الناس ؟ فمَن فاخرنا فليعد مثل ما عددنا ، ولو شئنا لأكثرنا من الكلام ، ولكنا نستحي من الإكثار ، ثمّ جلس.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لثابت بن قيس بن شماس : « قم فأجبه » ، فقام ، فقال : الحمد لله الذي السماوات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ، ووسع كرسيه علمه ، ولم يكن شيء قط إلاّ من فضله ، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكاً ، واصطفى من خير خلقه رسولاً أكرمهم نسباً وأصدقهم حديثاً وأفضلهم حسباً ...
ثم قام الزبرقان بن بدر ينشد ، وأجابه حسان بن ثابت ، فلما فرغ حسان من قوله ، قال الأقرع : إنّ هذا الرجل خطيبه أخطب من خطيبنا ، وشاعره أشعر من شاعرنا ، وأصواتهم أعلى من أصواتنا ، فلما فرغوا أجازهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأحسن جوائزهم وأسلموا (١).
ومن الوقائع الدالة على التمتع بحرية إبداء الرأي انّ قوماً من اليهود أتوا عمر بن الخطاب ، فقالوا : قد أتيناك نسألك عن أشياء ، فقال عمر : سلوا عمّا بدا لكم ، قالوا : أخبرنا عن أقفال السماوات السبع ومفاتيحها ... فأطرق عمر ساعة ثمّ فتح عينيه ثم قال : سألتم عمر بن الخطاب عمّا ليس له به علم ، ولكن ابن عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ يعني : عليّاً عليهالسلام ـ يخبركم بما سألتموني عنه ، فأرسل إليه فدعاه ، فلما أتاه قال له : يا أبا الحسن إن معاشر اليهود سألوني عن أشياء لم أجبهم فيها بشيء ، وقد ضمنوا لي أن أخبرتهم أن يؤمنوا بالنبي صلىاللهعليهوآله .
فقال لهم أمير المؤمنين عليهالسلام : « يا معشر اليهود أعرضوا عليّ مسائلكم » فقالوا له مثل ما قالوا لعمر ، فلما أجابهم ، أقبلوا يقولون : نشهد أن لا إله إلاّ الله ،
__________________
(١) مجمع البيان ٥ : ١٣٠.