كون الدم حيضا كتوالي ثلاثة أيام مثلا فلا يمكن التمسّك لكونه حيضا بقاعدة الإمكان ؛ لما قلنا من أنّ المراد من الإمكان هو إمكان كونه حيضا حتّى بالقياس إلى ما يحتمل دخله وجودا أو عدما في كونه حيضا عند الشارع إن لم يكن دليل على عدم اعتباره ، وبناء على هذا لا تجري القاعدة في الشبهة الحكميّة وتكون مختصّة بالشبهة الموضوعيّة.
ثمَّ إنّه بناء على هذا المعنى الأخير الذي اختاره الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره من أنّ الإمكان بلحاظ كلّ ما اعتبره الشارع من القيود الوجودية أو العدمية ، أو ما احتمل اعتباره من طرفه فبعد إحراز الجميع يكون مجرى قاعدة الإمكان ، وإلاّ مع الشكّ في تحقّق أحد القيود الوجوديّة أو العدميّة التي متيقّن اعتبارها أو يكون محتمل الاعتبار فلا تجري ؛ ولذلك قلنا تختصّ بالشبهات الموضوعيّة ، ويكفي لإحراز تلك القيود الوجوديّة أو العدميّة ـ المتيقّنة أو المحتملة ـ الأصول الجارية لإثبات الشرط كاستصحاب بقائه ، أو لعدم المانع كما في الشكّ في طروّ اليأس ، فأصالة عدم حصول اليأس كافية في إحراز شرطيّة عدم اليأس إن قلنا بأنّه شرط ، كما أنّها كافية في إحراز عدم مانعيّة اليأس إن قلنا بأنّ اليأس مانع.
هذا كلّه كان في بيان ما هو المراد من الإمكان في القاعدة من المعنيين المذكورين ، وقد عرفت أنّه بأحد المعنيين تجري القاعدة في الشبهات الحكميّة ، وبالمعنى الثاني هو مختار الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره لا تجري إلاّ في الشبهات الموضوعية.
أما الجهة الثانية
أي الدليل على هذه القاعدة
وهو الذي يوجب تعيين معنى الإمكان من بين المعاني المحتملة ، وهل المعنى الأوّل الذي بيّنّاه للإمكان هو الذي تنطبق عليه الأدلّة ، أو المعنى الثاني الذي اختاره الشيخ