الوجه الثاني : إن الغاية من الاسترقاق ليست اهانة المسترق في نظر الإسلام ، ومن يبتغي إهانة شخص فكيف يكرمه ؟ بل كيف تجتمع اهانته مع معاملته في غاية الاحسان ؟ الأمر الذي يكشف عن هدف أسمى ، ذلك لأن بقاء الأسرى في المحيط الإسلامي مدّة سيكون باعثاً قوياً على اهتدائهم للدين الإسلامي وترك عقائدهم الفاسدة ، وبهذا يكون الاسترقاق وسيلة لهدايتهم بخلاف ما لو تم اطلاقهم منّاً أو فداء ؛ إذ سوف لن يقفوا عن كثب على تعاليم هذا الدين المنسجمة مع فطرتهم ، ولن يلمسوا سماحته ولطفه ورقّته.
وبهذا يكون المقصد الأعلى من الاسترقاق عائداً لمصلحة المُسترَق في الواقع ، وقد سجل لنا التاريخ الإسلامي صفحات مشرقة في هذا الجانب باهتداء جلّ المُسترَقّين حتى كان لبعضهم أو لأبنائهم شأن عظيم ، وهناك عشرات الشخصيات الإسلامية المعروفة التي هي محل اعتزاز سائر المسلمين قد جاءت إلى الإسلام من هذا الطريق.
* * *