الإنسان أنّ كل دم يقذفه يكون حيضا ؛ إذ من الواضح أنّ الرحم السالم ربما يقذف الدم قبل البلوغ أو بعد اليأس بزمان يسير أو ربما يزيد على العشرة ، وكلّ هذه ليس بحيض بحكم الشارع.
نعم يمكن أن يقال إنّ الدم الخارج من الرحم السالم في غير ما دلّ الدليل على عدم كونه حيضا يظنّ أنه حيض ، ولكن لا دليل على اعتبار هذا الظنّ ، فمقتضى أصالة حرمة العمل بالظنّ عدم جواز العمل بهذا الظنّ.
وأمّا ما ربما يدّعي من أنّ ما عدا الحيض من الدماء التي يقذفها الرحم خلاف مقتضى الفطرة الأوليّة للنساء وخلقتها الأصليّة لهنّ ولا بدّ وأن يكون من جهة علّة وآفة في الرحم ، ومقتضى أصالة السلامة نفي هذه الاحتمالات ، فلا بدّ وأن يحمل على أنّه حيض.
فليست هذه الدعاوي إلاّ من موجبات الظنّ بأنّ الدم الخارج حيض ، وقلنا أنّه لا دليل على اعتبار مثل هذا الظنّ في المقام.
وأمّا إن كان المراد من الأصل استصحاب عدم كون هذا الدم الخارج من العرق العاذل حتى يكون حيضا ، لعدم احتمال دم ثالث في البين ، أو استصحاب عدم كون هذا الدم استحاضة بالعدم الأزلي وبطور السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع.
ففيه أولا : بأنّ هذا الاستصحاب استصحاب العدم النعتي وليس هذا العدم حالة سابقة ، وقد أبطلنا استصحاب العدم الأزلي لإثبات عدم النعت في الأصول ، فراجع.
وثانيا : أنّه معارض باستصحاب عدم كونه حيضا على فرض تسليم جريان استصحاب العدم الأزلي لإثبات عدم النعت.
وثالثا : أنّ استصحاب عدم كونه استحاضة أو عدم كونه من عرق العاذل لإثبات كون هذا الدم المشكوك حيضا من أردء أقسام المثبتات.
الثاني : بناء العرف على أنّ ما رأت المرأة التي هي في سنّ من تحيض من الدم