وهو لم يبتغ بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة.
وشاء الله لهذا العملاق العظيم الذي نافح عن حقوق أهل البيت (ع) أن يرزق الشهادة على يد شرار بريته ، فقد دخل على والي العراق يوسف ابن عمر بعد عزل خالد القسري الذي نكل به ، فانشده قصيدة يثني فيها عليه ، ويعرّض بالقسرى جاء فيها :
خرجت لهم تمشي
البراح ولم تكن |
|
كمن حصنه فيه
الرتاج المضبب |
وما خالد يستطعم
الماء فاغرا |
|
بعدلك والداعي
الى الموت ينعب |
وكان الحرس الذين على رأس يوسف متعصبين لخالد ، فوضعوا سيوفهم في بطنه وقالوا : أتنشد الأمير ، ولم تستأمره ، فأخذه نزيف الدم (٥٢) وأخرج وهو يجود بنفسه ، وأغمي عليه ، ثم أفاق وهو يقول :
« اللهم آل محمد ، اللهم آل محمد .. » (٥٣)
ثم فاضت نفسه الزكية ، وارتفعت الى بارئها كما ترتفع أرواح الأولياء تحفها ملائكة الله ورضوانه.
وبهذا ينتهي بنا الحديث عن هذا العملاق العظيم الذي وهب مشاعره وعواطفه لآل النبي (ص) وصاغ فكره ، وعقيدته فيهم على أساس العلم والمنطق فلم يندفع في ولائه لهم وراء العاطفة وانما استند في ذلك الى الأدلة الحاسمة من القرآن والسنة حسب ما أشار إليها في هاشمياته التي هي من أثمن الثروات الفكرية والعلمية في الأدب العربي والاسلامي.
__________________
(٥٢) الاغاني ١٥ / ١٢١.
(٥٣) الاغاني ١٥ / ١٣٠.