لا إجمال فيه ، فاللازم منه اعتبار مبدأ السير ، كما ذهب إليه بعضهم ، وتحمل المجملات أيضا على المبيّن ، فهو المعتبر لا غير ، سيّما فيما إذا كان المسافر من أهل البوادي والخيام.
نعم قد ظهر لك في المسألة الاولى أنّ الفرسخ ونحوه أمر تقريبي ، سواء رجع فيه إلى العرف أو الأذرع ، ولا يتفاوت في صدقه ـ سيّما في صدق أربعة فراسخ أو الثمانية ـ اختلاف نحو ألف ذراع بل أكثر ، وعلى هذا فلا يختلف الحكم في البلاد الصغيرة أو المعتدلة ، سواء اعتبر المبدأ من البيت الّذي هو مبدأ السير ، أو البلد ، لصدق المسافة المعتبرة على التقديرين.
وهذا هو السرّ في شيوع اعتبار البلد وتبادره ، لا من جهة مدخليّة نفس آخره ، وهو السرّ فيما ورد في الأخبار المتقدّمة من نسبة المسافة إلى المدينة في صحيحة زرارة ومحمد (١) ، وإلى الكوفة وبغداد في روايات أخر ، فإنّ مسافة عشرين فرسخا أو بياض يوم لا تختلف في هذه البلاد باختلاف المبدأ لو اعتبر من آخر البلد أو الوسط ، ولذا لو علّق حكم على مسافة قليلة كألف ذراع لا يتبادر آخر البلد.
نعم قد يختلف إذا اتّسع البلد كثيرا ، وحينئذ فيكون المرجع هو مبدأ السير ، كما هو مقتضى الأخبار المثبتة.
فالتحقيق أن يقال : إنّ المعتبر مبدأ السير تقريبا مطلقا ، لكنّه لمّا كان لا يختلف الحكم باعتباره في البلاد المعتدلة يكفي اعتبار مبدأ البلد ، وأمّا في المتّسعة فلإمكان الاختلاف يناط حكمها بمبدإ السير.
ج : قال في الذكرى : لو قصد المسافة في زمان يخرج عن اسم المسافر ، كشهرين أو ثلاثة أشهر ، فالأقرب عدم القصر لزوال التسمية. ومن هذا الباب ما لو قارب المسافر بلده ، فتعمّد ترك الدخول فيه للتقصير ، فلبث في قرى متقاربة
__________________
(١) المتقدّمة في ص ١٧٩.