بقتل سيد الشهداء الامام الحسين (ع) (١١) وقد انطبعت في نفسه صورة تلك المأساة المروعة وأخذت تتفاعل مع مشاعره وعواطفه ، وظهر أثر ذلك في شعره الحزين الذي يرثي به الامام الحسين (ع).
أما نشأته فقد نشأ بالكوفة التي هي عاصمة الشيعة ، وينبوع التشيع ، ومنجم الثورات على بني أمية ، وتربى على حب أهل البيت (ع) فكان حبهم من عناصره ، ومقوماته.
كان الكميت من أفذاذ التأريخ ، ومن اعلام الأمة العربية ، وكان يتمتع بمواهب شريفة وصفات رفيعة ، عدها بعضهم بعشر خصال قال : « كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر ، كان خطيب أسد ، وفقيه الشيعة ، حافظ القرآن العظيم ، ثبت الجنان ، وكان كاتبا حسن الخط ، وكان نسابة ، وكان جدلا ، وهو أول من ناظر في التشيع ، وكان راميا لم يكن في بني اسد أرمى منه ، وكان فارسا شجاعا دينا ، وكان مشهورا في التشيع مجاهرا في ذلك .. » (١٢)
وهذه الصفات قد رفعته الى القمة ، وميزته على جميع ادباء عصره.
اما شعره فهو من مناجم الأدب العربي ، ومن أروع ما قاله شعراء العرب على الاطلاق ، فلم يكن في شعره يميل الى الدعابة والمجون ، وبذلك فقد فارق شعراء العصر الاموي والعباسي الذين اتجهوا بمواهبهم الفكرية والادبية الى اللهو والعبث وفساد الاخلاق.
__________________
(١١) الغدير ٢ / ٢١١.
(١٢) خزانة الأدب ١ / ٩٩.