يكن المرتضى طريقه ، ولكان فيه إبطال كثير من شرائع الدين التي أجمعت عليها الامّة باليقين » فإنّ هذا الكلام بعينه يتوجّه إلى الوجه الذي اختاره ، ولا سيّما وأنّ أهل السّنة يأخذون عن كلّ من دبّ ودرج من أصحابهم ، وأنّ روايات غير الخلفاء في مصادر الحديث عندهم اكثر بكثير من روايات الخلفاء.
ومن الطّريف قول العاصمي بعدئذ : « وهذا وإن كان صحيحا في المعنى والحكم ، فإن تخصيص النبي عليهالسلام إيّاه بلفظة باب مدينة العلم يدلّ على تخصيص كان له في العلم والخبرة وكمال في الحكمة ونفاذ في القضيّة ، وكفى بها رتبة وفضيلة ومنقبة شريفة جليلة ». فإنه بعد ما حاول تأويل الحديث وتوجيهه بما ذكره لم يجد بدّا من الاعتراف بتخصيص أمير المؤمنين عليهالسلام بهذه الفضيلة ، لعدم وصف أولئك بلفظ « باب مدينة العلم » أو نحوه لا في هذا الحديث ولا في غيره من الأحاديث ، فاعترف بدلالة هذا التخصيص « على تخصيص كان له في العلم والخبرة وكمال في الحكمة ونفاذ في القضية ، وكفى بها رتبة وفضيلة ومنقبة شريفه جليلة » وهذا يفيد أعلمية الامام عليهالسلام.
فهذا الحديث يدلّ على إمامته من جهة دلالته على الأعلمية. كما يدلّ على الامامة من جهة دلالته على أنّه لا يوصل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ من جهته عليه الصلاة والسلام.
فكلام العاصمي هذا يتضمّن وجها آخر لدلالة حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام. والله يحق الحق بكلماته ، ويبطل الباطل بقواهر حججه وبيّناته.