ذكرها ـ فلا بدّ وأن ينظر إلى مقدار قيام السيرة ، وأنّها هل قامت على اعتبارها مقابل أصالة الفساد في خصوص شرائط العقد إذا شكّ في وجودها ـ كالماضويّة وتقدّم الإيجاب على القبول والموالاة وأمثال ذلك ممّا هو مذكور في محلّه ـ أم لا ، بل قامت على اعتبارها مقابل أصالة الفساد في جميع ما شكّ في وجوده ممّا اعتبر في العقد ، أو في المتعاقدين ، أو في العوضين إذا لم يكن من الشرائط العرفيّة للمتعاقدين أو العوضين ، بمعنى أن يكون عند العرف من مقوّمات المعاملة ، بحيث لا يمكن تحقّق عنوان المعاملة عرفا إلاّ مع وجود تلك الشرائط؟
ولا شكّ في قيام السيرة على الحمل على الصحّة بالمعنى الثاني ، أي في كلّ مورد شكّ في صحّة معاملة من المعاملات ، بيعا كان ، أو إجارة ، أو هبة ، أو نكاحا ، أو غير ذلك من العناوين المذكورة في أبواب المعاملات من العقود والإيقاعات بعد تحقّق ذلك العنوان بنظر العرف وعندهم ، لاحتمال فقد شرط اعتبره الشارع أو العقلاء زائدا على ما هو المقوّم لذلك العنوان عندهم ، أو احتمال وجود مانع كذلك ، فيبنون على الصحّة ولا يعتنون إلى ذلك الاحتمال.
ولا فرق عندهم ـ أي العقلاء ـ بين أن يكون ذلك الشرط المحتمل الفقدان من شرائط العقد ، أو المتعاقدين ، أو العوضين ، وكذلك المانع المحتمل الوجود.
ففي كلّ مورد في المعاملات تحقّق موضوع أصالة الصحّة الذي هو عبارة عن وجود ذلك العنوان الذي شكّ في صحّته وفساده لاحتمال فقد شرط ، أو وجود مانع ـ في غير ما هو دخيل في تحقّق ذلك العنوان عند العرف وفي نظرهم ـ نجري أصالة الصحّة. وأمّا مع الشكّ في تحقّق موضوعها فلا تجري البتّة ، شأن كلّ حكم مع موضوعه.
وبعبارة أخرى : هذه القاعدة لها عقد وضع وعقد حمل ، كما هو الحال في جميع القواعد. وشأن كلّ قاعدة إثبات محمولها لموضوعها بعد الفراغ عن ثبوت موضوعها.