وكذا لو قال : بعتك بلا ثمن ، أو على أن لا ثمن عليك ، فقال :قبلت ، ففي انعقاده هبة نظر ، ينشأ : من الالتفات إلى المعنى ، واختلال اللفظ.
______________________________________________________
ذلك المعنى كملّكتك ، وهذا أقرب في التأدية كما قلناه.
لا يقال : فيصح بلفظ الخلع والكتابة ، لأنا نقول : هذان لا يتأدى بهما معنى البيع إلا بتكلفات وقرائن أجنبية ، وهما حقيقتان في معنى آخر ، ومجاز في البيع من أبعد المجازات ، والمجاز لا ينعقد به البيع كما قررناه.
قوله : ( وكذا لو قال : بعتك بلا ثمن ، أو على أن لا ثمن عليك ، فقال : قبلت ، ففي انعقاده هبة نظر ).
ينشأ من وجود لفظ البيع المقتضي للثمن ، ووجود المنافي لصحته وهو اشتراط عدم الثمن فيكون بيعا فاسدا ، ومن أن التقييد حينئذ بعدم الثمن قرينة إرادة الهبة من لفظ البيع ، لأنّ الهبة هي التمليك بغير عوض ، فهو مساو لها في المعنى.
ويضعّف بان استعمال البيع في الهبة مجاز لم ينقل مثله ، ولا بد في التجوز من النقل ، فلا تكفي العلاقة ، ومن ثم امتنع نخلة للإنسان الطويل. وربما قيل بأنه إن قصد البيع بطل ، وان قصد الهبة صحت.
ويشكل الثاني بأن مجرد القصد غير كاف من دون حصول السبب الشرعي ، ولا استبعد القول بالبطلان.
قوله : ( ينشأ من الالتفات إلى المعنى واختلال اللفظ ).
أي : من الالتفات الى معنى مجموع العقد الواقع ، وإذا اجتمع معنى الجميع على وجه لا يتنافى كان معناه التمليك بغير عوض ، ومن أن اللفظ مختل ، لأنّ البيع يقتضي الثمن ، والتقييد بعدمه ينافيه.
ويضعف الأول ، بأنه انما يندفع التنافي إذا عدل باللفظ عن مدلوله الى ما لا يدل عليه دليل سوى التنافي ، وهذا غير كاف في الصحة ، وعلى هذا فلا يبطل شيء من العقود المشتملة على ما ينافيها ، لوجود المندوحة في العدول به الى ما لا ينافي.