ذكرنا من أنّ موضوع سقوط التكليف عن المنوب عنه هو صدور الفعل الصحيح وجدانا أو تعبدا عن النائب بقصد النيابة عنه ، ولا يحتاج إلى انتساب الفعل إليه.
نعم لا بدّ للمنوب عنه أو من يستنيب عنه إحراز أنّ النائب قصد النيابة عنه ، فهل يثبت وجود هذا القصد ويتحقّق في عالم الإثبات بأخبار النائب مطلقا ، أو فيما إذا كان عادلا ، أو لا يثبت به وإن كان عادلا ما لم يحصل وثوق واطمينان من قوله وإخباره؟
والحق هو هذا الأخير ؛ لأنّه لا دليل على حجّية قول العادل الواحد في الموضوعات ، بل ظاهر رواية مسعدة خلافه وأنّه على ذلك حتّى تقوم عليه البينة (١) وإذا كان العادل الواحد لا يقبل فغير العادل بطريق أولى.
اللهمّ إلاّ أن يقال بقبول إقراره وسماعه بقاعدة « من ملك شيئا ملك الإقرار به » ولا شكّ في أنّ النائب مالك لأنّ يفعل ما أنيب فيه.
وأمّا الأخير أي قبول قوله عند الوثوق والاطمئنان فلأنّ ذلك طريقة العقلاء في باب الأولياء والوكلاء والنواب في الأمور التي بيدهم وأودعت تحت تصرّفهم ، فالناس يصدّقونهم في تلك الأمور ، ولا يطلبون منهم البيّنة إذا كانوا موثوقين ومورد الاطمئنان. والظاهر أنّ الشارع أمضى هذه الطريقة ولو بعدم الردع.
المبحث السابع
في أنّها أصل أو أمارة
فإنّها إن كانت أمارة فبناء على ما تقدّم بأنّ جعل حجّية الأمارات من باب تتميم الكشف ، فتكون مثبتة لجميع الآثار التي لذلك الفعل الذي تجري فيه أصالة
__________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ٣١٣ ، باب النوادر ( من كتاب المعيشة ) ح ٤٠ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٢٢٦ ، ح ٩٨٩ ، باب من الزيادات ، ح ٩ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٦٠ ، أبواب ما يكتسب به ، باب ٤ ، ح ٤.