السابقة حول زهد أبي ذر محتمل للوجهين المذكورين ، فإن أراد بيان اتّصاف أبي ذر بهذه الصّفة الحميدة فلا كلام في ذلك لأحد من المسلمين ، وإن كذّبه عثمان ابن عفان وأتباعه. وإن أراد كونه باب مدينة العلم في الصّدق فهذا باطل بنفس ما تقدّم ، وانّ صدق اللهجة لا يستلزم كونه باب مدينة العلم.
وبما ذكرنا يبطل قوله : « فجعل له بابين باب الصدق وباب الزهد » إن أراد الجعل الحقيقي.
وقد رأيت تصرّف العاصمي في حديث « ما أظلّت ... » لأنّ اللّفظ الذي ذكره يغاير لفظ الحديث المذكور في كتب الفريقين والمشهور على ألسنة المسلمين ، ولم يظهر لنا وجه هذا التّصرف.
وأمّا قوله : « والزّهد جامع للعلم كلّه » فكلام باطل ، كما هو ظاهر كلّ الظّهور ، على أنّه إن كان أبو ذر جامعا للعلم كلّه ـ بسبب زهده ـ كان في درجة أمير المؤمنين عليهالسلام في العلم ، وهذا لا يلتزم به أحد ، والأدلّة على أعلمية أمير المؤمنين عليهالسلام من جميع الأصحاب لا تحصى كثرة.
بل يلزم من كلام العاصمي هذا مساواة أبي ذر للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في العلم ... وهذا في غاية البطلان.
هذا تمام الكلام على كلمات العاصمي في هذا المقام.