الاستحياء حيث قال :
« ثم ساروا إلى دمشق وخالد على مقدمة الناس وقد اجتمعت الروم إلى رجل منهم يقال له ياهان بدمشق ، وقد كان عمر عزل خالد بن الوليد واستعمل أبا عبيدة على جميع الناس ، فالتقى المسلمون والروم فيما حول دمشق فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثم هزم الله الروم وأصاب منهم المسلمون ، ودخلت الروم دمشق فغلّقوا أبوابها ، وجثم المسلمون عليها فرابطوها حتى فتحت دمشق وأعطوا الجزية. وقد قدم الكتاب على أبي عبيدة بإمارته وعزل خالد ، فاستحيى أبو عبيدة أن يقرئ خالدا الكتاب حتى فتحت دمشق ، وجرى الصلح على يدي خالد وكتب الكتاب باسمه » (١).
ولكنّ هذا العذر غير مقبول ، إذ لا مجال للحياء في إنفاذ الأمور الدّينية ولا سيّما الأمارة ونحوها ، على أن كتاب عمر إلى أبي عبيدة ينادي ببطلان هذا العذر ، حيث كتب له ـ كما في ( فتوح الشام للواقدي ) : « بسم الله الرحمن الرحيم : من عبد الله أمير المؤمنين وأجير المسلمين إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح ـ سلام عليكم ، فإني أحمد الله الذي لا إله إلاّ هو ، وأصلّي على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم. وقد وليّتك على أمور المسلمين ، فلا تستحي فإنّ الله لا يستحي من الحقّ شيئا ».
واعتذر له سبط ابن الجوزي بأنه قد كتم الحال حياء من خالد وخوفا من اضطراب الأمور ، حيث قال في ( مرآة الزّمان ) : « فكتب عمر إلى أبي عبيدة : سلام عليك ، أما بعد فإنّي قد عزلت خالدا عن جند الشام وولّيتك أمرهم ، فقم به. والسلام. فوصل الكتاب إلى أبي عبيدة ، فكتم الحال حياء من خالد وخوفا من
__________________
(١) تاريخ الطبري ٣ / ٤٣٥.