو عزل ، ويقدح لو تغيّرت بفسق ، ولا ينتقض ما أنفذه قبل فسقه.

ولا عبرة بتغيّر حال الثاني ، فيجوز ، للشاهد على الحكم إقامة البيّنة عند غيره ، وكذا لو لم تتغيّر.

تتمّة

يجب أن يضبط الشاهدان المشهود به بما يرفع الجهالة ، وأن يذكرا اسم المحكوم عليه (١) ، واسم أبيه وجدّه أو حليته بحيث يتميّز ، فإن أقرّ المسمّى أنّه المحكوم عليه ألزم ، وإن أنكر أنّه مسمّى بذلك الاسم حلف إلّا أن يقيم المدّعي بيّنة أنّه هو ولو حلف أنّه لا يلزمه شي‌ء لم يقبل ، وإن نكل حلف المدّعي وألزم ، وإن أنكر أنّه المشهود عليه ، وأظهر المساوي في النسب ، فإن اعترف أطلق الأوّل ، وإلّا وقف الحاكم (٢).

__________________

(١) في النسخ الّتي بأيدينا : « وأن يذكر اسم المحكوم عليه » وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢) في « أ » : توقّف الحاكم.

٣٦٤

ولو كان ميّتا ، فإن ظهرت أمارة براءته لم يلتفت إليه ، وإلّا وقف الحاكم حتّى يتبيّن.

ولو كانت الشهادة بالحلية المشتركة غالبا ، فالقول قول المنكر مع اليمين.

ولو كان الاشتراك نادرا ، فالقول قول المدّعي مع اليمين.

وللمشهود عليه الامتناع من التسليم حتّى يشهد القابض وإن لم يكن بالحقّ بيّنة (١)

المقصد الثالث

في التوصل إلى الحقّ

من ادّعى عينا في يد غيره فله انتزاعها ولو قهرا ، وإن لم يثبت عند الحاكم ولا أذن له ما لم يثر فتنة ، أمّا الدّين فإن كان الغريم مقرّا باذلا لم يجز له الأخذ إلّا بإذنه ، وإن استمهله زمانا يسيرا فكذلك ، ولو كان منكرا أو مقرّا غير باذل ، فإن أمكن إثباته عند الحاكم جاز الأخذ على الأقوى ، وإلّا جاز الأخذ قطعا ، فإن وجد من جنس حقّه استقلّ بالاستيفاء والاقتصاص وإن كان وديعة عنده.

وإن وجد من غير جنسه أخذه بالقيمة العادلة ، وله بيعه وقبض ثمنه عن دينه ، ولو تلف قبل البيع ففي الضمان توقّف ، فإن قلنا به تقاصّا (٢).

__________________

(١) حاصل مراده انّه لو شهدت البيّنة على وجود عين أو دين عند زيد ، فللمشهود عليه ، أن يمتنع عن التسليم حتّى يشهد القابض على ذلك ، وله أيضا ذلك إذا ثبت الحقّ بلا بيّنة ، حسما لمادّة النزاع ، وإلى هذا أشار المؤلّف بقوله « وإن لم يكن بالحقّ بيّنة ».

(٢) أي لو قلنا بضمان القابض يجوز التّقاص ، قوله : « تقاصّا » صيغة التثنية. لاحظ المبسوط : ٨ / ٣١١.

٣٦٥

ومن ادّعى ما لا يد لأحد عليه قضي له به ، ومنه كيس بين يدي جماعة فيدّعيه أحدهم.

ولو انكسرت سفينة في البحر ، فما أخرجه البحر لأهله ، وما أخرج بالغوص لمخرجه مع الإعراض عنه وكونه في تهلكة.

المقصد الرابع

في القسمة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في حقيقتها

وهي تمييز الحقوق ، وليست بيعا وإن اقتضت ردّا ، ثمّ إن انتفى الضّرر والردّ أجبر الممتنع ، ويسمى قسمة إجبار ، وإن اشتملت على أحدهما لم يجبر الممتنع ، ويسمّى قسمة تراض ، ولو تضمّنت إتلاف العين منعهما الحاكم وإن رضى الشركاء.

ولو طلب أحدهم المهاياة في الأجزاء أو الزمان (١) لم يجبر الممتنع ، ولو اتّفقوا جاز لكن لا تلزم ، ولو استوفى أحدهم أغرم الأجرة.

وإذا (٢) امتنعت القسمة انتزعه الحاكم وآجره عليهما إن كان له أجرة.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : في الأجزاء والزّمان.

(٢) في « أ » : وإن.

٣٦٦

المبحث الثاني : في القاسم

يستحبّ للإمام نصبه ، ويعتبر فيه الكمال ، والإيمان ، والعدالة ، ومعرفة الحساب ، لا الحريّة ، ولا يراعى ذلك فيمن تراضى به الخصمان ، ويجوز التراضي بأنفسهم.

ويجزئ القاسم الواحد إلّا أن يشتمل على ردّ فيجب اثنان إلّا مع رضى الشريكين بواحد.

وتلزم قسمة من نصبه الإمام بنفس القرعة ، وغيره يقف اللزوم بعدها على التّراضي.

وأجرة القاسم من بيت المال ، فإن تعذّر فعلى المتقاسمين ، فإن استأجره كلّ واحد بأجرة لزمته ، وإن استأجراه في عقد فإن عيّن نصيب كلّ واحد فذاك ، وإلّا كانت عليهم بنسبة الحصص ، وإن لم يقدّروا أجرة فعليهم أجرة المثل بالنسبة.

المبحث الثالث : في المقسوم

وهو إمّا مثليّ ، وهو متساوي الأجزاء كالحبوب والأدهان ، وإمّا قيميّ ، وهو مختلف الأجزاء كالعقار والحيوان.

فالأوّل يجبر الممتنع على قسمته ، ويقسّم كيلا ووزنا ، متساويا أو متفاوتا ، ربويّا وغيره.

٣٦٧

ولو تعدّدت أنواعه فإن طلب أحد الشركاء قسمة كلّ نوع أجبر الممتنع ، وإن طلب قسمة بعضها في مقابلة بعض لم يجبر.

وأمّا الثاني فإن تضرّر الجميع لم تجز القسمة ، ولم يجبر الممتنع ، وإن لم يتضرّر الجميع ، أجبر الممتنع ، وإن تضرّر البعض فإن طلبها المتضرر أجبر الممتنع دون العكس.

ويتحقّق الضرر بنقص القيمة.

ويقسّم الثوب قسمة إجبار إذا لم تنقص قيمته بالقطع ، وإلّا فلا.

وتقسم الثياب والعبيد بعد التعديل بالقيمة قسمة إجبار.

ولو كان لدار علو وسفل فطلب أحد الشركاء قسمتها بحيث يحصل له نصيب من العلوّ والسّفل مع التعديل جاز ، وأجبر الممتنع.

ولو طلب أحدهما الانفراد بالعلوّ أو السّفل لم يجبر الآخر ، وكذا لو طلب قسمة كلّ واحد منهما منفردا أو قسمة أحدهما وتبقية الآخر مشتركا.

ولا تقسّم الدكاكين المتجاورة بعضها في مقابلة بعض (١) قسمة إجبار ، وكذا القرحان (٢) المتعدّدة ، ولو طلب قسمة كلّ واحد بانفراده أجبر الآخر.

ويقسّم القراح الواحد وإن اختلفت أشجار أقطاعه.

__________________

(١) في « أ » : المتجاورة بعضها في بعض.

(٢) قال في مفتاح الكرامة : ١٠ / ٢٠٤ : القرحان جمع كثرة ، فإن كان بكسر الفاء ، كان واحده « قراح » بضمّ الفاء ، كغلام وغلمان ، وغراب وغربان فيكون مطّردا ، وإن كان بضمّ الفاء كان مفرده أيضا بضمّها ، لكنّه قليل غير مطّرد ، كزقاق وزقان.

وقال الفقهاء : إنّ القراح الأرض الخالية من البناء والماء والشجر ، لكنّ الشيخ في المبسوط صرّح بأنّ القراح ما يكون فيه أشجار. ولعلّه في الأصل كما ذكروه ، وصار عرفا لما ذكر.

٣٦٨

وتقسّم الأرض المزروعة دون الزرع قسمة إجبار ، وكذا يقسّم الزّرع منفردا إن ظهر ، سواء كان سنبلا أو قصيلا.

ولو طلبوا قسمة الأرض والزرع بعضا في بعض فلا إجبار ، لأنّ الزّرع كالمتاع.

ولو كان فيها غرس جاز قسمتها بعضا في بعض ، لأنّها كالشي‌ء الواحد ، ولهذا تصحّ فيه الشّفعة.

ولو طلب قسمة كلّ عين على حدتها لم يجبر الآخر ، لاشتماله على الضرر.

ولا تجوز قسمة الوقف وإن تعدّد الواقف ، وتجوز قسمة الوقف من الطلق وإن اتّحد المالك ، ولو تضمّنت ردّا جاز من صاحب الوقف دون العكس.

المبحث الرابع : في كيفيّة القسمة

وهي نوعان :

الأوّل : قسمة الإجبار

وهي أربعة :

الأوّل : أن تتساوى الحصص قدرا وقيمة ، كأرض متساوية الأجزاء في القيمة بين ستّة بالسويّة ، فتقسم ستّة أقسام ، ثمّ يقرع.

ويتخيّر القاسم بين الإخراج على الأسماء أو على السّهام.

فالأوّل أن يكتب كلّ قسم في رقعة ويضعه بما يميّزه عن الآخر ،

٣٦٩

ويجعلها في ساتر كشمع أو طين ، ويأمر جاهل ذلك بإخراج واحدة على اسم أحد الشركاء ، فما خرج فهو له ، وهكذا حتّى تفرغ الرقاع.

والثاني أن يكتب اسم كلّ واحد من الشركاء في رقعة ثمّ يصونها ثمّ يخرج على أحد السّهام ، فمن خرج اسمه فله ذلك السّهم ، ثمّ يخرج أخرى وهكذا.

الثاني : أن تتساوى الحصص دون القيمة ، فتعدل السهام بالقيمة ، ويفعل كالأوّل.

الثالث : أن تتساوى القيمة دون الحصص ، كأرض متساوية الأجزاء في القيمة ، لواحد النصف ، ولآخر الثلث ، ولآخر السدس ، فتعدل السّهام على أقلّهم نصيبا ، فتجعل ستّة أسهم ، ويجعل للسّهام أوّل وثان إلى آخرها.

ويعيّن ذلك القاسم ، وإلّا الحاكم ، ثمّ يكتب في ثلاث رقاع ، في كلّ رقعة اسم واحد ، ثمّ يخرج رقعة على السّهم الأوّل ، فإن كانت لصاحب النصف أعطي الثلاثة الأول ، ثمّ يخرج أخرى على الرابع ، فإن كانت لصاحب الثلث أعطي الرابع والخامس ، والباقي لصاحب السدس.

ولو خرجت الثانية باسم صاحب السدس ، فله الرابع ، والباقي لصاحب الثلث.

وإن خرجت الأولى لصاحب الثلث ، فله الأوّلان ، ثمّ يخرج أخرى على الثالث ، فإن خرجت لصاحب النصف فله الثالث والرابع والخامس ، والباقي لصاحب السدس.

وإن خرجت لصاحب السّدس فله الثالث ، والباقي لصاحب النّصف.

وإن خرجت الأولى لصاحب السدس فله الأوّل ، ثمّ يخرج أخرى

٣٧٠

على الثاني ، فإن خرجت لصاحب النصف فله الثاني والثالث والرابع ، والباقي لصاحب الثلث.

وإن خرجت لصاحب الثلث فله الثاني والثالث ، والباقي لصاحب النّصف ، ولا يخرج في هذه على الأسماء حذرا من تفريق السّهام.

الرابع : أن تختلف السّهام والقيمة ، فيعدل السّهام بالتقويم ، ثمّ يجعلها على أقلّهم نصيبا ، ثمّ يخرج الرقاع على السّهام كما ذكرناه.

الثاني : قسمة التراضي ، وهي ما يتضمّن ردّا في مقابلة زيادة ، كبئر أو شجر أو بناء.

ويشترط فيها التراضي بعد القرعة ، ولا بدّ فيه من اللفظ نحو « رضيت » وشبهه ، ولا يكفي السكوت.

وأمّا قسمة الإجبار فلا يشترط فيها الرضا بعد القرعة ، لأنّ قرعة قاسم الإمام بمنزلة حكمه.

المبحث الخامس : في الأحكام

القسمة إذا لزمت لا تنفسخ إلّا بالتراضي ، ولو ادّعى الشريك الغلط في القسمة أو في التقويم ، فإن أقام بيّنة نقضت ، وإلّا أحلف الآخر إن ادّعى عليه العلم.

ولا فرق بين قسمة الإجبار وقسمة التّراضي.

ولو ظهر البعض مستحقّا ، فإن كان معيّنا مع أحدهما نقضت ، وكذا لو كان معهما لا بالسويّة ، ولو كان بالسويّة لم تنقض ، وأخرج من النصيبين ، وإن كان مشاعا نقضت.

٣٧١

ولا فرق بين علمهما بذلك ، أو جهلهما ، أو جهل أحدهما.

ولو اقتسم الورثة التركة فظهر دين مستغرق ، فإن أدّوه لم تبطل وإلّا بطلت ، ولو اقتسموا البعض فإن وفى الباقي بالدّين لم تنقض وإلّا نقضت.

ولو تلف قبل أدائه فإن أدّوه لم تنقض وإلّا نقضت.

ولو ظهرت وصيّته بجزء من المقسوم فكالمستحقّ ، ولو كانت بمال مطلق فكالدّين.

المقصد الخامس

في أحكام تعارض الدّعاوي

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل : في دعوى الأملاك

إذا تنازعا عينا في يدهما ولا بيّنة حلفا واقتسماها ، وكذا لو نكلا ويحلفان على نفي العلم ، (١) فلو حلف (٢) أحدهما يمين النفي ، حلف بعد نكول الآخر يمين الإثبات.

ولو عيّن القاضي أحدهما بالقرعة فنكل ، حلف الآخر يمين النّفي للنصف

__________________

(١) في « أ » : ويحلفان على النفي.

(٢) في « أ » : ولو حلف.

٣٧٢

الّذي في يده ، ويمين الإثبات للنصف الّذي في يد شريكه ، وتكفيه يمين جامعة بين النفي والإثبات.

ولو تشبّث أحدهما حلف وقضي له ، وإلّا حلف الخارج وانتزعها.

ولو خرجا فإن صدّق ذو اليد أحدهما قضي له مع اليمين وللآخر إحلاف ذي اليد ، وإن (١) نكل المصدّق حلف الآخر وأغرم له.

ولو صدّقهما حلفا واقتسماها ، وكذا لو نكلا ، ولهما إحلافه إن ادّعيا علمه.

وإن أنكرهما حلف لهما مع ادّعاء العلم.

ولو قال : هي لأحدكما ولا اعرفه ، أقرع وحلف من خرجت له.

ولو أقرّ بعد إنكاره لهما أو لأحدهما قبل.

ولو أقاما بيّنة فإن كانت العين في يدهما قضي لكلّ واحد بما في يد الآخر.

ولو أقامها أحدهما قضي له بالجميع وأحلف الآخر ، وكذا لو تداعيا ثوبين وفي يد كلّ واحد ثوب.

ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للخارج ، سواء شهدتا بالملك المطلق أو بالسبب.

ولو شهدت للخارج بالسبب وللمتشبّث بالمطلق حكم بها للخارج ، وفي العكس قولان.

__________________

(١) في « أ » : فإن.

٣٧٣

ولو أقامها الخارج انتزعها.

ولو أقامها الداخل لم تسقط عنه اليمين.

ولو خرجا قضي للأعدل فالأكثر (١) ، ومع التّساوي يقرع ويقضى لمن خرج اسمه مع اليمين ، ولو نكل أحلف الآخر وقضي له ، ولو نكلا قسّمت بينهما بالسويّة.

ولو أقام أحدهما بيّنة حكم له.

ويقضى بالقسمة فيما يمكن فيه الشركة كالأموال لا ما تستحيل ، كما لو ادّعيا زوجة ، فإذا أقرع وامتنعا من اليمين خرجا عن المدّعى.

وإذا أمكن التوفيق بين الشهود وفّق ، كأن تشهد بيّنة الخارج بالملك وبيّنة الداخل بالشراء منه ، وإلّا تحقّق التعارض ، ويحصل بين الشاهدين والشاهد والمرأتين ، لا بين شاهدين وشاهد ويمين ، ولا بين شاهد وامرأتين وشاهد ويمين ، بل يقضى بالشاهدين والشاهد والمرأتين ، دون الشاهد واليمين.

والشهادة بتقديم الملك أولى من الشهادة بالحادث ، وبالأقدم أولى من القديم ، وبالملك أولى من اليد ، وبسبب الملك أولى من التصرف.

ويرجّح ذو اليد الآن على ذي اليد السابقة ، وفي ترجيح قديم الملك على اليد قولان.

ولو شهدت بملكه أمس لم تسمع حتّى تقول : وهو ملكه الآن ، أو : لا أعلم زواله ، ولو قال : لا أدري زال أم لا لم تقبل.

__________________

(١) قال الشيخ في النهاية : ٣٤٣ : فإن كانت أيديهما خارجتين منه ، فينبغي للحاكم أن يحكم لأعدلهما شهودا ، فإن تساويا في العدالة ، كان الحكم لأكثرهما شهودا ...

٣٧٤

ولو شهدت بالإقرار أمس ثبتت وإن لم يتعرّض للملك في الحال.

ولو قال : غصبتها ، وقال الآخر : أقرّ لي بها ، وأقاما بيّنة حكم للأوّل ، ولم يضمن المقرّ.

ولو دفعت إليه العين بالبيّنة ، ثمّ أقام صاحب اليد بيّنة ، لم تسمع إلّا أن يدّعي ملكا لاحقا.

وإذا ادّعى دابّة في يد زيد وانّه اشتراها من عمرو ، فشهدت بالشراء والملكيّة للبائع أو للمشتري أو بالتّسليم ، حكم له ، وإن شهدت بالشراء خاصّة لم يحكم.

ولو تداعى الزوجان متاع البيت قضي لذي البيّنة ، ومع فقدها يحلف كلّ منهما لصاحبه ، ويقسّم بالسويّة ، سواء صلح للرجال أو للنساء أو لهما ، وسواء كانت الدار لهما أو لأحدهما ، مع بقاء الزّوجية وزوالها ، وكذا لو تنازع ورثتهما أو ورثة أحدهما والآخر.

ولو ادّعى أبو الميتة إعارة المتاع أو بعضه ، كلّف البيّنة كغيره.

ولو ادّعى رقيّة صغير مجهول النّسب في يده ، قضي به له ظاهرا ، فلو بلغ فأنكر أحلف.

والقول قول الكبير مع يمينه (١) ، ولو ادّعاه اثنان فاعترف لهما حكم عليه ، وإن اعترف لأحدهما حكم له ، وحلف للآخر.

ولو تداعى المتآجران شيئا ، فالثابت للمؤجر ، وغيره للمستأجر.

ويقضى بالثياب لمالك العبد.

__________________

(١) قال العلّامة في التحرير : ٥ / ١٩٣ ولو كان كبيرا وأنكر ، فالقول قوله ، لأنّ الأصل الحريّة.

٣٧٥

فروع

الأوّل : لو تشبّثا فادّعى أحدهما الكلّ والآخر النصف ولا بيّنة قسّمت وحلف الثاني للأول.

ولو أقاما بيّنة قضي بها لمدّعي الكلّ.

ولو أقامها أحدهما قضي له.

ولو خرجا أقرع بينهما بالنّصف ، وأحلف من خرج له ، فإن امتنع فالآخر ، فإن امتنعا فلمدّعي الكلّ ثلاثة أرباع وللآخر الرّبع.

الثاني : لو تشبّث مدّعي الكلّ والنّصف والثلث ولا بيّنة ، فلكلّ واحد الثلث ، وعلى الأخيرين (١) اليمين لمدّعي الكلّ ، وعليه وعلى الثالث اليمين لمدّعي النّصف ، ولا يمين لمدّعي الثلث.

ولو أقام الأوّل بيّنة أخذ الجميع ، وإن أقام الثاني أخذ النّصف ، والباقي بين الآخرين (٢) ، للأوّل السدس بغير منازع ، ويحلف على نصف السدس ، ويحلف الثالث على الرّبع.

وإن أقام الثالث أخذ الثلث ، والباقي بين الآخرين (٣) للأوّل السدس بغير منازع ويحلف على السّدس الآخر ، ويحلف الثاني على الثلث (٤).

__________________

(١) في « ب » و « ج » : وعلى الآخرين.

(٢) و (٣) في « أ » : بين الأخيرين.

(٤) في « أ » : على الثالث.

٣٧٦

ولو أقاموا (١) بيّنة فعلى القضاء ببيّنة الداخل فلكلّ واحد ثلث. (٢) وعلى الآخر ففي يد كلّ واحد أربعة من اثني عشر ، فلمدّعي الكلّ ثلاثة ممّا في يده بلا منازع ، والأربعة التي في يد الثاني ، وثلاثة ممّا في يد الثالث ، ويبقى واحد في يد المستوعب الثاني ، وواحد في يد الثالث يقسّم بعد القرعة والنكول بين الأوّل والثاني ، فيحصل للأوّل عشرة ونصف ، وللثاني واحد ونصف ، ويسقط الثالث (٣)

ولو خرجوا ولا بيّنة ، فللمستوعب النّصف بغير منازع ، ثمّ يقرع بينهم في النّصف الآخر ، فإن خرج للمستوعب حلف وأخذه ، وكذا للثاني ، وإن خرج للثالث حلف وأخذ الثلث ، ثمّ يقرع بين الأوّل والثاني في السدس ، فيقسم (٤) بعد القرعة والنكول.

ولو أقام الأوّل بيّنة أخذه ، ولو أقام الثاني أخذ النّصف ، ويأخذ الأوّل الثلث بغير منازع ، ويقرع بينه وبين الثالث في السدس ، فمن خرج اسمه حلف ، فإن امتنع حلف الآخر ، فإن امتنع (٥) قسم.

ولو أقام الثالث أخذ الثلث ، ويأخذ الأوّل الثلث بغير منازع ، ويقرع بينه وبين الثاني في الثلث الآخر ، ويقسم بعد القرعة والنكول.

ولو أقاموا بيّنة فللأوّل النصف بغير منازع ، ويتنازع هو والثاني في السدس والثلاثة في الثلث ، ثمّ يقرع ويقسم مع النكول ، وتصحّ من ستّة وثلاثين ، لمدّعي الكلّ خمسة وعشرون ، ولمدّعي النصف سبعة ، ولمدّعي الثلث أربعة.

__________________

(١) في « أ » : ولو أقاما.

(٢) في « ب » و « ج » : ثلثه.

(٣) في « ب » و « ج » : وسقط الثالث.

(٤) في « ب » : ويسقط.

(٥) في « أ » : وإن امتنع.

٣٧٧

الثالث : لو تشبّث مدّعي الكلّ والثلثين والنصف وفي يد كلّ واحد الثلث ، فمع عدم البيّنة لكلّ واحد ما في يده ، ويحلف للآخرين.

ومع البيّنة تصحّ من أربعة وعشرين ، فيجمع بين دعوى الأوّل والثاني على ما في يد الثالث ، فللأوّل أربعة بغير منازع ، ويتقارعان في الباقي ، ويقسم بعد النكول بينهما ، فيحصل للأوّل ستّة وللثاني سهمان.

ثمّ يجمع بين دعوى الأوّل والثالث على ما في يد الثاني ، فللأوّل ستّة بغير منازع ، ويتقارعان في الباقي ، ويقسم بعد النكول ، فيحصل للأوّل سبعة وللثالث سهم.

ثمّ يجمع بين دعوى الثاني والثالث على ما في يد الأوّل ، فالثاني يدّعي أربعة ، والثالث سهمين ، ويبقى سهمان للأوّل بغير منازع ، فيكمل للأوّل خمسة عشر ، وللثاني ستّة ، وللثالث ثلاثة.

ولو خرجوا فمع عدم البيّنة للأوّل الثلث بغير منازع ، ويقرع في الثلثين ، فإن خرج الأوّل أو الثاني أحلف وأخذه ، وإن خرج الثالث حلف وأخذ النّصف ، ثمّ يقرع بين الأوّل والثاني في السدس الباقي ، ويقسم بعد القرعة والنكول.

ولو أقاموا بيّنة فالثلث للأوّل بغير منازع ، والسدس يدّعيه الأوّل والثاني ، فيقسم بينهما بعد القرعة والنكول ، والنصف يدّعيه الثلاثة ، فيحكم للأعدل فالأكثر ، فالقرعة ، فالقسمة بعد النكول بينهم أثلاثا ، فيصحّ من اثني عشر سبعة للأوّل ، وثلاثة للثاني ، وسهمان للثالث.

الرابع : لو تشبّث مدّعي الكلّ والثلثين والنّصف والثلث ، ففي يد كلّ واحد الرّبع ، فمع عدم البيّنة يقسّم أرباعا ، ويحلف كلّ واحد ثلاثة أيمان إلّا أن يرضوا بيمين واحدة ، وكذا مع البينة إن قضي للداخل ، وإن قضي للخارج جمع بين

٣٧٨

كلّ ثلاثة على ما في يد الرابع ، وما يفضل عن الدعاوي للأوّل ، ويقارع في المدّعى به ، ويحلف من خرج له ، فإن نكل حلف الآخر ، فإن نكلوا قسّم ، وتصحّ من اثنين وسبعين.

فإذا اجتمع الثلاثة على ما في يد الثاني وهو ثمانية عشر ، فالأوّل يدّعي الكلّ ، والثالث ستّة ، والرابع اثنين ، تبقى عشرة للأوّل ، ويقرع بين الأوّل والثالث في ستّة ، فيحلف الخارج والآخر (١) أو يقسّم ، ثمّ يجمع (٢) بين الأوّل والرابع في اثنين ، ويفعل كالأوّل.

ثمّ يجتمع الثلاثة على ما في يد الثالث ، فالأوّل يدّعي الكلّ ، والثاني عشرة ، والرابع اثنين ، تبقى ستّة للأوّل ، ويقرع الآخرين (٣) ويفعل كما تقدّم.

ثمّ يجتمع الثلاثة على ما في يد الرابع ، فالأوّل يدّعي الكلّ ، والثاني عشرة ، والثالث ستّة ، فيبقى اثنان للأوّل ، ثمّ يقارع الآخرين ، ويفعل كما تقدّم.

ثمّ تجتمع الثلاثة على ما في يد الأوّل ، فالثاني يدّعي عشرة ، والثالث ستّة ، والرابع اثنين ، فيخلص (٤) ما في يده ، فيحصل للأوّل النّصف ، وللثاني عشرون ، وللثالث اثنا عشر ، وللرابع أربعة.

ولو خرجوا فمع عدم البيّنة للأوّل الثلث بغير منازع ويقرع في الثلثين ، فإن خرجت للأوّل أو الثاني حلف وأخذه ، وإن خرجت للثالث أو الرابع حلف وأخذ مدّعاه ، ثمّ يقرع بين الأوّل والثاني وغير الخارج في الباقي ، فمن خرج اسمه حلف وأخذه ، فإن نكل أقرع بين الآخرين ، ويحلف الخارج ، فإن نكل حلف الآخر.

__________________

(١) في « أ » : فيحلف الخارج أو الآخر.

(٢) في « أ » : « ثمّ يخرج » ولعلّه مصحّف.

(٣) في « أ » : ويقارع للآخرين.

(٤) في « ب » و « ج » : فيحصل.

٣٧٩

فإن نكلوا قسّم ، فتصحّ من ثمانية عشر.

ولو أقاموا بيّنة فللأول الثلث بغير منازع ، ويقع التعارض بينهما وبين بيّنة الأوّل والثاني في السدس الزائد على النّصف ، ويقسّم بعد القرعة والنكول.

ثمّ يقع التعارض بينهما وبين بيّنة الثالث في السدس الزائد على الثلث ويقسم بعد القرعة والنكول ثمّ يقع التعارض بينهما وبين بيّنة الثالث في السدس الزائد على الثلث ، ويقسّم بعد القرعة والنكول.

ثمّ يقع التعارض بين الأربعة في الثلث ، فمن خرج اسمه حلف وأخذه ، ولو نكل أقرع بين الثلاثة ، ويحلف من خرج اسمه ، ولو نكل أقرع بين الآخرين ، ويحلف الخارج أو الآخر ، فإن نكل الجميع قسّم بينهم ، وتصحّ من ستّة وثلاثين ، للأوّل عشرون ، وللثاني ثمانية وللثالث خمسة ، وللرابع ثلاثة.

الفصل الثاني : في دعوى العقود

وفيه مسائل :

الأولى : لو ادّعيا الشراء من ثالث وإقباض الثمن ولا بيّنة ، فإن كذّبهما حلف لهما واندفعا عنه ، ولو أقاما بيّنتين وتساويا عددا وعدالة وتاريخا أقرع وقضي للخارج مع يمينه ، ويرجع الآخر بالثمن.

ولو نكل [ الخارج بالقرعة ] حلف الآخر ، فإن نكلا قسّمت ويرجع كلّ منهما بنصف الثمن ولهما الفسخ ، ويرجعان بالثمنين.

ولو فسخ أحدهما فللآخر [ أخذ ] الجميع ، بل يلزمه ذلك.

٣٨٠