فتأهّب لذلك أهبته وأعدّ لذلك عدّته » (١).
أقول : لقد آذى عمر بكلامه المذكور رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأغضبه حتى احمرّت وجنتاه ، ولقد حاول أهل السنّة إخفاء هذا الأمر ، ولكنّه لا يخفى على المتتبّع للأخبار والآثار ، قال الطبري في ذكر غزوة بدر : « ثنا محمد بن عبيد المحاربي قال : ثنا إسماعيل بن ابراهيم ابو يحيى قال : ثنا المخارق ، عن طارق ، عن عبد الله بن مسعود قال : لقد شهدت من المقداد مشهدا لأن أكون أنا صاحبه أحبّ إليّ ممّا في الأرض من شيء ، كان رجلا فارسا وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا غضب احمارّت وجنتاه ، فأتاه المقداد على تلك الحال فقال : أبشر يا رسول الله ، فو الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : ( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ ) ولكن والذي بعثك بالحق لنكوننّ من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ، أو يفتح الله لك » (٢).
وقد أسقط بعض مؤرّخيهم كلامي أبي بكر وعمر الدال أحدهما على الجبن والخور والآخر على مدح أهل الكفر والجور ... ففي ( طبقات ابن سعد ) « ومضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش ، فأخبر به رسول الله « ص » أصحابه واستشارهم ، فقال المقداد بن عمرو البهراني : والذي بعثك بالحق لو سرت إلى برك الغماد لسرنا معك حتى ننتهي إليه » (٣).
وأسقطهما البعض الآخر ، وجعل في مكان كلّ واحد « قال فأحسن » ثم ذكر كلام المقداد بتمامه ... ففي ( سيرة ابن هشام ) : « وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا غيرهم ، فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش. فقام أبوبكر الصديق فقال وأحسن. ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن. ثم قام المقداد بن عمرو فقال :
__________________
(١) السيرة الحلبية ٢ / ٣٨٦.
(٢) تاريخ الطبري ٢ / ١٤.
(٣) طبقات ابن سعد ٢ / ٤٣٤.