في الارض.
ان من ابشع مهازل التأريخ البشري هي مكيدة ابن العاص في رفع المصاحف وقد وصفها ( راوحوست ميلر ) بأنها من اشنع المهازل واسوئها في التأريخ البشري (٣٥٣) فقد اشرف جيش الامام على الفتح ، وتفللت جميع قوى معاوية وأراد أن يلوذ بالفرار ، ولجأ الى ابن العاص يطلب منه الرأي فأشار عليه برفع المصاحف وهي مكيدة مدبرة قد حيكت أصولها ووضعت مخططاتها بين ابن العاص وبين الاشعث بن قيس الماكر الخبيث في جيش الامام.
وقد تحدث الامام أبو جعفر عن عدد المصاحف التي رفعت ، فقال عليهالسلام : استقبلوا عليا بمائة مصحف ووضعوا في كل مجنبة (٣٥٤) مائتي مصحف فكان جميعها خمسمائة مصحف.
وقام فريق من اتباع معاوية ، فنادوا في المعسكر العراقي : « يا معشر العرب ، الله الله في النساء ، والبنات والابناء من الروم والأتراك وأهل فارس غدا إذا فنيتم ، الله الله في دينكم هذا كتاب الله بيننا وبينكم.
والتاع الامام ، وانبرى قائلا : اللهم إنك تعلم ما الكتاب يريدون فأحكم بيننا وبينهم انك أنت الحكم الحق المبين (٣٥٥).
وقد اطاحت هذه المكيدة بالنصر الذي أحرزه جيش الامام ، فقد انقلب على اعقابه وماج في الفتنة ، واضطرب كأشد ما يكون الاضطراب ، وكان من المتوقع أن تمنى حكومة الامام بانقلاب عسكري يتزعمه الأشعث
__________________
(٣٥٣) العقيدة والشريعة في الاسلام ( ص ١٩٠ ).
(٣٥٤) المجنبة : بكسر النون المشددة ميمنة الجيش وميسرته.
(٣٥٥) شرح النهج ٢ / ٢١٢ ، وقعة صفين ( ص ٥٤٦ ـ ٥٤٧ ).