أما ازلية واجب الوجود فهي من ادق البحوث الكلامية ، والفلسفية ، وقد عرضت على أبي جعفر (ع) فقد سأله رجل فقال له : اخبرني عن ربك متى كان؟ فأجابه الامام :
« ويلك إنما يقال لشيء لم يكن ، متى كان؟!! إن ربي تبارك وتعالى كان ولم يزل حيا بلا كيف ، ولم يكن له كان ، ولا كان لكونه كون كيف ، ولا كان له اين ، ولا كان في شيء ، ولا كان على شيء ، ولا ابتدع لمكانه مكانا ، ولا قوي بعد ما كوّن الأشياء ، ولا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا ، ولا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا ، ولا يشبه شيئا مذكورا ، ولا كان خلوا من الملك قبل انشائه ، ولا يكون منه خلوا بعد ذهابه ، لم يزل حيا بلا حياة ، وملكا قادرا قبل أن ينشيء شيئا ، وملكا جبارا بعد انشائه للكون ، فليس لكونه كيف ولا له اين ، ولا له حد ، ولا يعرف بشيء يشبهه ، ولا يهرم لطول البقاء ، ولا يصعق (١٧٧) لشيء ، بل لخوفه تصعق الأشياء كلها ، كان حيا بلا حياة حادثة ، ولا كون موصوف ولا كيف محدود ، ولا اين موقوف عليه ، ولا مكان ، جاور شيئا ، بل حي يعرف ، وملك لم يزل له القدرة والملك ، إنشاء ما شاء حين شاء بمشيئته ، لا يحد ولا يبعض ، ولا يفنى ، كان أولا بلا كيف ، ويكون آخرا بلا اين ، وكل شيء هالك إلا وجهه ، له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين.
ويلك أيها السائل!! ان ربي لا تغشاه الأوهام ، ولا تنزل به الشبهات ، ولا يحار ، ولا يجاوزه شيء ، ولا تنزل به الاحداث ، ولا يسأل عن
__________________
(١٧٧) يصعق : أي يهلك ، ويضعف.