لا يكون له مع ذلك داع الى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك (٣) وعرفها شيخ الطائفة الشيخ الطوسي بأنها ما يمتنع المكلف من المعصية في حال تمكنه منها.
والعصمة على ضوء هذه التعاريف عبارة عن الكمال المطلق للنفس ، وتحررها التام من كل نزعة من نزعات الهوى والغرور والطيش ، والامتناع من اقتراف أية جريمة أو ذنب سواء أكان على سبيل العمد أم السهو ، ومن الطبيعي أنه لا يتصف بذلك إلا من اختاره الله لاداء رسالته وهداية عباده نبيا كان أم اماما.
واستدلت الشيعة على ما ذهبوا إليه من اعتبار العصمة في الامام بأدلة كثيرة مقنعة لا مجال للشك فيها ، ولعل من أروع من أستدل عليها من متكلميهم هشام بن الحكم قال : إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها : الحرص ، الحسد ، الغضب ، الشهوة ، وهذه الصفات كلها منفية عن الامام ، فلا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا ، وهي تحت خاتمه ، فهو خازن أموال المسلمين فعلى ما ذا يحرص؟ ولا يجوز أن يكون حسودا لأن الانسان إنما يحسد من فوقه ، وليس فوقه أحد ، فكيف يحسد من دونه ، ولا يجوز أن يغضب لشيء من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله عز وجل ، قد فرض عليه اقامة حدوده ، ولا يجوز أن يتبع الشهوات ، ويؤثر الدنيا على الآخرة لأن الله حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا ، فهو ينظر الى الآخرة كما ننظر الى الدنيا ، فهل رأيت أحدا ترك وجها
__________________
(٣) توفيق التطبيق ( ص ١٦ ).