واللطف ، فإذا كان الرفع وعدم الجعل خلاف الامتنان وخلاف المصلحة الشخصيّة أو النوعيّة ، فلا بدّ وأن يجعل ذلك الحكم ولو كان فيه ضيق وعسر ، وإلاّ تفوت تلك المصلحة الشخصيّة أو النوعيّة ، وهذا خلاف اللطف ؛ هذا في مقام الثبوت.
وأمّا في مقام الإثبات فلا بدّ وأن ينظر إلى ذلك الحكم الحرجي ، فإن كان حرجيّا لجميع المكلّفين ودائما وفي جميع الأوقات ، أو نوعيا وإن لم يكن حرجيّا في حقّ شرذمة قليلة من الناس ، فمن ذلك يستكشف أهميّة الملاك بحيث لم يرض الشارع بفعله أو بتركه وطلب الفعل ، كما في الجهاد والحج ، أو الترك كما في الصوم وإن كانا حرجيّين.
وأمّا إذا لم يكن حرجيّا إلاّ لبعض الأشخاص ، أو في بعض الأوقات ، أو في بعض الحالات ففي مثل هذه الموارد يتمسّك لرفعها بقاعدة نفي الحرج.
وبعبارة أخرى : الحكم المجعول بعنوان عامّ إذا كان بعض مصاديقها حرجيّا يرتفع عن تلك المصاديق بأدلّة نفي العسر والحرج ، مثلا الوضوء واجب للصلاة ، فإذا كان البرد شديدا قارصا وكان الوضوء في ذلك البرد حرجيّا يرتفع الوجوب بأدلّة نفي العسر والحرج. والمسح على للبشرة واجب ، فإذا كان حرجيّا بواسطة وضع المرارة عليها فيرتفع الوجوب. وعلى هذه المذكورات فقس ما سواها.
الجهة الثانية
في مفاد هذه القاعدة ومضمونها
فنقول : مفادها مضمونها رفع الحكم الذي هو حرجي ، سواء أكان تكليفا أو وضعا ، فيكون مساقها مساق لا ضرر ـ بناء على ما حقّقنا في معناها ـ تبعا للشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره (١) أنّ المرفوع والمنفي هو نفس الحكم الضرري ، لا أنّ النّفي بمعنى
__________________
(١) « فرائد الأصول » ج ٢ ، ص ٥٣٤.