ثمَّ إنّ هاهنا خلافا آخر محكيّا عن السيّد والإسكافي (١) ، وهو لزوم التمام في المواطن المذكورة ، للصنف الأوّل من الأخبار المتقدّمة ، ولقوله سبحانه في المسجد الحرام ( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) (٢).
والجواب عن الآية بعدم الدلالة ، وعن الأخبار بأنّه كان صحيحا لو لا معارضة الصنفين الآخرين وتصريح بعضها بعدم وجوب الإتمام ، مع أنّه قول شاذ نادر ، بل كونه مذهبا لمن حكي عنه غير ظاهر ، لاحتمال إرادته الاستحباب كما عن السرائر (٣).
فروع :
أ : بعض هذه الأخبار وإن اختص بالحرمين إلاّ أنّ كثيرا منها كما عرفت يتضمّن الإحرام الأربعة ، وبذلك صرّح في الرضوي أيضا قال : « في أربعة مواضع لا يجب أن تقصر : إذا قصدت مكة والمدينة ومسجد الكوفة والحيرة (٤) » (٥).
ومع ذلك انعقدت الشهرة على الأربعة فلا مناص عن الحكم في الجميع.
ب : قد وقع الخلاف في تحديد محلّ التخيير من المواطن الأربعة إلى أقوال :
الأوّل : ما حكي عن المبسوط والنهاية (٦) على وجه ، وابن حمزة ويحيى بن سعيد والمحقّق في كتاب له في السفر (٧) ، وهو محتمل السيّد والإسكافي (٨) حيث عبّرا بالمشاهد ، وهو : أنّه البلدان الأربعة.
__________________
(١) السيد في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٤٧ ، عن الإسكافي في المختلف : ١٦٨.
(٢) الحج : ٢٥.
(٣) السرائر ١ : ٣٤٣.
(٤) كذا في النسخ والمصدر ، ولعلّه مصحّف الحير أو الحائر.
(٥) فقه الرضا عليهالسلام : ١٦١ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٥٤٤ أبواب صلاة المسافر ب ١٨ ح ٢.
(٦) المبسوط ١ : ١٤١ ، النهاية : ١٢٤.
(٧) لم نعثر على قول ابن حمزة في الوسيلة ، يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٩٣ ، وحكى الشهيد عن المحقق في الذكرى : ٢٥٦.
(٨) حكاه عنهما في المختلف : ١٦٨.