ومن هذا يظهر حال الشكّ في صدور الإجازة من المالك في عقد الفضولي ؛ لأنّ عقد الفضولي الصادر من الفضول لا خلل فيه ، وإنّما يكون الأثر مترتّبا شرعا عليه وعلى أمر آخر وهو إجازة المالك المشكوك وجودها. وأمّا مسألة بيع الوقف ليس من هذا القبيل إذا صدر من المتولّي أو الحاكم ، لأنّ ما وقع إن كان مع وجود المسوّغ فهو صحيح وإلاّ فلا ، فمع الشكّ في وجود المسوّغ يحكم إليه بالصحّة بأصالة الصحّة ، ويثبت بها وجود المسوّغ أو لزوم ترتيب آثار وجوده.
ثمَّ إنّه ظهر ممّا ذكرنا أنّ بيع الراهن ماله المرهون مع الشكّ في إذن المرتهن أيضا من هذا القبيل ، أي من قبيل بيع الفضولي مال الغير مع الشكّ في إجازة المالك ، فموضوع الأثر فيه أيضا مركّب من العقد الصادر من المالك الراهن مع سبق إذن المرتهن أو لحقوق إجازته ، وأصالة الصحّة فيه لا يثبت سبق الإذن أو لحوق الإجازة من المرتهن ، بل لا معنى لجريان أصالة الصحّة فيما صدر عن الراهن ؛ لأنّ صحّته ـ كما قلنا فيما تقدّم ـ وجداني ، بمعنى أنّه لو تعقّب بالإجازة ، أو اقترن بالإذن يترتّب عليه الأثر يقينا.
فإن شئت قلت : إنّ مجرى أصالة الصحّة هو فيما إذا دار الأمر بين صحّته الفعليّة أو بطلانه رأسا ، كما أنّه في مسألة الوقف الصادر من المتولي مع الشكّ في وجود المسوّغ بكون الأمر هكذا ، أي يدور ذلك البيع أمره بين أن يكون صحيحا فعليّا يترتّب عليه الأثر ـ أي النقل والانتقال ، وهذا فيما إذا كان المسوّغ موجودا ـ وبين أن يكون باطلا من رأس. وهذا فيما إذا لم يكن المسوّغ موجودا الذي هو الاحتمال الآخر.
وأمّا في المذكورات من بيع الراهن مع الشكّ في إذن المرتهن ، وبيع الفضول مع الشكّ في تعقّبه بالإجازة ، وبيع الصرف مع الشكّ في القبض في المجلس ، فالصحّة التأهلية ـ بمعنى أنّه لو تعقّب بالإجازة في بيع الراهن والفضولي ، وبالقبض في المجلس في بيع الصرف ـ يقينا موجودة ، وإنّما الشكّ في وجود أمر آخر تكون الصحّة الفعليّة منوطة به.