وهاهنا فرع ذكره الشيخ الأعظم (١) وأستاذنا المحقّق (٢) قدسسره وهو أنّه لو علم بصدور البيع عن المالك الراهن ، وأيضا برجوع المرتهن عن إذنه ولكن شكّ في المتقدّم منهما ، فلو كان الرجوع متأخّرا عن البيع فالبيع صحيح ، ولو كان متقدّما عليه فالبيع باطل ، فهل تجري هاهنا أصالة الصحّة في البيع أم لا؟
مقتضى ما ذكرنا ـ من أنّ مجرى أصالة الصحّة فيما إذا كان الفعل الصادر دائرا أمره بين الصحّة الفعليّة والفساد ـ عدم الجريان ؛ لأنّ الفعل الصادر من الراهن قطعا صحيح إذا تعقّب بإجازة المرتهن ولم يرجع قبل البيع ، وعدم ترتيب الأثر لأمر آخر وهو الشكّ في بقاء إذنه إلى حال البيع ، وليس مستندا إلى احتمال فساد ما صدر عن الراهن ؛ فهذا خارج عن مجرى أصالة الصحّة.
نعم يبقى شيء وهو أنّ أصالة عدم تحقّق الرجوع إلى زمان تحقّق البيع هل تكون لها معارض أم لا؟ ولا شكّ في أنّ ما هو موضوع الأثر شرعا ـ ويكون سببا للنقل والانتقال ـ هو صدور البيع عن المالك الراهن مع إذن المرتهن ، والبيع وجد وجدانا. وعدم الرجوع معناه بقاء الإذن ؛ ولذلك لا فرق بين استصحاب بقاء الإذن أو استصحاب عدم الرجوع فيتحقّق كلا جزئي الموضوع ، أحدهما بالوجدان وهو بيع المالك الراهن ، والثاني بالأصل وهو بقاء الإذن وعدم الرجوع.
لا يقال : هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم وقوع البيع إلى زمان الرجوع.
وذلك من جهة أنّه مثبت ، إذ لازمه عقلا حينئذ وقوع البيع مع عدم إذن المرتهن. ولا أدري لما ذكر قدسسره هذا الفرع مع أنّه لا خصوصيّة فيه يكون موجبا لذكره ، وهو من الوضوح بمكان مع أنّه قدسسره خرّيت هذه الصناعة.
__________________
(١) « فرائد الأصول » ج ٢ ، ص ٧٢٦.
(٢) حاشية « فوائد الأصول » ج ٤ ، ص ٦٦٣.