وبناء على الاحتمال الثاني تكون حاكمة على الأصل الذي يقتضي الفساد الجاري في شرائط نفس العقد ، دون ما يقتضي الفساد الجاري في شرائط المتعاقدين أو العوضين.
وبناء على الاحتمال الثالث تكون حاكمة على كلّ أصل يقتضي الفساد ، إلاّ إذا كان ذلك الأصل الذي يقتضي الفساد جاريا في الشرائط العرفيّة للعوضين أو المتعاقدين. مثلا بناء على هذا الاحتمال لو شكّ في ماليّة العوضين ، أو في رشد المتعاقدين ، أو أحدهما فلا تجري أصالة الصحّة كي تكون حاكمة على أصالة عدم ماليّة العوضين ، أو أصالة عدم رشد المتعاقدين ، أو أحدهما.
إذا عرفت هذه الاحتمالات والوجوه ، فنقول :
تارة يقال بأنّ مدرك اعتبار أصالة الصحّة هو الإجماع وإنّ هناك إجماعان :
أحدهما قام على اعتبار أصالة الصحّة مطلقا ، سواء أكان مورد جريانها العبادات أو المعاملات. والثاني انعقاده على حجيّة أصالة الصحّة في خصوص أبواب المعاملات ، وأنّه دليل لبّى لا إطلاق لمعقده في كلا الإجماعين ، فلا بدّ من الأخذ به في المورد المتيقّن دون المورد الذي وقع فيه الخلاف.
وبناء على هذه المقالة ـ أي كون مدركها الإجماع وعدم إطلاق لمعقده ـ لا يبعد صحّة ما أفاد شيخنا الأستاذ قدسسره من اختصاصها بمورد احتمال الإخلال في نفس العقد ، دون شرائط المتعاقدين أو العوضين (١).
وأمّا لو قلنا بأنّ مدرك اعتبارها هي سيرة العقلاء من المسلمين وغير المسلمين ، مضافا إلى الإجماع المحقّق ـ كما اخترنا هذا الوجه في وجه حجّيتها بل قلنا أنّه لا محلّ للإجماع الاصطلاحي الكاشف عن رأي المعصوم عليهالسلام لإمكان اتّكاء المجمعين على تلك الأمور التي ذكرناها من السيرة ، واختلال النظام والآيات ، والروايات التي تقدّم
__________________
(١) « فوائد الأصول » ج ٤ ، ص ٦٥٤.