الموجود فلا بدّ مع الالتفات إليه من العلم بارتفاعه ، ولا يكفي الظنّ به ، وكذا وجود المقتضي.
كلّ ذلك لدوران الصدق العرفي مداره ، فمن دخل بلدا وأراد إقامة عشرة يتمّ ولو كان بحيث لو بلغ خبر موت والده أو زوجته لا يقيم ، لأنّ أمثال ذلك لا يضرّ في صدق القصد والعزم العرفيين ، وإلاّ لم يكن مقام يتمّ فيه لإقامة العشرة.
ج : لا شكّ في اشتراط التوالي في الأيام العشرة لتحقّق إقامة عشرة أيام ، لأنّه المتبادر ، بل هو اتّفاقي. فلو أقام خمسة ثمَّ خرج وسافر أيّاما ثمَّ أقام خمسة أخرى لم يكن كافيا إجماعا ، ويجب أن تكون أيام الإقامة في بلد متتالية.
نعم اختلفوا في أنّه هل يشترط في تحقّق الإقامة في موضع عدم الخروج منه أصلا ، أو لا بل لا يضرّ فيه الخروج عنه في زمان يسير؟ ولو سلّم اشتراط عدم الخروج منه فهل يشترط عدم الخروج عن حدّ ترخصه ، أو عدم البلوغ حدّ المسافة؟
والحاصل أنّه لا شكّ في تعليق الحكم على إقامة العشرة المتتالية في بلد ، إنّما الكلام في معنى الإقامة في بلد.
فقيل : معناها أن لا يخرج عن محلّ الإقامة إلى حدّ الترخّص فما فوقه ، كما عن الشهيدين (١).
وقيل : أن لا يخرج إلى المسافة فما فوقها ، فلا يضرّ فيها أن يخرج إلى ما دون المسافة مع رجوعه ليومه وليلته ، كما عن فخر المحققين (٢).
وقيل : يناط ذلك إلى العرف ، فيشترط فيه انتفاء ما يضرّ عرفا بإقامة البلد عرفا ، ولا يشترط غير ذلك كما ذهب إليه جمع من أفاضل المتأخرين (٣).
__________________
(١) الشهيد الأول في البيان : ١٦٠ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٩ ، ونتائج الأفكار ( الرسائل ) : ١٩٠.
(٢) نقله عنه الشهيد الثاني في نتائج الأفكار ( الرسائل ) : ١٩١.
(٣) انظر المدارك ٤ : ٤٦٠ ، والبحار ٨٦ : ٤٣ ، والذخيرة : ٤١١ ، والحدائق ١١ : ٣٤٦ ، والرياض ١ : ٢٥٩.