والثاني في بيان كيفية اقتراعهم ـ في أنّه من هو أحقّ بأن يتكفّل مريم ، وذلك أنّ زكريّا عليهالسلام قال لهم : أنا أحقّ بها ، عندي خالتها فقالوا : لا حتّى نقرع عليها ، فانطلقوا إلى نهر الأردن فألقوا فيه أقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي على أنّ من ارتفع قلمه فوق الماء فهو أحقّ بها. وقيل : إنّ أقلامهم كانت من الحديد ، فألقوا أقلامهم ثلاث مرّات ، وفي كلّ مرة يرتفع قلم زكريّا عليهالسلام وترسب أقلامهم.
وأمّا الأخبار الواردة في هذه القاعدة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام، فادّعى تواترها ، ولا يبعد أن يكون التواتر المعنوي ثابتة فيها ؛ لكثرة ما ورد فيها من الأخبار العامّة التي لا اختصاص لها بمورد خاصّ ، بل مطلق تشمل جميع الموارد المجهولة أو المشتبهة أو المشكلة على اختلاف ألسنتها ، من الأخبار الخاصّة الواردة في موارد خاصّة.
ونذكر جملة من الطائفتين :
فمن الطائفة الأولى : رواية محمد بن حكيم المروي في الفقيه والتهذيب ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن القرعة في أي شيء؟ فقال لي : « كلّ مجهول ففيه القرعة ». قلت له : إنّ القرعة تخطئ وتصيب ، قال : « كلّ ما حكم الله به فليس بمخطئ » (١).
ومنها : أيضا المرسل في الفقيه : « ما تقارع قوم فوّضوا أمرهم إلى الله إلاّ خرج بهم المحقّق » ، وقال عليهالسلام : « أيّ قضيّة أعدل من القرعة ، إذا فوّض الأمر إلى الله أليس الله تعالى يقول ( فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) » (٢).
منها : ما في دعائم الإسلام ، عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهمالسلام أنّهم أوجبوا الحكم بالقرعة فيما أشكل.
__________________
(١) « الفقيه » ج ٣ ، ص ٩٢ ، باب الحكم بالقرعة ، ح ٣٣٨٩ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٤٠ ، ح ٥٩٣ ، باب البينتين يتقابلان أو. ح ٢٤ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ١٨٩ ، أبواب كيفية الحكم الدعاوي ، باب ١٣ ، ح ١١.
(٢) « الفقيه » ج ٣ ، ص ٩٢ ، باب الحكم بالقرعة ، ح ٣٣٩١ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ١٩٠ ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعاوي ، باب ١٣ ، ح ١٣.