وقد بلغت دعوى الذهبي هذه من البطلان حدّا حتى ردّ عليها الحافظ ابن حجر العسقلاني ، وتعقّبه بكلامه الحق الحقيق بالقبول ، ولنورد أوّلا نصّ كلام الذهبي في الميزان :
قال « جعفر بن محمد الفقيه ، فيه جهالة ، قال مطين : حدثنا جعفر ، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس [ قال ] : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها. [ و ] هذا موضوع » (١).
فقال ابن حجر : « هذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم ، أقلّ أحوالها أن يكون للحديث أصل ، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع » (٢).
وردّ ابن حجر المكّي ـ على ما هو عليه من التعصّب والتعنّت ـ على القول بوضع الحديث بعد أن نسبه إلى جماعة ـ منهم الذهبي في ميزانه ـ وهذا نصّ كلامه : « وهؤلاء وإن كانوا أئمّة أجلاّء ، لكنّهم تساهلوا تساهلا كثيرا كما علم مما قرّرته ، وكيف ساغ الحكم بالوضع مع ما تقرّر أنّ رجاله كلّهم رجال الصحيح إلاّ واحد فمختلف فيه؟! ويجب تأويل كلام القائلين بالوضع بأن ذلك لبعض طرقه لا لكلّها ، وما أحسن قول بعض الحفاظ في أبي معاوية أحد رواته المتكلّم فيهم بما لا يسمع : هو ثقة مأمون من كبار المشايخ وحفّاظهم ، وقد تفرّد به عن الأعمش ، فكان ما ذا؟ وأيّ استحالة في أنّه صلّى الله عليه وسلّم يقول مثل هذا في حق علي؟ ... »
__________________
(١) ميزان الاعتدال : ١ / ٤١٥.
(٢) لسان الميزان : ٢ / ١٢٢.