التشريع ، وفي مقام أنّ الحكم المشروع في المقام حكم امتناني على الأمّة ؛ فالحديث ظاهر سياقا في أمرين :
أحدهما : أنّ الرفع رفع تشريعي ؛ إذ لا معنى لأن يكون إنشاء الرفع لرفع التكويني ، لأنّه أولا المناسب لمقام الشارعيّة هو أن يكون رفعه وضعه رفعا ووضعا تشريعيّا لا تكوينيّا ، لخروج ذلك عن وظيفته وليس من شئونه. وثانيا : أنّ الرفع التكويني لا يمكن أن يحصل بإنشاء الرفع ، بل لا بدّ له من أسبابه التكوينيّة.
وأمّا احتمال أن يكون إخبارا عن الرفع التكويني ، ففي غاية السقوط ؛ لأنّه كذب أوّلا ؛ وثانيا لا ربط له بمقام الشارعيّة.
وأمّا كونه في مقام الامتنان يدلّ عليه مضافا إلى تسالم الأصحاب على ذلك في فتاويهم ، سوق الكلام لذلك ، حيث يخاطب سمرة بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنت رجل مضارّ » أي مصرّ على الضرر ، كما استظهرنا من هذه اللفظة ، ثمَّ يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ضرر ولا ضرار ».
فإذا ظهر ظهور الحديث الشريف في هذين الأمرين ، من دون الاحتياج إلى كلمة « على مؤمن » أو كلمة « في الإسلام » فنقول : لا شكّ في أنّ الرفع التشريعي ظاهره أنّ المرفوع من الأحكام الشرعيّة ؛ لأنّ رفعها يكون رفعا حقيقيا لا ادّعائيا ، لأنّه لا وجود للأحكام الشرعيّة إلاّ في عالم التشريع ، فإذا رفعه في عالم التشريع يرتفع من عالم الوجود حقيقة وبقول مطلق ، وقد بيّنّا في شرح مفردات وألفاظ الحديث أنّ كلمة « لا » ظاهرة في نفي جنس مدخولها حقيقة إذا كان المدخول نكرة.
وأمّا إذا كان المرفوع أمرا تكوينيا فلا بدّ أن يكون الرفع ادّعائيّا لا حقيقيّا ، فتكون النتيجة رفع الحكم حقيقة برفع الموضوع ادّعاء ، كقوله المتصيّدة من الروايات : « لا شكّ لكثير الشكّ ».
ولكن هذا المعنى خلاف ظاهر هذه الجملة ، لا يصار إليه إلاّ بعد عدم إمكان رفع المدخول لكلمة « لا » حقيقة. وفيما نحن فيه يمكن ذلك ، أي الرفع الحقيقي لمدخول « لا ».