فإذا كان منشأ انتزاعه من الأمور المحسوسة كما فيما نحن فيه ، فإنّ الاستيلاء الخارجي الذي هو سبب لانتزاع الملكيّة التي هي إضافة خاصّة بين المالك والمملوك أمر محسوس ، فإذا أدرك السبب حسّا يجوز أن يشهد بالمسبّب.
كما أنّه في سائر الموارد إذا أدرك بالحسّ آثار العدالة أو الاجتهاد ـ وهما من الحالات والملكات النفسانيّة ـ يجوز أن يشهد بهما بواسطة العلم بهذا الأثر المحسوس ، فليكن الأمر في الملكيّة ومنشأ انتزاعها ـ أي الاستيلاء الخارجي ـ أيضا كذلك.
وبعبارة أخرى : الملكيّة تنتزع عن إحاطة ذي اليد بالشيء خارجا ، لأنّها عبارة عن إضافة اعتباريّة بين المالك والمملوك ، حاصلة عن استيلاء الشخص وإحاطته خارجا على شيء قابل لأن يتملّك ، فإذا كان منشأ انتزاعه محسوسا ومشاهدا فقهرا يترتّب المنتزع على منشأ انتزاعه ، فيجوز الشهادة بمقتضى إحساسه ومشاهدته سبب ذلك الأمر الانتزاعي ، أي تلك الإضافة الاعتباريّة ، ضرورة معلوميّة الأمر الانتزاعي بمعلوميّة منشأ انتزاعه.
ولذلك يجوز الشهادة بالملك المطلق ، بمشاهدة أسبابه الشرعيّة كالبيع ونحوه ، مع أنّه من الممكن أن لا يكون ملكا للبائع ، فلا يكون ملكا للمشتري.
والسرّ في ذلك كلّه : هو أنّ السبب في الجميع محسوس ومعلوم بالمشاهدة ، وترتّب المسبّب على السبب علمي.
إن قلت : إحاطة ذي اليد موجب لاختصاص المحاط به فيما إذا لم تكن تلك الإحاطة واقعة على مال الغير ، وإلاّ إذا وقعت على مال الغير فلا يكون سببا لانتزاع الملكيّة ، وذلك الاختصاص الخاصّ ، بل تكون الإحاطة لأحد أمرين : إمّا كونه غاصبا أو كونه أمينا من قبل الله أو من قبل المالك.
قلنا : هذا الاحتمال مدفوع بالأصل. هذا حاصل ما أفاده قدسسره.
ولكن أنت خبير بأنّ اليد ليست سببا للملكية ، لا عند العرف ، ولا عند الشرع.