التصرّف في محمولها كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « لا ضرر ولا ضرار » بناء على ما استظهرنا منه من أنّ مفاده رفع الحكم الضرري عن عالم الجعل والتشريع ، فلا يتحقّق تناقض وتعارض.
وهذا هو السرّ في عدم ملاحظة النسبة بين الحاكم والمحكوم ، بل يقدّم الحاكم على كلّ حال ، لأنّ ملاحظة النسبة فرع التعارض ، ولا تعارض بين الحاكم والمحكوم ؛ إذ المعارضة فرع وحدة القضيّتين بحسب الموضوع والمحمول.
وأمّا إذا كان لسان إحدى القضيتين التصرّف في موضوع القضية الأخرى أو محمولها فلا تعارض حتّى تلاحظ النسبة أو قوّة الظهور.
وأمّا الجمع العرفي الذي ذكره صاحب الكفاية قدسسره (١) وإن كان صحيحا ومطابقا للواقع ، إلاّ أنّه ليس بلا سبب وجزافا. ووجه الجمع العرفي هو ما ذكرناه من الحكومة في هذا المورد ، وربما يكون وجهه في الموارد الآخر غير الحكومة ، من قوّة الظهور في أحدهما لكونه أظهر ، أو كون أحدهما خاصّا ، أو غير ذلك.
وأمّا بيان أقسام الحكومة الثمانية ، من كونها ظاهريّة أو واقعيّة ، أو كونها في جانب الموضوع أو في جانب المحمول ، كلّ واحد منهما بالتوسعة أو بالتضييق فقد ذكرنا وشرحناها في باب حكومة الأمارات على الأصول في كتابنا « منتهى الأصول ». (٢)
التنبيه الرابع : في أنّ مفاد لا ضرر نفي الحكم الذي ينشأ من قبله الضرر واقعا ، سواء علم المكلّف بذلك أم لا ؛ وذلك من جهة أنّ الألفاظ موضوعة لمعانيها الواقعيّة لا بقيد أنّها معلومة ، فالمراد من الحديث الشريف نفي الضرر الواقعي سواء فيه العلم والجهل.
__________________
(١) « كفاية الأصول » ص ٣٨٢.
(٢) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ٥٣٧.