بيان ذلك : أنّ الضرر الناشئ من قبل الأحكام الشرعيّة ويكون مسبّبا عنها يمكن رفعه حقيقة من عالم الوجود برفع أسبابه التشريعيّة ، أي رفع ذلك الحكم الذي ينشأ من قبله الضرر ، فالمرفوع حقيقة هذا القسم من الضرر لا بتقييد في لفظ الضرر ، أو بتجوّز ، أو إضمار ، أو تقدير أو غير ذلك ؛ بل الرفع التشريعي في مقام الامتنان على الأمّة يقتضي ذلك وقاصر عن شموله لأزيد من هذا ، إذ رفع سائر الإضرار ـ أي الإضرار الخارجية ـ لا ربط لها بالشارع في هذا المقام.
نعم لا ننكر أنّ الشارع قد يدعي رفع موضوع خارجي بلحاظ رفع حكمه ، ولكن هذا فيما لا يمكن رفعه حقيقة في عالم التشريع ، فمقتضى ظاهر هذه الجملة هو رفع الضرر الذي منشأه الحكم الشرعي برفع نفس الحكم ، فيكون الحديث حاكما على إطلاقات وعمومات الأدلّة الأوّليّة بالحكومة الواقعيّة تضييقا في جانب المحمول.
وهذا من هذه الجهة أيضا يفارق قول صاحب الكفاية قدسسره من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ؛ لأنّ ما قاله تكون نتيجة الحكومة في جانب الموضوع ، وهذا القول تكون نتيجة الحكومة في جانب المحمول.
ثمَّ أنّه ظهر ممّا ذكرنا فساد سائر الأقوال :
أمّا القول الأوّل : وهو أن يكون النفي بمعنى النهي ، فلأجل أنّه خلاف الظاهر ؛ لما ذكرنا من ظهور الجملة في الرفع التشريعي ، فلا ربط له بالضرر الخارجي التكويني كي يتوهم أنّ النفي بمعنى النهي ، وإلاّ يلزم الكذب ، أو يقال إنّ نفيه ادّعائي من باب نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، فهذان القولان متوقّفان على أن يكون الرفع رفع الضرر التكويني ، حتّى يؤول بأحد الوجهين كي لا يلزم الكذب ؛ هذا أوّلا.
وثانيا : ذكرنا ظهور الحديث وسوقه في مقام الامتنان ، وأيّ امتنان في إلزام المكلّف بلزوم ترك الإضرار ، بل هذا تحميل وتكليف ، فتأمل.
وثالثا : حمل الجملة الخبريّة على الإنشاء خلاف ظاهر اللفظ ، فيحتاج إلى قرينة