من أنّه عبارة عن رفع كلّ حكم شرعي يكون منشأ للحرج والعسر والضيق ، ولا شكّ في أنّ العسر والحرج الذي في الاحتياط آتية من قبل تلك الأحكام الواقعيّة المجهولة وإن كان الاحتياط بحكم العقل.
نعم لو قلنا بأنّ مفاد هذه القاعدة رفع الحكم الحرجي برفع موضوعه ، فلا مدفع لهذا الإشكال ؛ لأنّه ليس للاحتياط حكم شرعي حتّى يرتفع برفع موضوعه.
وهذه هي الثمرة بين القولين ، أي القول بأنّ مفاد لا ضرر ولا حرج رفع الحكم بلسان رفع موضوعه ، كما ذهب إليه صاحب الكفاية قدسسره أو رفع الحكم الذي ينشأ منه الضرر والحرج ، كما اخترناه فبناء على الوجه الأوّل لا حكومة لأدلّة نفى العسر والحرج على الاحتياط العقلي في أطراف العلم الإجمالي إذا كان موجبا للعسر والحرج ، وأمّا بناء على الوجه الثاني فحيث أنّ الحرج والعسر بالآخرة ينتهيان إلى الحكم الشرعي وإن كان من جهة الجمع بين محتملاته بحكم العقل ، فيكون مشمولا للقاعدة.
وهذا هو الذي قلنا إنّ الثمرة بين الوجهين نذكرها في الجهة الثالثة.
ثمَّ إنّ هاهنا أمران يجب التنبيه عليهما
[ الأمر ] الأوّل : إنّه لو تحمّل المكلّف باختيار نفسه الحرج والمشقة ، وأتى بالعبادة التي فيها المشقّة ، سواء كان تمام العبادة أو جزؤها أو شرطها أو مانعها ، مثلا في البرد الشديد توضّأ أو في الحرّ الشديد في الصيف مع أنّ النهار طويل صام مع أنّه مجبور بالعمل في الشمس ، أو في البرد الشديد نزع اللباس من غير المأكول وأمثال ذلك هل تكون عبادته صحيحة ، أم لا ، بل تكون باطلة ؛ لأنّ في الأوّل كانت وظيفته التيمّم ، وفي الثاني كانت وظيفته الإفطار ، وفي الثالث كانت وظيفته الصلاة مع غير المأكول أو الحرير أو الذهب مثلا أو غيرها من الموانع؟