وأفتى ابن حجر المكّي في ( فتاواه الحديثية ) بحسن حديث أنا مدينة العلم ، بل صرّح بصحته تبعا للحاكم ، ثم اعترض على قدح البخاري وغيره فيه ، وهذا نصّ كلامه : « وأمّا حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فهو حديث حسن ، بل قال الحاكم صحيح ، وقول البخاري : ليس له وجه صحيح ، والترمذي : منكر ، وابن معين : كذب ـ معترض ، وإن ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وتبعه الذهبي على ذلك ».
ولقد نقل جماعة من أعيان علماء أهل السنة كلمة البخاري في حديث أنا مدينة العلم ثم أعرضوا عنها ولم يعبئوا بها ، وذهبوا إلى اعتبار الحديث وتحسينه والاحتجاج به ، ومنهم : السّيوطي ـ في ( الدرر المنتثرة ) ـ والسمهودي ، والقاري ، والمنّاوي ، وثناء الله باني بتي ـ وهو بيهقي عصره في رأي ( الدهلوي )ـ.
فاستناد ( الدّهلوي ) إلى كلام البخاري مع رواية مشايخ البخاري الحديث وتصحيحهم له ، وتصحيح جماعة من الحفاظ وتحسين آخرين له ، وهكذا إعراض كبار العلماء عن قدح البخاري ـ عجيب جدا.