مع راتب المسجد ، لاختلاف المحلّ ، فهو مقدّم على الجميع ثمَّ الثلاثة.
نعم يشكل الترجيح بين الراتب وأحد الثلاثة ، والظاهر عدم الترجيح لتعارض روايتهما.
وأمّا الثلاثة فمقتضى الرواية تقديم الأقرأ ثمَّ الأسنّ ثمَّ الأفقه ، إلاّ أنّه قد ورد في الرضوي (١) والدعائمي (٢) تقديم الأقرأ ثمَّ الأفقه ثمَّ الأسنّ ، فتتعارض الروايات حينئذ في الأفقه والأسنّ ، ولا يبعد ترجيح الروايتين الأخيرتين فيقدّم الأفقه ، إذ توافقان الاعتبارات العقلية والعمومات القرآنية والخبرية ، كقوله عزّ شأنه ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) (٣). والنبوي : « من صلّى خلف عالم فكأنّما صلّى خلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٤) إلى غير ذلك.
ولأجل أمثال ذلك قد ذهب جمع من المتأخّرين ، كصاحبي المدارك والذخيرة والمحدّثين الكاشاني والعاملي (٥) ، تبعا للفاضل ـ قدسسره ـ في المختلف (٦) ، إلى تقديم الأفقه على الأقرأ أيضا.
إلاّ أنّ الروايات المذكورة متّفقة طرّأ على خلافه ، وهي أخصّ مطلقا ممّا مرّ ، ومع ذلك على مدلولها الشهرة القديمة والجديدة ، بل عليه الإجماع في كلمات طائفة
__________________
(١) المتقدم في ص : ٤٧.
(٢) المتقدم في ص ٤٧.
(٣) الزمر : ١٢.
(٤) رواها الشهيد ـ مرسلا ـ في الذكرى : ٢٦٥ ، وروى عنه في الوسائل ٨ : ٣٤٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٦ ح ٥ ، ورواها عن لبّ اللباب في المستدرك ٦ : ٤٧٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٣ ح ٨ ( بتفاوت يسير ).
(٥) المدارك ٤ : ٣٥٩ ، الذخيرة : ٣٩١ ، الكاشاني في المفاتيح ١ : ١٦٤ ، وأما العاملي فقال في عنوان الباب ٢٦ من صلاة الجماعة : استحباب تقديم الأفضل الأعلم الأفقه ، ولكنه اختار في الباب ٢٨ تقديم الأقرأ على الأفقه.
(٦) الظاهر من عبارة المختلف : ١٥٥ تقديم الأقرأ على الأفقه ، كما صرّح به صاحب مفتاح الكرامة ٣ : ٤٧٨.