وردّ بكون الروايتين متروكتين ، لتضمنّهما ثبوت الحكم في الأقلّ من الخمسة أيضا الصادق على ثلاثة وأربعة بل يوم أو بعض يوم ، ولم يقل به هؤلاء الجماعة.
ومعارضتين مع النصوص المتقدّمة ومع ما ورد في بعض الصحاح من أنّه « إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصّرت » (١).
ويجاب عن الأوّل : بأنّ ذلك غير ضائر في الحجيّة ، لأنّه يكون كالعام المخصّص ، مع أنّه نفى في الذخيرة البعد عن القول بمضمونها وقال : إنّ ظاهر الإقامة يقتضي قدرا معتدّا به ، فلا يصدق على يوم واحد أو بعض يوم والمتيقّن منه المساواة بين الخمسة وما قاربها ، والعمل به غير بعيد ـ إلى أن قال طاب ثراه ـ : وبالجملة فالمتّجه عندي العمل بمضمون الخبر كما قاله بعض أفاضل المتأخّرين. ثمَّ ذكر ـ في بيان انتفاء الشهرة القديمة على خلافه ـ أنّ مخالفة من تقدّم على الشيخ بمضمون الرواية غير واضح ، بل إيراد الصدوق لها يقتضي عمله بها (٢).
وعن الثاني : بأنّ التعارض بالعموم والخصوص المطلقين ، وحمل العام على الخاص لازم.
ومن ذلك تظهر قوّة قول الشيخ وتابعيه ، بل ما نفى عنه البعد في الذخيرة.
إلاّ أن دليلهم عن إفادة وجوب التقصير بالنهار قاصر لمكان الجملة الخبرية ، وإثبات الوجوب بالإجماع المركب مشكل ، وعلى هذا فلو أتمّ في النهارية أيضا ما لم يقم العشرة كان أحوط.
المسألة الرابعة : استفاضت الروايات على وجوب التقصير على المكاري والجمّال إذا جدّ بهما السير.
ففي صحيحة محمّد : « المكاري والجمّال إذا جدّ بهما فليقصرا » (٣).
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٨٠ ـ ١٢٧٠ ، التهذيب ٣ : ٢٢٠ ـ ٥٥١ ، الوسائل ٨ : ٥٠٣ أبواب صلاة المسافر ب ١٥ ح ١٧.
(٢) الذخيرة : ٤١٠.
(٣) التهذيب ٣ : ٢١٥ ـ ٥٢٨ ، الاستبصار ١ : ٢٣٣ ـ ٨٣٠ ، الوسائل ٨ : ٤٩٠ أبواب صلاة المسافر ب ١٣ ح ١.