ان الدور المشرق الذي قام به الامام الباقر والصادق في نشر الفقه وبيان احكام شريعة الله كان من اعظم الخدمات التي قدمت للعالم الاسلامي ولو لاها لخسر المسلمون اعظم ثروة دينية لهم.
وعلى أي حال فانه لما لم يكن في العالم الاسلامي ـ في تلك العصور ـ من هو أدرى بشئون الشريعة واحكام الدين غير الامامين (ع) فقد أسرع إلى الأخذ من علومهما ابناء الصحابة والتابعون ، ورؤساء المذاهب الاسلامية كأبي حنيفة ومالك وغيرهما ، وقد تخرج على يد الامام أبي جعفر جمهرة كبيرة من الفقهاء كزرارة بن اعين ، ومحمد بن مسلم وابان ابن تغلب ، وإليهم يرجع الفضل في تدوين أحاديث الامام (ع) كما كانوا من مراجع الفتيا بين المسلمين ، وبذلك فقد اعاد الامام أبو جعفر (ع) للإسلام نضارته وحافظ على ثرواته الدينية من الضياع.
ومن الجدير بالذكر أن الشيعة هي أول من سبق إلى تدوين الفقه يقول مصطفى عبد الرزاق : « ومن المعقول أن يكون النزوع إلى تدوين الفقه كان أسرع إلى الشيعة لأن اعتقادهم العصمة في أئمتهم أو ما يشبه العصمة كان حريا إلى تدوين أقضيتهم وفتاواهم » (٢٣٧) وبذلك فقد ساهمت الشيعة في بناء الصرح الاسلامي ، وحافظت على أهم ثرواته ... ولا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر في فقه أهل البيت (ع) الذي هو مستمد من الرسول الاعظم (ص).
ويمتاز فقه أهل البيت (ع) بمميزات رائعة جعلته في قمة الفقه الاسلامي وغيره ، وهذه بعضها :
__________________
(٢٣٧) تمهيد لتأريخ الفلسفة الاسلامية ( ص ٢٠٢ ).