أنه من أثر الجراب الذي كان يحمله على عاتقه ويضع فيه الطعام ويوزعه على الفقراء والمحرومين.
وبعد الفراغ من غسله أدرجه في اكفانه ، وصلى عليه الصلاة المكتوبة.
وشيع الامام بتشييع حافل لم تشهد له يثرب نظيرا ، فقد شيعه البر والفاجر وبكاه الناس جميعا ، فقد فقدوا بموته الخير الكثير ، وفقدوا تلك الروحانية التي لم يخلق لها مثيل ، وقد ازدحم الناس على الجثمان المقدس فالسعيد من يحظى برفعه ، ومن الغريب ان سعيد بن المسيب أحد الفقهاء السبعة في المدينة لم يفز بتشييع الامام والصلاة عليه ، وانكر عليه حشرم مولى اشجع ، فقال له سعيد : أصلي ركعتين في المسجد أحب الى من ان اصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح (٤٦) وقد حرم سعيد من الفوز بتشييع الامام الذي هو اتقى انسان خلقه الله بعد آبائه الطاهرين.
وجيء بالجثمان العظيم في وسط هالة من التكبير والتحميد الى بقيع الغرقد فحفروا له قبرا بجوار قبر عمه الزكي الامام الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة ، وأنزل الامام الباقر جثمان أبيه فواراه في مقره الأخير ، وقد وارى معه البر والتقوى والحلم ، ووارى روحانية الأنبياء والمتقين.
وبعد الفراغ من دفنه هرع الناس نحو الامام الباقر (ع) وهم يرفعون له تعازيهم الحارة ويشاركونه في لوعته واساه ، والامام مع أخوته وسائر بني هاشم يشكرونهم على ذلك.
وانصرف الامام أبو جعفر (ع) إلى بيته بعد أن وارى أباه في بقيع
__________________
(٤٦) رجال الكشي ( ص ٧٦ ).