وأمّا روايتان يونس بن يعقوب الأولى والثانية فالظاهر أنّهما في المرأة التي استدام بها الدم واختلط عليها عادتها ، فتعمل عمل الحائض عند رؤية كلّ دم لاحتمال كونه هو الحيض ، وعمل الطهر عند كلّ طهر حتّى يتبيّن حالها فيما بعد وترجع إلى عادتها وإلاّ فالحكم بحيضيّة كلّ دم من تلك الدماء معلوم العدم ؛ لعدم الفصل بين الدمين بالنقاء العشرة التي هي أقلّ الطهر ، وكون مجموع الدمين مع النقاء المتخلّل بينهما أكثر من عشرة في بعض الصور منها ، فلا يمكن تطبيقها على قاعدة الإمكان ، كما هو واضح.
وأمّا رواية سماعة : فقوله عليهالسلام : « فإنّه ربما تعجل بها الوقت » ظاهر في أنّ تقدّم الدم قليلا من الزمان ـ مثل يوم أو يومين على الوقت ـ لا يخرجها عن كونها ذات العادة الوقتيّة ، لأنّه ربما تعجل بها الوقت ، فيكون الحكم بحيضيّته من جهة كونه في الوقت وهي ذات العادة الوقتيّة ، وهي أمارة.
وبعبارة أخرى : يكون قوله عليهالسلام : « ربما تعجل بها الوقت » نحو توسعة في الوقت ، فلا ربط لها بقاعدة الإمكان.
وبهذا المضمون ـ أي الحكم بكون الدم الذي قبل الحيض بيوم أو يومين فهو حيض وإن كان ذا صفرة ـ روايات كثيرة ، فهي صريحة في أنّ التقدّم بيوم أو يومين على وقت العادة لا يخرجها عن كونها ذات العادة الوقتية بالنسبة إلى هذا الدم المتقدم على الوقت ، وإلاّ فبمقتضى صفة كونه ذا صفرة يجب أن يحكم عليه بأنّه استحاضة ولكنّه حيث أنّ أماريّة الوقت والعادة مقدّمة على الصفات فيحكم بحيضيّته ؛ ولذا وردت في الروايات أنّ الصفرة في أيّام الحيض حيض وفي غيرها استحاضة (١).
وأمّا رواية عبد الله بن سنان وصفوان : ففي مقام أنّ الحيض يجتمع مع الحبل ، ولا فرق بين الحبل وغيره في إمكان تحقّق الحيض معه ، وهذا لا ينافي أنّ إثباته يحتاج إلى أمارات وعلائم التي جعلها الشارع طريقا إلى معرفة الحيض ؛ فلا ربط لهما بقاعدة
__________________
(١) « وسائل الشيعة » ج ٢ ، ص ٥٣٩ ، أبواب الحيض ، باب ٤.