الطائفتين الى ان يقع الحكم ، وعلى كل واحد من الحكمين عهد الله ليحكمن بالأمة بالحق ، لا بالهوى ، وأجل الموادعة سنة كاملة ، فان احب الحكمان أن يعجلا الحكم عجلاه ، وان توفي أحدهما فلأمير شيعته أن يختار مكانه رجلا ، لا يألوا الحق والعدل ، وإن توفي أحد الأميرين كان نصب غيره الى اصحابه ممن يرضون أمره ، ويحمدون طريقته اللهم إنا نستنصرك على من ترك ما في هذه الصحيفة وأراد فيها إلحادا وظلما .. » (٣٥٦)
ووقع الفريقان على هذه الوثيقة ، ولم تتعرض الى مطالبة معاوية بدم عثمان ذلك الدم الذي اتخذه شعارا لتمرده وبغيه على حكومة الامام ، ومن المؤكد انه لم يكن يهتم بعثمان فقد استنجد به حينما حاصره الثوار فاعاره اذنا صماء حتى قتل ، فاتخذ قتله وسيلة لنيل اطماعه.
وبهذا ينتهي بنا الحديث عن روايات الامام ابي جعفر لأحداث صفين تلك الأحداث المؤلمة التي جرت للمسلمين اعظم المحن والخطوب ، والقتهم في شر عظيم.
وفزع المسلمون كأشد ما يكون الفزع من مأساة الامام الحسين (ع) التي انتهكت فيها حرمة الرسول (ص) في ابنائه وعترته ، فقد عمد الجيش الاموي الى استئصال آل النبي (ص) واقترفوا معهم من الفضائع ما لم يمر مثلها في جميع مراحل هذه الحياة.
وكان الامام أبو جعفر (ع) صبيا يافعا قد حضر يوم الطف ، وشاهد المحن الكبرى التي تواكبت على آل البيت (ع) وقد وعاها ، وارتسمت فصولها الحزينة في اعماق نفسه ودخائل ذاته ، وظلت مناظرها الرهيبة ملازمة
__________________
(٣٥٦) شرح النهج ٢ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤.