مسمّى به ، يقال : شيء عال وعليّ ، وباب عال وعليّ ، مثل سامع وسميع ، وعالم وعليم ، وقادر وقدير.
وإنما أرادوا بذلك الوقيعة في المرتضى رضوان الله عليه والحطّ عن رتبته. وهيهات لا يخفى على البصر النّهار.
وذهب بعض من يخالفهم الى أنّ المرتضى ـ رضوان الله عليه ـ لما كان باب المدينة ، ولا يوصل إلى المدينة إلاّ من جهة بابها ، فكذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم مدينة العلم والنبوة ، ولا يوصل إلى علم النبي إلاّ من جهة علي.
وهذا أيضا غلو وتجاوز عن الحدّ ، نستعيذ بالله مما يوجب سخط الله ، لأنّهم يتطرّقون بذلك إلى إبطال إمامة الشيخين ، ثم إلى إبطال إمامة ذي النورين! وإن كان الأمر على ما قالوا لما كان يوصل إلى العلم والأحكام والحدود وشرائع الإسلام إلاّ من جهته ، ولكان فيه إبطال كلّ حديث لم يكن المرتضى طريقه ، ولكان فيه إبطال كثير من شرائع الدين التي أجمعت عليها الأمة باليقين.
ووجه الحديث عندنا : إنّ المدينة لا تخلو من أربعة أبواب ، لأنّها مبنيّة على أربعة أركان وأسباب ، ففي كل ركن باب ، وقد كان المرتضى أحد أبوابها ، وكان الخلفاء الثلاثة قبله هم الأبواب الثلاثة ، وهذا وإن كان صحيحا في المعنى والحكم فإنّ تخصيص النبي عليهالسلام إيّاه بلفظة باب مدينة العلم يدل على تخصيص كان له في العلم والخبرة وكمال في الحكمة ونفاذ في القضية ، وكفى بها رتبة وفضيلة ومنقبة شريفة جليلة » (١).
أقول : لا ريب في أنّ الصحيح هو الوجه الثاني ، لكنّ العاصمي رماه بالغلو والتّجاوز ، لأنّه يقتضي إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام بعد رسول الله صلّى
__________________
(١) زين الفتى في تفسير سورة هل أتى. مخطوط.