ومعارضة كلّ فرقة من الكتابيين بما في كتبهم ، وإعلامهم بأسرارها ومخبّآت علومها ، وإخبارهم بما كتموه من ذلك وغيره.
إلى الاحتواء على لغات العرب وغريب ألفاظ فرقها والإحاطة بضروب فصاحتها ، والحفظ لأيّامها وأمثالها وحكمها ومعاني أشعارها ، والتخصيص بجوامع كلمها ، إلى المعرفة بضرب الأمثال الصحيحة والحكم البيّنة ، لتقريب التفهيم للغامض والتبيين للمشكل.
إلى تمهيد قواعد الشرع الذي لا تناقض فيه ولا تخاذل ، مع اشتمال شريعته على محاسن الأخلاق ومحامد الآداب وكلّ شيء مستحسن مفضّل لم ينكر منه ملحد ذو عقل سليم شيئا إلاّ من جهة الخذلان ، بل كلّ جاحد له وكافر به من الجاهلية إذا سمع ما يدعو إليه صوّبه واستحسنه ، دون طلب إقامة برهان عليه ، ثمّ ما أحلّ لهم من الطّيبات وحرّم عليهم من الخبائث ، وصان به أنفسهم وأعراضهم وأموالهم من المعاقبات والحدود عاجلا والتخويف بالنار آجلا.
إلى الاحتواء على ضروب العلوم وفنون المعارف كالطب والعبادة والفرائض والحساب والنسب وغير ذلك من العلم ، ممّا اتّخذ أهل هذه المعارف كلامه عليهالسلام فيها قدوة وأصولا في علمهم ...
هذا ، مع أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان لا يكتب ، ولكنّه أوتي علم كلّ شيء ... ولا سبيل إلى جحد الملحد بشيء ممّا ذكرناه ، ولا وجد الكفرة حيلة في دفع ما نصصناه ، إلاّ قولهم : أساطير الأوّلين ، وإنّما يعلّمه بشر ، فردّ الله قولهم بقوله : ( لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) ... » (١).
وقال الرازي في بيان الحجج على أفضليّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم من سائر الأنبياء عليهمالسلام :
« الحجة السادسة عشرة : قال محمّد بن عيسى الحكيم الترمذي في تقرير
__________________
(١) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى : ٤١٢ ـ بشرح القاري.