أقول : لا ينبغي صدور هذا الاحتمال من أحد في هذا الحديث الشريف ؛ لأنّه مخالف لأدلّة الأجزاء والشرائط والموانع ؛ إذ معنى جعل شيء جزءا أو شرطا للصلاة أنّ الصلاة لا تتحقّق بدونه ، كما أنّ معنى جعل شيء مانعا هو عدم تحقّقها وعدم امتثال الأمر الصلاتي مع وجوده فلو كانت الصلاة صحيحة مع الإخلال بأجزائها وشرائطها عمدا مع العلم بالحكم فيلزم الخلف ؛ إذ معناه أنّ ما هو جزء أو شرط أو مانع بأدلّة الأجزاء والشرائط والموانع ليس بجزء ولا بشرط ولا بمانع ، وهذا عين الخلف والمناقضة.
فنفس أدلّة الأجزاء والشرائط والموانع مناقضة مع هذا الاحتمال مطابقة أو التزاما ؛ إذ ما كان منها يثبت الجزئيّة أو الشرطيّة بلسان « يعيد فيما إذا أخلّ بها » يكون مناقضا مع هذا الحديث بناء على هذا الاحتمال بالمطابقة. وما كان منها بلسان نفي الصلاة بعدمها كقوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ بفاتحة » (١) يكون مناقضا معه بالالتزام ، فمن المقطوع المسلّم عدم شمول الحديث للعامد العالم بالحكم.
وقد تكلّف البعض وهو العالم المدقّق المتّقي الميرزا محمّد تقي الشيرازي قدسسره لإمكان ذلك بالالتزام بأمرين : أحدهما متعلّق بالخمسة المستثناة وغيرها ممّا ثبت ركنيّته والآخر بإتيان باقي الأجزاء والشرائط معها ، فلو أتى بالخمسة وغيرها ممّا ثبت ركنيّته وترك الباقي عمدا مع العلم بوجوب إتيانها فالأمر المتعلّق بنفس الخمسة وغيرها ممّا ثبت ركنيّته يسقط بالامتثال ، والأمر المتعلّق بإتيان باقي الأجزاء والشرائط أيضا يسقط بواسطة عدم بقاء المحلّ والموضوع له ؛ إذ محلّه وموضوعه كان إتيان باقي الأجزاء والشرائط مع الخمسة ، والمفروض أنّه أتى بالخمسة وسقط أمرها.
وهذا كما قلنا في الإتيان بالجهر في موضع الإخفات أو بالعكس مع الجهل تقصيرا أنّه تعلّق أمر بذات الصلاة الجامع بين الجهر والإخفات ، وأمر آخر بإتيانها
__________________
(١) « عوالي اللئالي » ج ١ ، ص ١٩٦ ، ح ٢ ؛ وج ٢ ، ص ٢١٨ ، ح ١٣ ؛ وج ٣ ، ص ٨٢ ، ح ٦٥.